قال الإعلام الموالي لأميركا أن سبب أعمال العنف التي اندلعت مؤخرا في لبنان هو الضغط السوري على السلطات اللبنانية لكي تتحرك لمنع تهريب السلاح والإرهابيين إلى سورية، وهو ما أدى أخيرا إلى استجابة السلطات اللبنانية التي اعتقلت شخصا من العصابات الوهابية في مدينة طرابلس من الذين يقول الإعلام الموالي لأميركا أنهم متورطون في الأعمال الإرهابية في سورية.
المحور الأميركي فسر ما حدث في لبنان على أنه محاولة من سورية لنشر الفوضى في المنطقة، ولهذا السبب نشرت صحيفة الشرق الأوسط قبل يومين الكلام التالي لمسؤول أميركي:
http://www.awsat-a.com/details.asp?section=4&issueno=12223&article=677484&state=true
بيروت: ثائر عباس
حذر مصدر دبلوماسي أميركي رفيع المستوى من أن الوضع السوري كلما طال الوقت قبل حل الأزمة السورية، كثرت النتائج السلبية على دول المنطقة و«يصبح خطر تسرب العناصر الراديكالية أكبر إلى الداخل السوري، ومنه إلى الدول المحيطة كلبنان». واتهم المصدر في لقاء مع «الشرق الأوسط» النظام السوري بعدم تنفيذ بنود خطة أنان، معتبرا أنه «على المجتمع الدولي اتخاذ قرار قريب بشأن هذه الخطة»، مشيرا إلى أنه في حال فشلها، سيكون المجتمع الدولي على موعد مرة جديدة مع مجلس الأمن، آملا أن تكون «الدول المترددة» قد غيرت رأيها في ذلك الوقت.واستغرب المصدر محاولات البعض وضع العالم والسوريين أمام خيار من اثنين، بقاء الأسد أو الفوضى والحرب الأهلية، معتبرا أن هذا المنطق «سخيف»، فلا يمكن للحكومات الاستبدادية أن تحمل التغيير وتقدم الحلول؛ طالما أنها لا تمثل شعبها بالفعل.
وقال المصدر الدبلوماسي الأميركي، الذي طلب عدم تعريفه، إن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان حرص خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان على متابعة لقاءاته مع النخب المسيحية من مفكرين وسياسيين، بهدف سبر أسباب «القلق» المسيحي حيال التطورات الأخيرة في العالم العربي. ويعترف المصدر بأن الولايات المتحدة تدرك تماما وجود هذا القلق المسيحي حيال الربيع العربي، خصوصا بعد ما حصل في مصر من مواجهات طائفية. وأشار إلى أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التقت عددا من الشخصيات – من بينهم لبنانيون – تحدثوا حول هذا الموضوع أيضا.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة «لاحظت وجود قلق مسيحي سببه الوضع في العراق ومصر وسوريا، وقد أردنا أن نعرف ماذا يجول في خاطرهم حولها، خصوصا من بعض السياسيين اللبنانيين». وأوضح المصدر أن «فيلتمان التقى هذه المرة بشكل أساسي مع قيادات 14 آذار من المسيحيين، لكنه التقى أيضا مطران بيروت للموارنة بولس مطر ومطران بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة»، ليخلص المصدر إلى القول إن «الأميركيين لم يسمعوا في هذه اللقاءات ما يفاجئهم».
وأشار المصدر إلى أن فيلتمان كرر أمام من التقاهم ما قالته الوزيرة الأميركية عند اتصالها بالرئيس ميشال سليمان، لتهنئته بكلمته أمام القمة العربية، وخصوصا من حيث «دعوته إلى المحافظة على المكونات البشرية المتنوعة للعالم العربي ضمن الوحدة»، فعندما يتحدث الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة عن أوضاع المسيحيين، لا بد من الاستماع إلى كلمته بعناية واهتمام. وقال المصدر: «نحن نحاول الاتصال بالجميع، ولا أحد يريد رؤية المسيحيين يخرجون من المنطقة».
وإذ يشير المصدر إلى تزامن زيارة فيلتمان مع زيارة وفد إيراني كبير برئاسة نائب الرئيس إلى لبنان، لا يفوته أن يلاحظ أنه على رغم ضخامة الوفد الإيراني، فإنه لم يتم توقيع سوى اتفاق واحد ولم يحصلوا على مرادهم، و«هذا نجاح دبلوماسي كبير لنا». ويقول: «عندما يأتي وفد من مائة شخص، فإن من أرسله يتوقع الحصول على نتائج كبيرة وهذا ما لم يحصل»، ورغم أن المصدر لا يزعم وجود «دور أميركي» في هذا، فإنه رأى، في عدم تجاوب الحكومة اللبنانية مع الضغوط الكبيرة التي مورست عليها محليا لتوقيع اتفاقات مع إيران، «إشارة جيدة». وأضاف المصدر: «عندما أتت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قلنا إننا سنحكم عليها من خلال أفعالها، ورغم ملاحظاتنا حول كيفية وصول هذه الحكومة وملابسات تأليفها، فإنه لا يسعنا إلا أن نعطيها حقها في الإشادة بما قامت به».
