قلت في تدوينة سابقة أنني أعتقد أن الصراع قد حسم لمصلحة سورية وأن ما بقي الآن هو مرحلة من “التنطيح” الذي يقوم به لاعبون صغار لا يفهمون أن الصراع قد حسم.
طبعا كما هو متوقع فإن الجرائد الخليجية وكتابها المأجورين شنوا حملة على الرئيس الأسد، وحملتهم لم يكن فها أي جديد بل هي على العكس أتت باهتة ومكررة.
ما ورد في الصحف الخليجية وفي مقالات الكتاب المأجورين يمكن تلخيصه بما يلي:
- الأسد دشن حربا أهلية طائفية
- دول الخليج سوف تشدد العقوبات والاقتصاد السوري سوف ينهار
- المبادرة العربية سوف تلغى وسوف يكون هناك تدخل عسكري في سورية على الطريقة اليوغوسلافية
هذه كلها شعارات ممجوجة ومن كان يتابعني منذ البداية يعلم أنني أشبعتها بحثا إلى درجة أنني مللت من التكرار.
باختصار أنا أقول أن هذه الشعارات فات وقتها ولم يعد فيها أي جديد.
الأسد عندما شن هجومه الكاسح (والموفق في رأيي) على أميركا وأتباعها لم يكن يرتكز على عنتريات وبهلوانيات. النظام السوري ليس من عادته البهلوانيات ولا التهور. الأسد كان يرتكز في موقفه الجديد على المعطيات التي تحدثت عنها سابقا.
أميركا باختصار استنفذت نفسها ولم تعد تملك ما ترمي سورية به. أميركا الآن عاجزة عن فعل أي شيء جديد ضد سورية وهي تقف أمام طريق مسدود. لهذا السبب هي حاليا في موضع انكشاف، والأسد حاول استغلال هذا الانكشاف لشن هجوم مضاد.
موقف الأسد لم يكن فيه أية مفاجأة بالنسبة لي لأنه يأتي كتطور طبيعي للأحداث، ولكن النطيحة الصغار كلهم تفاجؤوا بموقف الأسد لأنهم ضائعون ولا يفهمون ماذا يحدث. هم ما زالوا يصدقون وعود جيفري فيلتمان بأن النظام السوري ساقط قريبا.
الدابي بالأمس صرح التصريح التالي:
http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=142539
أكد رئيس بعثة المراقبين العرب في سوريا الفريق محمد مصطفي الدابي على ضرورة استكمال مهمته وفق البروتوكول الموقع بين الجامعة ودمشق، لافتا إلى أن “كافة الأطراف السورية تتحمل مسؤولية القتل”، على حد تعبيره.
ونقلت جريدة (عكاظ) السعودية عن الدابي قوله إن “الجميع يتحملون مسؤولية تدهور الأوضاع واستمرار سقوط الضحايا من الأبرياء”، رافضا أي تشكيك في أداء المراقبين للمهمة الموكولة إليهم من قبل جامعة الدول العربية.
كلام الدابي ومواقفه قضت على أي أمل بصدور عقوبات ضد سورية من مجلس الأمن. الدابي باختصار تبنى الموقف الروسي وأية محاولة من قبل أميركا لاستصدار قرار ضد سورية في مجلس الأمن صارت عديمة الجدوى.
حتى لو قررت الجامعة العربية “تحويل الملف السوري” إلى مجلس الأمن فإن هذا لن يغير شيئا. ما قالته البعثة العربية في تقريرها الأخير هو كاف لتدعيم الموقف الروسي مهما حدث لاحقا.
رد الفعل الأميركي على خطاب الرئيس الأسد بالأمس جاء تماما كما توقعت في التدوينة السابقة، أي أن أميركا حاولت حشر الأسد في خانة الدفاع:
اتهمت الولايات المتحدة الرئيس السوري بشار الاسد بالسعي الى “انكار” اي مسؤولية له عن اعمال العنف في سورية وذلك تعليقا على قوله في خطاب له الثلاثاء انه “لا يوجد اي امر على اي مستوى” لاطلاق النار على المحتجين.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند في تصريح صحافي “من المثير الاشارة الى ان الاسد في خطابه وجه اصابع الاتهام الى مؤامرة خارجية واسعة الى حد انها تضم الجامعة العربية وغالبية المعارضة السورية وكل المجتمع الدولي”.
واضافت ان الرئيس من جهة اخرى “يبدو انه ينكر بقوة اي مسؤولية لدور قواته الامنية نفسها” عن اعمال العنف في سورية.
