بقلم Salwa Barkil
لا يصدق الشهيد أنه مات فعلا
يسلم الروح بعيد صلاة الجمعة..
… وصباح السبت يفتح عينيه على صوت أمه تدعوه لوجبة الفطور..
نفهم جيداً حال أمه، فهي لا تصدق أنه مات. تظن الأمر مجرد إغفاءة قصيرة. مجرد غياب طارئ.. كل الأمهات يتصرفن هكذا في اليومين التاليين لرحيل أبنائهن..
نفهم حال أمه جيداً.. فماذا عنه هو؟.. كيف لنا أن نبرر ما يقوم به، وهو يشد لحافه على وجهه بكلتا يديه، ويرد متأففاً:
ـ أرجوك يا أمي.. أمهليني خمس دقائق أخرى..؟
ما الذي يظن الشهيد أنه قد حدث فعلاً؟.. تراه لا يصدق أيضاً أنه موت حقيقي هذا الذي يغط فيه؟..
حسناً..
فكيف يفسر إذاً هذا الثقب خلف أذنه؟. ألا يشعر بفراغ جسده من الدم؟. ماذا عن صرخة الألم العالقة على شفتيه؟. ماذا عن قلبه الذي انقبض ثم لم ينبسط؟. ماذا عن صورة القناص التي دهمت عينيه، في آخر انفتاحة لهما، واستقرت هناك، في أعمق نقطة فيهما، مزيحة صورة الشهيد الذي سقط قبل لحظات إلى جواره؟. ماذا عن الأزيز الذي حملته الرصاصة معها منذ غادرت فوهة البندقية إلى أن استقرت في جسده، لتدفنه هناك، محولة إياه إلى أزيز داخلي مكتووووووووووم.. وأبدي؟..
ماذا عن كل ذلك أيها الشهيد؟. لم لا تصدق أنك متّ فعلاً؟. لم تلعب هذه اللعبة مع أمك؟. لم لا تصمت، كي تدرك أنها كانت تتوهم، وحسب؟.
دعها، وستعود عما قليل إلى رشدها. ستعود إلى مائدة الفطور، لتزيح طبق اللبنة بالزيت والنعنع جانباً. الطبق الذي ليس في العائلة من يحبه سواك
View Original