ونفى المصدر بشدة ما تردد عن قيام فيلتمان برسم 3 خطوط حمراء، الأولى لقوى «14 آذار» وتتعلق بعدم المس بحكومة ميقاتي، والآخرين للحكومة ويتعلقان بمنصبي حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش اللبناني. وقال: «نحن نعرف أن قوى 14 آذار ليست سعيدة بحكومة ميقاتي، وما تقوم به بهذا الخصوص هو أمر يعود إليها، أما علاقتنا بحاكم مصرف لبنان وقائد الجيش فهي علاقة مؤسساتية مع المؤسستين، لا مع الأشخاص رغم إشادتنا بأداء القائمين عليها. ففيما يتعلق بالمصرف المركزي هناك أمور تهمنا، منها مواضيع تبييض الأموال وكيفية مكافحتها، وموضوع التزام لبنان بالعقوبات الدولية، ولدينا علاقة شراكة مع الجيش اللبناني تقوم على المساعدة في التسليح والتدريب».
أما فيما يتعلق بحكومة ميقاتي، فيقول المصدر: «نريد من لبنان البقاء بعيدا عن النظام السوري.. طبعا نحن نرغب في شدة في أن يبتعد لبنان مسافة أكبر بكثير مما هو حاصل، لكن الواقعية تجعلنا نفهم سياسة النأي بالنفس التي يتبعها لبنان».
ورأى المصدر أن الوضع السوري يبدو متجها إلى مزيد من التأزيم ومزيد من الوقت، وكلما طال الوقت، كثرت النتائج السلبية على دول المنطقة ويصبح خطر تسرب العناصر الراديكالية أكبر إلى الداخل السوري ومنه إلى الدول المحيطة كلبنان. وإذ أشار المصدر إلى أن النظام السوري لم يلتزم بخطة أنان لا من جهة وقف إطلاق النار، ولا من جهة السماح بالمظاهرات السلمية وصولا إلى فتح الحوار مع المعارضة، قال: إن «الولايات المتحدة خائبة الأمل مما يجري، ومن المعادلات القائمة في مجلس الأمن التي تمنع التصويت على قرارات حاسمة تساعد السوريين». وأضاف: «عندما صدرت خطة أنان كنا واضحين لجهة المطالبة بسرعة تطبيقها، ولا أتوقع أن يطول الوقت قبل أن يتم اتخاذ قرار بنجاحها أو فشلها».
وحول خطة ما بعد الفشل، يقول المصدر: «سنذهب إلى جولة جديدة من المباحثات في مجلس الأمن»، مشيرا إلى أن واشنطن مهتمة جدا بما يجري في سوريا، لكن المشكلة في سوريا أن وضعها معقد ويؤثر إلى حد كبير في المنطقة ككل. وأضاف: «أعتقد أنه على المجتمع الدولي أن يتخذ قرارا بشأن خطة أنان وتحديد نتيجة لها. إنها عملية ضرورية لسوريا والمجتمع الدولي للعمل من خلالها عبر الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. وعندما يتم اتخاذ قرار بشأن خطة أنان، آمل أن يكون أعضاء المجتمع الدولي المترددون قد غيروا رأيهم حينها. بعض أعضاء المجتمع الدولي متفقون على سبل المضي قدما في سوريا، ولكن ليس الجميع هناك. إنه أمر محبط للجميع، وللمعارضة والشعب السوري واللبناني».
وإذ لاحظ المصدر أن ثمة من يقول بأن بقاء الأسد أفضل من ذهاب سوريا نحو حرب أهلية وطائفية أو نحو الفوضى، قال: إن هذا المنطق «سخيف.. فلا يمكن للحكومات الاستبدادية أن تحمل التغيير وتقدم الحلول طالما أنها لا تمثل شعبها بالفعل». وأضاف: «لا يمكن وضع الناس أمام خيارين مماثلين. الأسد لا يقوم بتسهيل عملية الانتقال إلى الديمقراطية، والسوريون الثائرون يطالبون بحقوقهم الأساسية. الأمر لا يمكن أن يكون مقايضة بين بقاء الديكتاتور أو الفوضى».
ويستغرب المصدر بشدة الكلام عن أن الولايات المتحدة لا تتحرك في سوريا لأن إسرائيل لم تتخذ قرارا بعد بشأن رحيل النظام السوري، فيؤكد أن الأمور ليست هكذا. ويختم المصدر بالتأكيد على أنه «منذ شهر يوليو (تموز) دعت الولايات المتحدة الأسد إلى التنحي»، وأن «سياستنا الثابتة في هذا الشأن تبين أن هذا ليس هو الحال». وأشار إلى أنه «يعود للشعب السوري اتخاذ القرار ورسم ما هي الخطوة التالية، ونحن لا نعتقد أن ما يطلبه الشعب السوري غير معقول».