أميركا لم تسمع شيئا من الخطاب إلا “محاولة الأسد الدفاع عن نفسه”، وكأن الأسد خائف منها ويريد تبرئة نفسه أمامها. هذا هو ما توقعته تماما.
عموما أنا تابعت ردود أفعال الدول الغربية على خطاب الأسد بالأمس ووجدت أنها جاءت ضعيفة نسبيا وباهتة، وهذا أمر متوقع لأن الدول الغربية ليست حمقاء كالنطيحة الذين عندنا وهي تعلم أن الموضوع السوري صار ميؤوسا منه.
حتى أميركا جاء ردها ضعيفا نسبيا مقارنة بهياجها السابق، والسبب كما قلت هو أنها بدأت بالانسحاب التدريجي وهي ترخي الحبل للنطيحة لكي يغطوا انسحابها ليس أكثر.
الأخ الغامدي قال أن سعود الفيصل سيلتقي أوباما. في حال كان هذا صحيحا فهو ليس أمرا مستغربا ولكنني لا أتوقع أن هذا اللقاء سيسفر عن شيء. ما يحدد سياسة أوباما هو مصالحه الانتخابية ومصالح بلاده ولقاء سعود الفيصل به لن يغير شيئا في الوضع القائم حاليا.
أوباما الآن يعيش مأزقا كبيرا وهو لا يعرف كيف يمرر العقوبات المشددة ضد إيران. إيران فرضت معادلة تقول بأن العقوبات المشددة تعني نزاعا عسكريا، والنزاع العسكري في سنة انتخابات رئاسية وفي ظل الأزمة الاقتصادية هو مغامرة لا قبل لأوباما بها.
هم أوباما الآن هو كيفية تجنب الصدام العسكري مع إيران، وآخر ما سيفكر به هو مزيد من التصعيد ضد سورية.
وضع المنطقة حساس وهو ليس في صالح النطيحة الذين لا يفهمون ماذا يجري، ولذلك هم فوجئوا بمواقف الأسد.
أنا كنت أقول دائما أن الأسد في النهاية سوف يبطش بالمعارضة وأن المعارضة سوف تندم على رفضها الحوار (وشبهت ذلك بقصة الإخوان المسلمين مع والده). خطاب الأسد بالأمس كان إيذانا ببدء هذه المرحلة. الأسد ببساطة لم يعد يريد الحوار لا مع معارضة التنسيق ولا معارضة إسطنبول ولا معارضة إخوان الشياطين.
إخوان الشياطين ردوا بأن الأسد ناقض نفسه لأنه قال في خطابه أنه يريد الحوار معهم ثم وصفهم بعد ذلك بإخوان الشياطين، وهذا كلام غير صحيح لأن الأسد عندما تحدث عن الحوار مع الإخوان كان يتحدث عن موقفه في بداية الأزمة وليس الآن.
هذا هو رد الإخوان على وصفهم بإخوان الشياطين:
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=658419&issueno=12097
واعتبر المراقب العام السابق لـ«الإخوان المسلمين» في سوريا، علي صدر الدين البيانوني (أبو أنس)، أن خطاب الرئيس السوري بشار الأسد يؤكد انفصاله عن الواقع وعن الزمن وعن التاريخ. وقال البيانوني في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» من لندن إن «الأسد عندما كان يقرأ من الخطاب المعد سلفا عرض التعاون مع معارضة الثمانينات، أي (الإخوان)، ولكن عندما خرج عن النص أو الورق ظهرت مكنونات صدره على الهواء، وصفنا بأننا (إخوان الشياطين)، أي تناقض هذا في خطاب إنشائي فارغ المحتوى، استغرق ساعتين إلا ربعا، جلد فيه المشاهدين الذين توقعوا أنه سيعود إلى رشده ويتنحى، ولكن حسبي الله ونعم الوكيل، وأرد عليه بالاستشهاد ببيت الشاعر العربي القديم المتنبي في العصر العباسي (إذا أتتك مذمتي من ناقص.. فهي الشهادة بأني كامل)».
وأضاف أن «(الإخوان) بكل تاريخهم القريب والبعيد ليسوا في حاجة إلى شهادة أو مديح من الديكتاتور الذي قتل الآلاف وسجن عشرات الآلاف. كنا نتوقع أنه سيتنحى أو سيسلم الحكم إلى مجلس انتقالي، لكنه على العهد مستمر في طغيانه واستبداده». وتابع قائلا إن الرجل مغيب عن الواقع، ألم يسمع المظاهرات في أغلب مدن سوريا ليل نهار (ارحل ارحل يا بشار)»، وأشار إلى أن «الأسد تغلب على فكره نظرية المؤامرة، فهو يفسر الانتفاضات الشعبية بأنها مؤامرات من الخارج وعمليات إرهابية، ولا يفهم حتى الآن ماذا يريد الشعب السوري منه بعد 12 عاما من حكمه المستبد، ولا يعرف اللون الرمادي، أي أنه يريد القول للسوريين إما أبيض أو أسود، أي إما معنا أو ضدنا».
