Quantcast
Channel: 优发娱乐wwwyoufa8|优发娱乐平台|优优发娱乐pt客户端下载
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18262

: في فلسفة الضمان والاطمئنان

$
0
0

هل نحن بحاجة حقاً إلى طمأنة فئاتٍ معينة ضمن نسيج الشعب السوري؟ لطالما طرح عليّ هذا السؤال مراراً بشكل شخصي أو على صفحات الفيسبوك. وعادةً ما يلام كل طرف بمفرده على عدم تقديمه "تطمينات" لهذه الفئة أو تلك.

الشعب السوري كله بحاجة إلى ضمانات. ضمانات أجد أن الثوار قد عجزوا عن تقديمها، والمثقفين المنادين بالثورة قد تعاموا عن طرحها… بينما النظام يحاول جاهداً عدم الدخول فيها لأنّ هذا يعني إيجاد بديلٍ واضح ومحدد ينوب عنه.

إذاً… بعد أن انتظرت غيري ليقوم بهذه المهمة، أجد أن عليّ القيام بنفسي بتقديم الضمانات والتطمينات للشعب السوري وفق ما تقتضيه مصلحة جميع السوريين (على اختلاف مواقفهم). وقبل أن أعرضها، سأعرض معايير هذه الضمانات التي سأقدمها.

 

القاعدة الأولى: العلميّة

أفترض أن على من يقدم ضماناتٍ أن يقدم ما هو واضح، علمي، قابل للقياس والفهم والمقاربة. ألا يعتمد على مشاعر وعواطف. ليس ضمانةً أنّ (الشعب السوري واحد) وأن (سوريا فوق الجميع). ليس ضمانةً أنّ سوريا (ذات تاريخ عريق) أو أنّه (لا يصح إلا الصحيح). من يقدّم ضمانات عليه أن يكون علمياً محدداً قابلاً للإثبات أو النفي.

 

القاعدة الثانية: العمليّة

على أي ضمانات أن تقدّم أن ترتبط بواقع وخصوصية المجتمع السوري زمانياً ومكانياً. وأن تعترف بالمشاكل والتعقيدات الموجودة على الأرض وتسعى للعمل على أساس وجودها لا القفز فوقها. إن شعارات من قبيل (لا سنية ولا علوية) هي شعارات جميلة ورنانة إلا أنها غير مرتبطة بالواقع في جميع المناطق وعلى امتداد التراب السوري من أقصاه إلى أقصاه. ويجب أن نعلم إلى أيّ مدى يمكن تطويع المناخ الجيوسياسي في كل منطقة ليستوعب ضماناتنا أو ليتفاعل معها في صياغة ضماناتٍ بديلة.

 

القاعدة الثالثة: الشمول

يفتقد أي من المتحدثين البارزين اليوم (باسم الثورة أو باسم النظام) إلى فهم فلسفة ضمان بناء الدولة لكونه يتحدث من منطق تصنيف على أساس أيديولوجي. فالسوريون ليسوا واحداً في نظر النظام (منهم المتظاهرون، المندسون، المتآمرون، الخونة…) كما أنهم ليسوا واحداً في نظر المنادين بالثورة (منهم رجال الأمن والشبيحة وأزلام النظام وأبواقه…)

يجب أن يكون الضمان لجميع السوريين. والضمان الذي سأقبل به يجب أن يضمن الكرامة والعدالة لرجل الأمن ولرجل الجيش وللشبيح وللمتظاهر وللمثقف الذي وقف مع النظام أو ضد النظام. فسوريا التي ستطوي هذه الصفحة يجب ألا تبقى راسخةً تحت أغلال الأحقاد القديمة أربعين عاماً أخرى. وتصفية حسابات الثمانينات التي تتم لدى البعض يجب ألا تكون المبدأ الذي نتعامل وفقه اليوم. بين نموذج نهاية القذافي ونموذج نهاية مبارك أختار النموذج المصري وأجده يليق بحضارة ومدنية دولةٍ غنية كسوريا. إنّ طريقة تعامل الثوار مع العقيد القذافي عند القبض عليه لم تكن لا أخلاقية بحق العقيد وحسب بل كانت لا أخلاقية بحق ليبيا وبحق الثورات وبحق الإنسانية ككل. ومن أكبر المخاوف التي تساور الشعب السوري ككل هي بعض الممارسات التي يظهر فيها بعض الثوار بمظهر "الساقطين أخلاقياً" وبمظهر "المنتقمين" من جميع معارضيهم. ومن البديهي أنّ هذه الممارسات لا تختلف إطلاقاً عما ننتقده في سياسة تعامل النظام مع أبناء الشعب السوري.