أيضا الإعلام الموالي لأميركا ربط بين كلام الأسد الأخير عن انتشار الفوضى في المنطقة وبين ما يحدث في لبنان.
في المقابل الإعلام “الممانع” في لبنان زعم أن اعتقال زعيم العصابة الوهابية جاء بطلب من أميركا، وبالأمس ظهر تقرير صحيفة “واشنطن بوست” الذي اعترف بأن أميركا متواطئة مع السعودية في رعاية الإرهاب في سورية. وفي نفس اليوم أبدى المتحدث باسم البيت الأبيض ما أسماه “خشيته من الحرب الطائفية في سورية”.
المقال التالي كتبه الصحفي “الممانع” “سامي كليب” في جريدة السفير:
سامي كليب -
كل قتيل يسقط في شمال لبنان خسارة. لعبة الامم أكبر من كل هؤلاء الذين يتقاتلون على الأرض، لا بل أكبر من معظم محركيهم. تغيرت المعادلة منذ جاهرت واشنطن بأن «القاعدة» اخترقت المعارضة السورية. صار الهم الاميركي الاول ان يتم ضرب «القاعدة» في سوريا والشمال اللبناني. ولو نسي البعض المعادلة الدولية فهذا نائب وزير الخارجية الروسية غينادي غاتيلوف يذكِّر بأن «القاعدة» ومجموعات إرهابية تقف وراء التفجيرات في سوريا.
يمكن أن يُعرِّج المرء أيضا على تصريح لمسؤول اسرائيلي كبير في لواء الشمال نقلت كلامه «فرانس برس» من دون ذكر اسمه. قال «إن إسرائيل قلقة من وصول «القاعدة» إلى هضبة الجولان السورية». هذا في العلن، أما في السر، فيعرف بعض الأمنيين في دمشق وبيروت كيف تقاطر في الشهرين الماضيين مسؤولون أمنيون أميركيون وأوروبيون للوقوف عن قرب على وضع «القاعدة» ودورها في سوريا ولبنان، فيما الأميركيون والبريطانيون يقاتلون «القاعدة» في اليمن.
كان يراد للشمال اللبناني ان يكون مواجها للجنوب. حصل تأجيج مذهبي محلي وإقليمي كبير. تمحور التأجيج حول الهدف الأسمى للمحور الغربي، أي تطويق إيران وضرب جناحيها في سوريا وجنوب لبنان. انقلب السحر على الساحر. (ألم ينقلب سابقا في علاقة «طالبان» وبن لادن باميركا)؟
بدأت المعادلة الدولية تتغير. لم تتغير بعد هي فقط بدأت. تبين ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصعب مما كان متوقعا. قال كلاما مفصليا بعيد عودته رئيسا. أكد من قلب الكرملين حيث كان يمشي كالقيصر او قُلْ كالطاووس، إنه ضد التدخل الدولي في شؤون الدول. شدد على ما قاله من قبله عدد من المسؤولين العسكريين حول الرفض المطلق للدرع الصاروخية. تعامل بوتين مع أميركا والغرب باستخفاف. قرر عدم الذهاب الى قمة الدول الثماني في كامب دايفيد ولا إلى قمة حلف الاطلسي. الشروط الروسية للصفقة الدولية كبيرة، وباراك اوباما يجد نفسه أعجز من أن يحققها وهو يسعى لولاية ثانية.
يتسلح بوتين بأنه لا يزال رئيسا «طازجا»، فيما اوباما تحت رحمة «لوبيات» كثيرة، ونيكولا ساركوزي ترنح وسقط، وأنجيلا ميركيل اصيبت بنكسة انتخابية امام خصومها الاشتراكيين قبل أيام والدول الأوروبية بمجملها تكافح تصحُّر المال في هذه الاوقات الدولية الصعبة. يتسلح بوتين أيضا بتحالف دولي كبير عبر دول البريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا)، كما يتسلح إقليميا بحليفين أثبتا انهما ما يزالان أقوى مما اعتقد البعض، الأول، في إيران، أبرزت الانتخابات الأخيرة قوة المحافظين، والثاني، في سوريا بدليل تماسك الجيش السوري حول النظام فيما المعارضة آخذة بالتفكك، ناهيك عن دلالات نتائج الانتخابات الأخيرة.
ما عاد أمام الغرب سوى البحث عن تسويات مع الروس. القيصر الروسي يفرض الشروط لأية تسوية. معادلة القوة تبدو لصالحه. كان أول من جاهر بوجود مسلحين وإرهابيين في سوريا. ها هي «القاعدة» تطل برأسها في سوريا وشمال لبنان، وها هو «حزب الله» يرفع المعادلة الإقليمية الى أقصى درجات توازن الرعب عبر الخطاب الاخير للسيد حسن نصر الله. بات الغرب يقلق فعليا من الصورة المشوشة المحيطة بانتشار «الإخوان المسلمين» في المنطقة خصوصا بعد ان ظهر خلفهم سلفيون، وبعد ان عاد البعض للقول بأن اسرائيل «عدوة» وأنه لا بد من اعادة النظر بمعاهدة كامب دايفيد بين مصر وإسرائيل.