وأكد البيانوني لـ«الشرق الأوسط» أن «خطاب الأسد يعبر عن استهتاره بالشعب السوري بعد مقتل آلاف الشهداء، وكلامه مكرر ممجوج بلا محتوى، ولا يصدقه أحد من السوريين في الداخل أو الخارج، بل هو مزيد من الثرثرة وإنكار الواقع والهلوسة والتضليل».
استخفاف الأسد بـ”المعارضة” كان واضحا في بنية خطابه لأن الخطاب كان موجها بالكامل لمؤيديه وأما “المعارضون” فالخطاب تجاهلهم تماما إلا من حيث اعتبارهم شركاء في الإرهاب وعملاء للخارج.
طبعا أنا أستبعد كلام النطيحة عن الحرب الطائفية. كل من يتحدث عن الحرب الطائفية يقوم بالتهويل والتضليل لأن أوان الحرب الطائفية في سورية قد فات. الحرب الطائفية كان من الممكن أن تندلع قبل أشهر ولكن الآن وبعد أن حسمت مواقف السوريين لم تعد فكرة الحرب الطائفية مطروحة.
الفئة الوسطية انحازت بمعظمها إلى النظام ولم يعد هناك إمكانية لحدوث انقلاب حقيقي في الرأي العام السوري. أميركا استنفذت كل إعلامها ووسائل تأثيرها ولم تعد تملك ما تؤثر به على المعادلة الداخلية. باختصار، المعارضة السورية الداخلية هي الآن في وضع انكشاف والنظام يتأهب للانقضاض عليها.
النظام كان يخشى من البطش بالمتمردين في بداية الأزمة لأنه كان يخشى خسارة الفئة الوسطية لمصلحة المتمردين. الآن هذا الأمر لم يعد مطروحا لأن الفئة الوسطية بمعظمها حسمت أمرها وصارت مقتنعة بأن المتمردين غير راغبين بالحل السلمي.
لا أظن أن هناك مجازر ستقع في سورية ولكن ما سيحدث هو أن المتمردين سوف يدخلون في حرب استنزاف مع النظام وسيخسرون الحرب. أنا أشبه هذه المرحلة بمرحلة العام 1980.
صيحات أردوغان وآهات عبد الباري عطوان وبكاء ساطع نور الدين وغيرهم من كتاب الصحف لن تنقذ المتمردين من الهزيمة. أنا شبه واثق من أن نشاط المتمردين سوف يتراجع كثيرا خلال الأشهر القادمة.
خطاب الأسد وإسقاط لواء إسكندرون
من الأمور اللافتة في خطاب الأسد أن الخريطة التي ظهرت وراءه كان ينقصها لواء إسكندرون. هذه رسالة إلى الشعب التركي على ما أظن (خاصة بعد الزيارة الأخيرة لوفد حزب السعادة)، ولكنها في الحقيقة رسالة سيئة وغير وطنية.
الدولة السورية ليس من عادتها حذف لواء إسكندرون من خرائطها.
طبعا خريطة المحافظات كان الهدف منها دعائي وهو القول بأن الأسد يسيطر على كل المحافظات بدون استثناء. أي أنها استعراض للقوة والسيطرة.
طرد أمير قطر من موريتانيا بعد ذهابه للتآمر على سورية
http://www.tayyar.org/Tayyar/News/PoliticalNews/ar-LB/qatar-mouritania-assad-zek-062.htm
أكدت مصادر موريتانية مطلعة بأن زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني انتهت بطرده من البلاد، فيما أكدت صحيفة موريتانية على ان الزيارة اختتمت دون توديع رسمي من قبل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز الذي كان استقبله بحفاوة عند وصوله للبلاد الخميس الماضي.
واشارت المصادر ان سبب هذه المشادات ان الأمير القطري نصح ولد عبد العزيز خلال حديث دار بينهما بضرورة إحداث إصلاحات ديمقراطية في البلاد، من خلال بسط الحريات وانتهاج سياسة اقتصادية ناجعة، وتقريب التيار الإصلاحي الإسلامي، والتشاور معه”.