 

القاعدة الرابعة: الاقتصادية

على من يقدم ضمانات للشعب السوري أن يعي تماماً أنّه ثمّة خسائر للتغيير. ويكون واضحاً في شرحه وإيضاحه لجميع السوريين أنّ ثمة حراكاً وسيطاً ينبغي أن نتحمله جميعاً في طريق الوصول نحو الدولة المنشودة. وأنّ هذه الخسائر هي جزء من عملية الهدم الذي تتطلبه إعادة البناء. لا أتقبل من يبحث عن حل ميتافيزيقي يتضمن ربحاً بلا خسارة، ولا أثق بمن يدّعي وجود مثل هذا الحل.

إذاً ثمة نقاش حول نقاطٍ اقتصادية في دراستنا لهذه الضمانات: أولاً مقدار الخسارة التي ينبغي أن نقبل بها والحدّ الذي يمكن أن نقبل بالوصول إليه. وإذا اقتنعنا بثوابت معينة لا يمكن التفريط بها ككرامة السوري – أي سوري – ووحدة التراب الوطني، واستقلال الوطن بعيداً عن أي تدخل في قراره… فيمكن أن نتحدث عن ضمانات لها ثمن لا يتجاوز هذه الخطوط الحمراء.

ثانياً: ينبغي أن يتم حديث واسع حول المدة التي ستستمر فيها هذه الخسارة. وإذا كان يمكن إيجاد بدائل أخرى تقلّص فترة الخسارة هذه أو مرحلة الفوضى قبل استقرار الوضع بشكله الأقرب للمثالية. وينبغي دراسة التوازن بين القيمة المطلقة للخسارة وبين فترة احتمالنا لها، وضمن هذا التوازن يتمّ وضع آلية طوارئ لتجاوز المرحلة.

ثالثاً: نشوء عقد اجتماعي ينشر الوعي بممارسة كلٍّ منا دوره في تحمّل الجزء الخاص به من هذه الخسارة. وينشأ هذا العقد بين الأفراد والجماعات السورية من جهة حيث تتقبل الدخول في هذا الحراك المرحلي الانتقالي بما في ذلك من تأثير سلبي عليها، وبين قيادات الحراك المختارة والمنتخبة التي تتعهد بالانتهاء من هذه المرحلة الانتقالية دون تجاوز الحد المسموح لهذه الخسارة كمياً أو زمانياً بالمفهوم الاقتصادي.

 

القاعدة الخامسة: الاستدامة

على هذه الضمانات أن تضمن مستقبلاً أفضل لجميع السوريين على أبعد مدى يمكن الوصول إليه، وألا تقتصر على حلول آنية قاصرة تحافظ على مكاسب وقتية بينما تفرّط بمكاسب أهم وأجدى على المدى الطويل يجب حفظها لا لنا فقط وإنما للأجيال اللاحقة كذلك. من هنا يجب أن نفكر في بناء دولة حقيقية ليس لها عمر محدد بسنوات بل بمئات السنوات.

 

إن الضمانات التي تحقق كل ما سبق موجودة وحقيقية. وإذا كان القارئ مقتنعاً بهذه الشروط والقواعد المنطقية التي فرضها العقل، فيفترض به أن يتقبل ويتفهم جميع الضمانات التي سأقدمها لاحقاً للشعب السوري اطمئناناً لمستقبلٍ أفضل.


View Original

Viewing all articles
Browse latest Browse all 18262

Trending Articles