ينتظر كثيرون ان تكون مفاوضات إيران مع الغرب في بغداد (5+1) حاملة بوادر حلحلة. يفسر البعض تلويح دول الخليج بالوحدة وخصوصا بين السعودية والبحرين، والكلام الذي صدر عن القمة الخليجية التشاورية في السعودية قبل يومين ضد إيران، مؤشرا على استياء خليجي من الغزل القائم بين طهران وواشنطن ومن الخط الهاتفي الساخن الذي أقيم بين العاصمتين. كيف لا يشعر الخليجيون بذلك وقد جاءتهم الصدمة الاولى من الحليف الاميركي الذي رفض الطلب السعودي ـ القطري بتسليح المعارضة السورية؟
قد يحصل انفراج في الملف النووي الايراني. هذا مرجح، ولكنه قد لا يحصل أيضا. الأهم أن ثمة تراجعا لافتا للانتباه من قبل المحور الاميركي الغربي خصوصا ان بؤر التوتر التي أسس لها من العراق الى افغانستان صارت ترتد عليه وتؤثر على ناخبيه وسط ازمة اقتصادية خانقة.
في هذا الوقت بالذات، تنفجر طرابلس. ثمة تنسيق أمني دقيق بين جهات رسمية لبنانية وسورية وغربية تفيد بضرورة وقف تمدد «القاعدة» والحركات السلفية في المنطقة… سبق ذلك لقاءات أمنية بين مسؤولين في لبنان وسوريا وبعض دول الخليج (بما في ذلك السعودية نفسها والأمير مقرن بن عبد العزيز يعرف ذلك اكثر من غيره).
كل ذلك يؤشر إلى بداية ضوء أخضر، ذلك ان القادر على ضبط كل هذا التمدد معروف لا بل ومجرب أيضا مهما كانت التصريحات الدولية ضده. أما إذا كان المقصود نصب فخ لسوريا و«حزب الله»، فإن الآتي أعظم.
ظاهر المعلومات السابقة يوحي بأن أميركا تنتهج سياسة الوجهين، فمن جهة هي اتهمت النظام السوري عبر جريدة “الشرق الأوسط” السعودية بأنه ينشر الفوضى في لبنان وبأنها لن تقبل ببقائه، ومن جهة ثانية يتحدث الإعلام الممانع عن تنسيق أميركي مزعوم ضد العصابات الوهابية.
ما هو سر هذا التناقض الظاهر؟
ربما يربط البعض هذا التناقض بالمفاوضات الجارية مع إيران. إسرائيل حاليا تعيش حالة رعب من المفاوضات مع إيران. بالأمس إيهود باراك قال أن هناك صفقة محتملة قريبة بين أميركا وإيران حول الملف النووي، ولكنه أبدى رفضه لهذه الصفقة وقال أن إيران ستعمل في السر على تصنيع سلاح نووي. موقع دبكا الإسرائيلي كان خلال الشهر الماضي ينشر تقريرا كل يومين عن جهود إيرانية سرية مزعومة لتصنيع سلاح نووي. الموقع يحاول بنشر هذه المقالات التأثيرعلى الرأي العام الأميركي لإحباط الصفقة المنتظرة مع إيران.
الإعلام الأميركي يروج لمقولة أن باراك أوباما يريد عقد هذه الصفقة مع إيران لأسباب انتخابية. باراك أوباما حسب رأيهم يريد أن يقول للرأي العام الأميركي أنه حل المشكلة الإيرانية بدون حرب وأنه ليس فاشلا في السياسة الخارجية كما يروج اللوبي الصهيوني-الوهابي.
أنا بصراحة لا أعتقد أن أوباما قبل بالصفقة مع إيران لأسباب انتخابية. الأسباب الانتخابية هي أسباب ثانوية وهامشية (مجرد قنبلة دخانية). السبب الحقيقي لعقد الصفقة مع إيران هو أن توازن القوى لا يسمح لأميركا أن تفعل أي شيء آخر. الكلام عن الأسباب الانتخابية هو كلام للاستهلاك الدعائي الأميركي وهو كلام معتاد في النظام السياسي الأميركي القائم على الدعاية المفرطة والبهورة والتضليل الإعلامي الممنهج.
ما يقرر السياسة الخارجية للنظام الأميركي ليس رغبة الرئيس ومصالحه الانتخابية وإنما مصالح الطبقات المنتفعة من النظام، والتي هي عبارة عن شبكة كبيرة من النخب الاقتصادية والاجتماعية التي تحكم أميركا منذ إنشائها. هذه النخب لديها عقيدة قومية متشددة وهي تعمل وفق مبدأ صراع البقاء ونظرية التطور لدارون (القوي يأكل الضعيف). الهدف الذي يعملون لأجله هو السيطرة على العالم بالكامل وتسخيره لأجل منفعة أميركا، وهم يبنون كل سياساتهم الخارجية على هذا الأساس. لا يمكن لأوباما أو أي شخص آخر أن يتخذ قرارا يعاكس الخط العام للنظام الأميركي.