غير أن هذه النصيحة أثارت حفيظة ولد عبد العزيز، الذي انتقد السياسة القطرية فيما اسماه “تصدير الثورة” وتوجيه قناة الجزيرة للتأليب والتحريض ضد الأنظمة العربية، معتبرا أن نصيحة الأمير القطري له تدخل في الشؤون الداخلية.
وقالت صحيفة السراج الموريتانية إن اللقاء مع أمير قطر “عكر مزاج” الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز وذلك بسبب تقديم أمير قطر لنصائح للرئيس الموريتاني بالإصلاح وخاصة مع الشيخ محمد ولد الددو كما طلب منه المساعدة في الضغط على الرئيس بشار الأسد.
وقالت الصحيفة إن الرئيس الموريتاني رد بانفعال على أمير قطر بالهجوم على قطر والتعبير عن التضامن مع بشار الأسد قائلا إن الشعوب لا تعرف ما تريد، وإن ما يسمى ثورات هي مجرد مؤامرات.
وأضافت أن الوفد القطري لم يسمح لمصوري التلفزيون الموريتاني بتصويرهم لحظة مغادرة نواكشوط وذلك بعد تفاجئهم بأن وزير الخارجية هو من كان في توديعهم بدلا من الرئيس ورئيس الوزراء.
بصراحة وضع قطر مزر وهي أكثر دولة تثير الشفقة بين أتباع أميركا.
بالمناسبة قطر بالأمس قامت بشق أحد المراقبين العرب وعرضته على شاشة الجزيرة، وهذا أمر لم يفاجئني لأنني كنت قد تنبأت به في تدوينة بتاريخ 28 كانون الأول:
لا أستغرب أن نسمع قريبا عن “انشقاقات” في صفوف البعثة وأن يخرج مراقبون من أعضائها ليطعنوا في تقاريرها وطريقة عملها.
أنا استمعت لجزء من كلام المراقب المنشق ووجدت أنه يفاخر بالجيش الحر ويعترف بأن هذا الجيش يسيطر على أحياء من حمص ويحارب الجيش، أي أن كلامه يدين قطر التي زعمت أن ما يحدث هو مظاهرات سلمية.
أتوقع توالي الانشقاقات في صفوف البعثة قريبا، ولكنني لا أظن أن هذا سوف يوصل إلى شيء. حتى لو تم “توحيد المعارضة” و”تحويل الملف السوري” إلى مجلس الأمن فإن هذا لن يغير الكثير.
التلفزيون السوري والخمسينات
فوجئت بالأمس بأن التلفزيون السوري يبث أغاني من حقبة الخمسينات بالتزامن مع كلام الرئيس الأسد عن العروبة.
الناس أصلا تتهم من يتحدث بالعروبة بأنه يعيش في الخمسينات، ويبدو أن التلفزيون السوري يريد تأكيد هذه النظرية؟
هذا شيء غريب جدا، وهو يدل على غباء. العروبة الآن متهمة بأنها تخلف وعيش في الماضي ووظيفة التلفزيون السوري يجب أن تكون نفي ذلك وليس تأكيده.
تعبيرا عن يأسهم وانسداد أفقهم… المتمردون السوريون يحاولون الاستعانة بإسرائيل
نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية مقابلة مع ناشطين مما يسمى بالمعارضة السورية يعرضان فيها التحالف مع إسرائيل ضد النظام السوري وإيران وحزب الله ويطالبان إسرائيل بالتدخل لقصف سورية، ومما جاء في المقابلة أن الشعب السوري “لا يكره إسرائيل ولكنه يكره إيران وحزب الله”، وأن “الصراع العربي-الإسرائيلي هو خرافة خلقها النظام السوري لإلهاء السوريين بها”، وأن “هناك مصالح مشتركة بين سورية وإسرائيل”، وغير ذلك من الشعارات المعروفة لدى من يحملون فكر “المعارضة”.
هذا هو رابط المقابلة:
http://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-4168102,00.html
طبعا هذان “المعارضان” يظنان أنهما ذكيان جدا ولكنهما (بسبب جهلهما المدقع) لا يعلمان أن انعزاليي لبنان ساروا في هذا الطريق في أواخر السبعينات وظنوا أنهم بالتحالف مع إسرائيل وأميركا فإنهم سوف يقضون على سورية، ولكن النتيجة في النهاية كانت وبالا عليهم.
إسرائيل لم تنفع عملاءها في زمن عزها، فهل ستنفعهم الآن في زمن تراجعها؟
مشكلة الكثير من الشباب البلهاء هي أنهم يتصورون أن إسرائيل وأميركا هما “سوبرمان” وأنهما قادرتان على فعل أي شيء. لهذا السبب نرى مثل هذه الظواهر المخزية.

View Original