الثورة السورية ثورة حرية وكرامة ,فجرها اعتقال اطفال واهانة وجهت الى اهاليهم ,ثم ساهم في استمرارها توسع رقعتهاوازدياد نقاط التظاهر ,واتت ادلب وحمص وبالذات حمص لتصبح خزان الوقود الذي يمد الثورة ويعزز اشتعالها,وبالرغم من القتل والقمع والاعتقال ,والحصار وتقطيع المدن والمناطق ,فما زالت الثورة مستمرة مع تفاوت بدرجات القوة والصعود والنزول ,مبررات الثورة موجودة منذ زمن طويل ولكن كان هناك دوما حواجز تحول دون انطلاقتها ,اتت الظروف المحيطة من الربيع العربي الى نجاح تونس ومصر في اسقاط النظام ,اضافة الى احداث درعا ,هذه كلها كانت الشرارة الاولى ,لم يلتفت احد الى الظروف الدولية او الاقليمية او حتى السورية الداخلية ,كان هم الجميع انجاح الثورة بكل الوسائل ,اتت ثورة ليبيا ونجاحها بدعم الناتو والجامعة العربية وموافقة روسيا المترددة ,لتزيد من تفاؤلنا واصرارنا ,واصبحنا نحلم بتدخل سريع للعالم لانهاء معاناتنا و قهرنا ,الغرب واستنادا الى التذبذب البياني للثورة وشدة القمع من قبل النظام ,كان يتلاعب بنا بتصريحات مرة شديدة ومرة خجولة واحيانا تصريحاته كانت داعمة بشكل غير مباشر للنظام ,الجامعة العربية كمؤسسة صمتت طويلا ,الدول العربية كان مواقفها متفاوتة وغيرجادة ,تركيا ايضا كانت تناور بالتصريحات مع مراعاة ظروفها الداخلية من انتخابات والمسألة الكردية ,المعارضون السوريون ايضا تذبذبت مواقفهم بحسب تطورات الثورة ,وتصاعدت لمجاراة الموقف ومحاولة اللحاق بركب الثورة وارضاء الشارع السوري ,النظام راوغ وتلاعب بالدول والشارع من جهة وكان يقتل ويقمع من جهة اخرى ,الشارع لازال مستمرا بثورته وعزيمته تزداد برغم المعاناة ,النظام وبكل قوته واعلامه كان يدفع الى تدويل المسألة على عكس ما نتوهم من انه لايريد التدويل ,بزيادة القمع والتنكيل والضغط على الشارع من جهة ,وبفبركاته السخيفة والمضحكة من جهة اخرى , وكان مستندا الى دعم روسيا والصين دوليا ودعم ايران وبعض الدول العربية اقليميا وتردد باقي دول العالم بين الادانة والشجب واعطاء المهل والفرص ,ولكن العالم كان ولا يزال لا يريد التدويل ,ايضا على عكس ما نتوهم من انه يريد ذلك,دعونا نتذكر زيارة السفراء الى حماة ,هل كانت لصالح الثورة ,ظاهريا نعم ولكن حقيقة وعلى المدى الابعد اضرت اكثر مما نفعت ,سحبهم ومن ثم اعادتهم ,التغطية الاعلامية العربية والدولية ايضا كان لها دور في اغراقنا بالاوهام ,مواقف بعض اطراف المعارضة من المجلس او من الهيئة او المستقلين ايضا كانت تدفع باتجاه الاوهام ,لست بصدد تخوين او اتهام ولكن ربما حماسهم لانهاء النظام كان يدفعهم بهذا الاتجاه,اصوات مثل وائل الحافظ والرحال وحتى العرعور كان لها تأثير سلبي على الثورة ,ولكن كان يشفع لهم انهم ينادوا بما ينادوا به من اجل الثوار ,او انهم انعكاس لنبض الثورة والثوار, اصوات عقلانية كانت تنادي بعدم الاغراق بالاوهام وبضرورة تفعيل الارض قبل ان ننادي بالتدخل والحماية ,لم يشفع لهم تاريخهم وتم تخوينهم لانهم لم يجاروا الشارع ,ولم ينقلوا مطالبه ,لا زلت في نطاق عدم التخوين والاقصاء لاحد,كل فترة يستجد امر نبني عليه الامال ونتحمس ونتعجل الامور ونقول انتهت القضية ويخذلنا العالم فنلقي باللوم على بغضنا ,ونبدأبالتخوين والشتم حتى من دفع الثمن اصبح متهما ,فعلنا المقاصل والغينا اي صوت آخر ,في احد الايام وصلت بي الامور لمرحلة القرف بخصوص مسألة اغتيال الحريري في لبنان ,وكيف ان القوى السياسية اللبنانية اصبحت تتاجر بدمه لتحقيق مآربها وغاياتها السياسية ,واصبح كل فريق هو صاحب الدم وهو المطالب بالثأر له ,اخشى ان تصبح دماء من استشهد من السوريين عملة قابلة للتداول ووسيلة لتحقيق المآرب السياسية سواء الدولية او الاقليمية او السورية ,ومن على الارض هو الذي يدفع الثمن .كل جهد يحاول احد القيام به من اجل ايقاف الدم الذي يسيل نضعه في سياق مطالب الثوار على الارض فان وافق فاهلا به وان لا فحامله وباذله خائن للثورة ولاهلها,وصل الامر بالبعض بان الساكت عن ادانة النظام هو خائن ولا يحق له ان يقترح او يحاول ,والمثال هنا عن خالد مشعل ,وبدون تقدير للموقف السياسي لحماس وللاخوة الفلسطينيين في سوريا ,وان كتب احدهم مقالا بالمندسة يحاول فيه التنبيه الى بعض الثغرات او الاخطاء التي يمكن ان تؤدي الى الاضرار بالثورة وكانت افكاره غير متوافقة مع التدخل الاجنبي او الحظر الجوي ,لن يكون نصيبه تعرضه لعدد كبير من الديسلايكات فقط,بل قد يخرجوا عظام ابيه من قبره ليضربوه بها ,حتى من اختاره الشارع الثائر ليكون ممثلا له في المحافل الدولية وعندما حاول مع بعض الحريصين فعلا على الدم السوري ان يجمع المعارضة على اتجاه واحد لم يسلم من اتهام وتخوين ,والمشكلة كلها اننا لازلنا منفعلين ولم نصل بعد الى مرحلة ان نكون فاعلين ,الفاعلون الحقيقيون هم اما اصبحوا شهداء تحت التراب او قابعين في غياهب المعتقلات ,او يواجهون الرصاص في المناطق الثائرة,والنظام يحاصرهم ويمنع وصول صوتهم ,ولم يستطع احد الى الساعة ان يوصل صوتهم الحقيقي الى العالم ,سوريا تريد الحرية والكرامة والاستقلال والعيش المشترك والتعددية وحماية حقوق المواطنين وازالة النظام السارق الظالم ومحاسبته ,رزمة كبيرة وثقيلة وتشكل معادلة صعبة, ترى هل يستطيع احد ان يتبناها ,ويكون محل ثقة الشعب السوري كله.ومعبرا عن كل اطيافه .وبدون ان يجعل سوريا رهينة سياسية اواقتصاديةاوعسكرية لاي جهة كانت ,لا اعتقد ان المجلس او الهيئة كل على حدة قادر على هذا,وآن لنا ان نعي وضعنا اكثر ونتعامل بموضوعية وتعقل وبمعزل عن العواطف والحماس الذي ندفع ثمنه المزيد من الشهداء .
mmnn
View Original