أنا دعوت من قبل لإنشاء نظام مماثل للنظام الأميركي في سورية. النظام السوفييتي خسر الصراع مع أميركا لأنه كان يستند إلى مبادئ ومثل أخلاقية، بينما النظام الأميركي يستند إلى مبادئ توسعية استعمارية استغلالية لا علاقة لها بالأخلاق. لا يمكن لنظام قائم على الأخلاق أن ينافس نظاما كالنظام الأميركي، ونحن رأينا كيف أن النظام السوفييتي انتهى بمهزلة مضحكة في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات عندما قام بشكل طوعي بتسليم نفسه إلى أميركا ظنا منه أنه بذلك يحقق السلام العالمي.
السلام العالمي لا يتحقق بتسليم العالم لقوة غاشمة كالنظام الأميركي. مشكلة كثير من الجهلة في العالم هي أنهم يحكمون على النظام الأميركي انطلاقا من دعايته وشعاراته وإعلامه، وهذه مهزلة حقيقية لأننا لو أردنا أن نحكم على الأنظمة من دعاياتها فهذا يعني أننا لن نعرف عنها شيئا. أبسط طريقة في رأيي لفهم عقلية النخبة الحاكمة في أميركا هي بقراءة تاريخها. التاريخ الأميركي واضح جدا وليس فيه أي غموض. النخبة الأميركية كانت منذ البداية تنظر لسكان أميركا الأصليين على أنهم شعوب متخلفة جاهلة كسولة لا تحسن استغلال أراضيها ومواردها، ولهذا قاموا بالاستيلاء على أراضيها تحت شعار أن من لا يستغل أرضه لا يحق له الاحتفاظ بها. وبعد ذلك تابعوا توسعهم غربا تحت شعارات غريبة عجيبة كشعار “Manifest Destiny” (“القدر الجلي”) وهو شعار شبيه بشعار “الوعد الإلهي” الصهيوني والمقصود به أن الله أعطى أميركا قارة أميركا الشمالية بكاملها ولا بد لأميركا أن تسيطر على هذه القارة بكل الوسائل.
النخبة الأميركية التي تسيطر على النظام الأميركي هي نخبة متغطرسة للغاية وهي ترى نفسها أرقى من شعوب العالم الأخرى (خاصة الشعوب المتخلفة مثلنا)، وهي لهذا السبب تعتقد أن استيلاءها على أراضينا ومواردنا هو قدر جلي وحق إلهي لأميركا. جورج بوش الصغير كان واضحا حين قال أن الله ألهمه أن يغزو العراق.
هدف أميركا هو التخلص من كل الأنظمة الوطنية في العالم وتنصيب أنظمة على شاكلة النظام السعودي. النظام السعودي هو النموذج الأميركي المثالي. هي تريد أنظمة تعمل على تدمير مصالح شعوبها ومسخ هويتها الوطنية وترسيخ فكر التبعية والعبودية لأميركا، وهذا مجرد تمهيد لمرحلة لاحقة تقوم فيها أميركا بالتمدد عالميا على النمط الذي ذكره هتلر في كتاب “كفاحي”.
مشكلة النظام الأميركي هي أنه لا يملك ما يكفي من البشر لحكم العالم، وربما لهذا السبب نرى أن النظام الأميركي أشعل طوال القرن العشرين عشرات الحروب الدموية بهدف تقليل عدد سكان العالم. النظام الأميركي يقيم الدنيا إن قتل مواطن أميركي، ولكنه لا يمانع إبادة ملايين العراقيين والسوريين. أنا بصراحة أعتقد أن النخبة الأميركية تريد في قرارة نفسها إهلاك أكبر عدد ممكن من السوريين والعراقيين لأسباب استعمارية شبيهة بما كان يحصل في الحروب ضد الهنود الحمر.
منطقة سورية والعراق هي منطقة خطيرة لأنها تهدد سيطرة أميركا على الخليج وتهدد إسرائيل التي هي قاعدة أميركية استعمارية بامتياز. أنا أعتقد أن أميركا عندما حاصرت العراق ودمرت قطاع الصحة فيه كانت تريد فيما تريد تدمير النمو السكاني للعراق. أميركا تريد لمنابع النفط أن تكون خالية من السكان حتى تكرر فيها سيناريو “القدر الجلي” الذي طبقته في قارة أميركا الشمالية. هي تريد أن تكون منطقة الشرق الأوسط على شاكلة دويلات الخليج—دويلات وهمية خالية من السكان وظيفتها فقط تصدير المواد الخام إلى أميركا.
النمو السكاني لا يمكن أن يتم في ظل ظروف كالظروف التي خلقتها أميركا في العراق وتخلقها الآن في سورية. أميركا ببساطة لا تريد أن تنشأ في هذه المنطقة أمة أو دولة حقيقية. هي تريد القضاء على كل مكونات الأمة العربية بدءا من الاقتصاد ووصولا حتى إلى السكان. هي تريد أحد خيارين:
- إما الأرض بلا سكان—كما فعلت في العراق وتفعل الآن في سورية وليبيا.
- أو الأرض مع سكان من العبيد—كما فعلت في الجزيرة العربية.
النخبة الأميركية تحتقر في قرارة نفسها العرب ولا تعتبرهم أمة. هي تحترم الإيرانيين وحتى المصريين بالمعنى القديم (أي المعنى الفرعوني الانعزالي)، أما العرب فهم حسب العقلية الأميركية ليسوا أمة بل شعوب من الهنود الحمر الذين لا يستحقون أراضيهم ويجب إبادتهم. هذا الكلام بإمكاني إيراد مئات الأدلة عليه من الكتابات الأميركية لو أردت ذلك. أنا أقرأ كثيرا في الكتب والأدبيات الغربية ولطالما مرت علي مفاهيم عنصرية كهذه في تلك الكتابات (سواء تلميحا أم تصريحا). وأصلا من يراقب سياسة النظام الأميركي في المنطقة طوال القرن العشرين يجد أن أميركا كانت تعمل بشكل ممنهج على تدمير وجود العرب كأمة. هي في البداية دمرت جمال عبد الناصر ثم دمرت العراق وليبيا والآن تدمر سورية. هي تريد أن تجعل النظام السعودي هو المهيمن على العالم العربي. نحن نركز كثيرا على سعود الفيصل وسياساته ولكننا ننسى أن سعود الفيصل هو في الحقيقة ليس أكثر من مجرد عبد وخادم لدى أميركا وهو ليس طرفا حقيقيا في الصراع في المنطقة. سعود الفيصل ليس هو من هزم عبد الناصر وليس هو من هزم صدام حسين والقذافي وبشار الأسد. سعود الفيصل هو مجرد كلب حراسة تسحبه أميركا وراءها لكي يحرس الأراضي التي استولت عليها هي وليس هو.
سعود الفيصل منزعج جدا من المقاومة في لبنان وهو حاقد على سورية بسبب “تدخلها” في لبنان. سورية تدخلت في لبنان بجهدها الذاتي، ولكن السؤال هو كيف استطاع سعود الفيصل أن يتدخل في لبنان؟ هل هو تدخل بنفوذه وجهده الذاتي؟ أم أنه مجرد كلب حراسة لأميركا وإسرائيل في لبنان؟ هذا السؤال إجابته موجودة في تاريخ لبنان الذي يستطيع الجميع قراءته. سعود الفيصل لم يرسل يوما جنديا إلى لبنان بل هو استمد نفوذه بالكامل هناك من الحروب الإسرائيلية ومن تدخلات حلف الناتو. لولا تدخلات أميركا وإسرائيل في لبنان لما كان لسعود الفيصل أي دور أو وجود هناك على الإطلاق، ونفس الأمر ينطبق على العراق وليبيا (ومستقبلا ربما سورية). سعود الفيصل لا يمتلك دورا في أي بلد إلا بعد أن تعطيه أميركا وإسرائيل هذا الدور. هم يدخلون ويقومون بالعمل الحقيقي بأنفسهم ثم بعد ذلك يرسلونه وراءهم لكي يعمل ككلب حراسة ناطق بالعربية.
عودة إلى الموضوع الأصلي. إذن الصفقة الإيرانية-الأميركية في رأيي لا تعود لأسباب انتخابية وإنما هي صفقة فرضها توازن القوى وصمود الأمة الإيرانية كما يقول قادة النظام الإيراني.
بالنسبة لقصة الوحدة بين السعودية والبحرين فتبين في النهاية أنها كانت مجرد مناورة من سعود الفيصل للضغط على أميركا وإيران ومحاولة إجهاض الاتفاق المنتظر بينهما. سعود الفيصل لا يجرؤ على ضم البحرين لأن أميركا لا يمكن أن تسمح له بذلك.
أميركا تحاول حفظ ماء وجه سعود الفيصل وإسرائيل بكلام مثل هذا:
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=677608&issueno=12224
مصدر مطلع: إيران لا تستطيع إخفاء آثار تجاربها العسكرية
فيينا: بثينة عبد الرحمن
قلل مصدر عليم بالمفاوضات الجارية بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران، حول برنامج الأخيرة النووي المثير للجدل، من قدرة طهران على إخفاء آثار تجاربها الذرية العسكرية في مجمع «بارشين»، إذا كان ذلك هدفها من المماطلة في طلب الوكالة الدولية لزيارة الموقع العسكري.. وفي سياق ذي صلة، أشار خبير نووي أميركي إلى أن وزير الخارجية الإيراني كان على صلة ببرنامج نووي سري في التسعينات من القرن الماضي، حين كان رئيسا لجامعة شريف، التي كانت واجهة لشبكة للمشتريات العسكرية الإيرانية.وتتطلع الأنظار ترقبا لنتائج قد تصدر عن جلسة المفاوضات بين إيران والوكالة التي حدد لها الاثنين المقبل كما أعلن الطرفان، مؤكدان أنهما سيواصلان التفاوض بغرض الاتفاق على وسيلة لحلحلة القضايا التي تصفها الوكالة بالعالقة، لا سيما قضية الاتهامات والشكوك بأن إيران تخفي أبعادا عسكرية لأنشطتها النووية. لكن مصدر عليم قلل مما يثار حول أن إيران سعت للتسويف وللتأخير في إبداء موقف تجاه طلب الوكالة السماح بزيارة مجمع ««بارشين» العسكري»، وذلك كون طهران تقوم حاليا بإجراء «عمليات تنظيف» وإزالة لإخفاء آثار ما أجرته من تجارب وانفجارات نووية بالمجمع.
وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن أية تجارب استخدمت فيها مادة اليورانيوم المنضب لن تستطيع إيران أو غيرها إخفاءها تماما؛ ولسنوات طويلة، مشيرا إلى قدرة المفتشين ومعداتهم التقنية الحديثة على العثور على آثار لذلك حتى بين الشقوق وبكشط الجدران وفي الهواء والغبار والتربة والزرع، ومذكرا بتجربة المفتشين مع المحاولات السورية السابقة لإخفاء آثار نشاط نووي بمنطقة دير الزور التي تم دكها دكا كاملا وتسويتها بالأرض تماما وإخفاء الركام؛ ورغم ذلك، فإن المفتشين عثروا على آثار مواد مشعة في العينات التي جمعوها وقاموا بتحليلها.
ها الكلام هو رد على المخاوف التي تثيرها إسرائيل من الاتفاق المنتظر مع إيران، ولكن الغريب (أو بالأحرى غير الغريب) هو أن الرد جاء عبر صحيفة سعودية.
بالنسبة للتنسيق الأميركي المزعوم مع سورية حول الإرهاب فهذا التنسيق في رأيي لا قيمة له إن وجد. هو يصب في مخطط أميركا لإسقاط سورية وليس العكس. أميركا ربما تريد التخلص من بعض العناصر المعادية لها في المعارضة السورية وإبقاء العناصر الموالية لها فقط. حاليا المعارضة السورية فيها بعض عناصر القاعدة المناوئين لأميركا، ووجود هؤلاء لا يخدم مخطط أميركا لإسقاط سورية. أميركا تريد أن تكون المعارضة السورية تابعة لها بالكامل حتى تتمكن من تسليحها وتدريبها بالشكل الأمثل. أيضا هي لا تريد أن تتمكن القاعدة مستقبلا من استهداف إسرائيل وشركائها من الأنظمة العربية.
باختصار هذا التنسيق الذي يحكى عنه بين أميركا وسورية لا يخدم سورية بل هو يأتي في إطار مخطط أميركا لإسقاط النظام السوري.
إعلان أميركا عن وجود تسليح سعودي-أميركي للمعارضة لا يعني بالضرورة أن أميركا تريد إيقاف هذا التسليح. هناك تفسيرات تكتيكية كثيرة لهذا الإعلان (أسباب انتخابية لأوباما، تربيح جميلة لآل سعود، مجاملة لإيران قبل المفاوضات ومحاولة تقديم تنازل وهمي، النأي بالنفس عن تهمة إفشال خطة عنان، إلخ).
خطة كوفي عنان لا تمنع تقديم السلاح للمعارضة السورية، وأكبر دليل على ذلك هو أن كوفي عنان لم يتفوه بحرف واحد ضد هذا الأمر. سكوت عنان واستمرار تدفق السلاح يعني أن كوفي عنان يبارك هذا الأمر. كوفي عنان كان يضغط لسحب الجيش السوري والآن هو مشغول بالضغط لإدخال المساعدات إلى المتمردين. أنا بصراحة لا أدري كيف يستقبل النظام السوري هذا المعتوه. هو لا يريد حتى أن يجامل ويتصرف بصفاقة منقطعة النظير. هو في رأيي يسعى لاستفزاز سورية حتى توقف التعاون معه وبعد ذلك يقدم تقريرا يقول فيه أن سورية رفضت التعاون. مهمته من الأساس لم تكن إلا فخا وشركا أميركيا.
أميركا ربما تكون تراهن على ما يقوله المتحدث في هذا البرنامج:
http://arabic.rt.com/prg/telecast/657329/
أميركا ربما تكون بالفعل تعد مؤامرة لروسيا في موضوع الغاز. أنا أقرأ دائما في الإعلام الغربي مراهنات على تدهور الوضع المالي لروسيا قريبا.
أميركا تنتظر فصل الصيف على ما يبدو لأنها تتوقع أن روسيا ستغير موقفها في ذلك الوقت. هي لا تفكر حتى الآن في التراجع وكل ما يقال عن تراجع أميركي هو مجرد كلام فارغ. أميركا تراجعت تكتيكيا ولكنها ما زالت تراهن على تغيير روسيا لموقفها من سورية.
مقابلة الأسد
مزيد من التطبيع مع إسرائيل
كما توقعت منذ أشهر، ما زالت الأنظمة الخليجية مستمرة في تصعيد الانفتاح والتطبيع مع إسرائيل. آخر إبداعات أمير قطر هي إرساله “ليلى الشيخلي” (وهي عراقية على ما أظن) كمندوبة لقناة الجزيرة إلى إسرائيل تحت حجة تغطية ذكرى نكبة فلسطين.
لا أدري ما هو جواز السفر الذي تحمله هذه المرأة ولكن ربما يكون أمير قطر أصدر لها جوازا قطريا حتى تدخل به إلى إسرائيل. هي ظهرت في نشرة أخبار قناة الجزيرة من مدينة حيفا في إسرائيل وقدمت حوارات على الهواء مباشرة من هناك في ذكرى نكبة فلسطين.
طبعا هذا تصعيد واضح لنهج التطبيع مع إسرائيل، لأن العادة لدى أمير قطر وآل سعود كانت التواصل مع مراسلين فلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية واستضافة مسؤولين إسرائيليين لأخذ تصريحاتهم، أما إرسال مواطنة عراقية في مهمة صحفية خاصة إلى داخل إسرائيل فهذا تطور جديد وتصعيد غير مسبوق، وهو يأتي تزامنا مع الزيارات التي قام بها شيوخ وشخصيات من دول المحور الأميركي إلى إسرائيل تحت حجة زيارة القدس.
هم ببساطة يريدون استغلال الانكفاء السوري لتصعيد التطبيع مع إسرائيل، وهذا كان سبب استماتتهم لإسقاط سورية أصلا.
الأسد قال في مقابلته أن لا أحد يستطيع تحجيم سورية وعزلها. صحيح أنه من الصعب تجريد سورية من دورها الإقليمي، ولكن السؤال هو ما فائدة هذا الدور الإقليمي؟
الدور الإقليمي مفيد عندما يكون على مقاس الدولة صاحبة الدور، أما سورية فهي تلعب دورا إقليميا أكبر من حجمها، وهذا يضر سورية ولا يفيدها لأنه يدخلها في صراعات أكبر من حجمها ويكبدها خسائر فادحة كل بضعة سنوات. هذا الدور الإقليمي تحول إلى عامل معيق للتنمية بالنسبة لسورية، أي أنه لم يعد أمرا يدعو للفخر بل أصبح بصراحة مشكلة.
إذا كان الأسد يريد الدور الإقليمي والممانعة فعليه تفعيل مفهوم الوحدة العربية مع العراق وبشكل جدي، أما التغني بالدور الإقليمي والممانعة بينما يموت الشعب من الجوع بسبب ذلك فهذا صار أمرا مزعجا.
سورية تمارس سياسة قومية عربية دون أن تطبق أهم مبادئ القومية العربية وهو الوحدة العربية، وهذا ما يولد وضعا متناقضا مدمرا. سورية تسعى لتحرير فلسطين وتناهض كل الأنظمة الصديقة لإسرائيل، ولكنها في الحقيقة لا تملك مقومات هذه السياسة وهي تدمر نفسها على الفاضي.
الممانعة لا تصلح بدون الوحدة العربية. بشار الأسد مخير ما بين تطبيق القومية العربية بالكامل وما بين ترك الممانعة والانفتاح على إسرائيل كبقية العرب. هذا هو رأيي الصريح. يكفينا تجارة بالممانعة الفارغة. كيف نمانع أميركا وإسرائيل بينما كل الدول العربية تمانعنا نحن بسبب هذه الممانعة؟
وظيفتنا ليست ممانعة العرب. إذا كان العرب يريدون أن يكونوا أتباعا لأميركا وإسرائيل فيجب أن نعيد النظر في سياساتنا.
تحرير فلسطين يبدأ من الوحدة العربية وليس العكس. يجب علينا نسيان إسرائيل تماما إلى حين أن تتحقق الوحدة العربية وبعد ذلك يمكننا فتح موضوع فلسطين مجددا.
لو كان الأسد يريد خدمة المشروع القومي العربي فيجب عليه الآن أن يتفق مع أميركا على نزع سلاح حزب الله وإيقاف دعم كل حركات المقاومة والتنسيق مع إسرائيل لحماية أمنها كما تفعل بقية الدول العربية، وذلك مقابل أن تكف أميركا شرها وكلابها عنا. وبعد ذلك يجب أن يسعى الأسد للوحدة مع العراق وبناء دولة قوية، وفي المستقبل يمكننا أن نرى كيف سنحرر فلسطين. أما السعي لمقاومة إسرائيل بينما الدول العربية تقاومنا نحن فهذه مهزلة.
View Original