ارتباك النظام السوري… وولادة مجلس شورى عسكري
(ملخص لأحداث الثورة السورية للفترة من 9 وحتى 15 يناير/كانون الثاني 2012)
الخطاب الرابع للأسد والذي ألقاه في جامعة دمشق حمل الكثير من الوعيد والتهديد وظهرت عليه علامات التوتر والعدم الاتزان في الخطاب، فالخطاب الذي استمر لما يقارب من ساعة ونصف أبرز التخوف الكبير لدى النظام والقلق، وهو ما أكده نزول الأسد في ساحة الأمويين في اليوم الذي يليه ضمن حشود صورتها التلفزيونات الموالية على أنها مليونية، بينما لم تتأخر في كشف التضليل الإعلامي لتلك القنوات لقطات نُشرت تبين العدد الحقيقي الذي لم يتجاوز بضعة مئات من الأشخاص ويظهر الانتشار الأمني الواسع.
أسبوع دامي جديد ودعته سوريا بحصيلة شهداء تجاوزت 200 شهيد سقطوا برصاص “حماة الديار” والشبيحة خلال مداهمات وإطلاق رصاص على المظاهرات السلمية، وآخرون منهم قضوا في السجون تحت التعذيب.واقتحمت قوات الأسد حي كرم الزيتون بحمص بالرشاشات الثقيلة والدبابات، كما تم قصف المنازل والمحلات بشكل عشوائي مما أدى إلى صعوبة إسعاف الجرحى، كما استلم أهالي المدينة جثث لشهداء من حمص قتلوا تحت التعذيب في سجون النظام، ولم يدع الشعب السوري فرصة إلقاء الأسد للخطاب تمر دون مظاهرات حاشدة خرجت في شتى المدن السورية منددة بالخطاب تحت مسمى “مظاهرات الرد على الخطاب” وُجهت برصاص الأمن والشبيحة مما أدى إلى سقوط 43 شهيداً.
من جانبه انضمت لركب شهداء الثورة الطفلة الرضيعة عفاف سراقبي ذات الأربعة أشهر، والتي سقطت تحت التعذيب حيث كانت معتقله مع والديها، وتم تسليم جثتها لعمها بينما لا يزال والديها رهن الاعتقال.
كما شهدت أحياء مدن قصف شديداً سقط ضحيته الصحفي الفرنسي مراسل القناة الفرنسية الثانية جيل جاكييه، وأصيب أحد زملائه بجروح.
الأسبوع المنصرم شهد إعلان أنور مالك – أحد أفراد بعثة المراقبين العرب الموفدة من قبل الجامعة العربية- استقالته وعودته إلى بلاده بعد أن رأى حسب تعبيره تواطؤ اللجنة مع النظام، وحسب تصريحات له قال أنه يرفض أن يكون مشاركاً في قتل الشعب السوري، كما عرض العديد من المواد المصورة لمظاهر التخريب والتدمير التي قامت بها قوات الأمن والشبيحة، هذا ولا تزال بعثة المراقبين العرب تواصل أعمالها في المدن السورية، وقد سلّم أهالي المدن التي زارتها اللجنة وثائق وصور المفقودين والجرحى، وقوائم بالشهداء ومن قضوا تحت التعذيب.
وفي خطوة لكسر حالة الخناق التي يمارسها النظام السوري انطلقت قافلة إغاثة يقودها ناشطون سوريين من عدّة دول واتجهت نحو سوريا عبر الحدود التركية تحت مسمى “قافلة الحرية” فيما لم يسمح لها بالدخول إلى الأراضي السورية.
إضراب الكرامة لا زال مستمراً فقد دخل مع الأسبوع الماضي خطوات جديدة في مرحلة استرداد الحقوق من خلال إضراب الجامعات خلال فترة الامتحانات، حملات كسر الصمت بالطرق على الطناجر وأنبوبات الغاز والتصفير والتكبير، استرداد الشوارع، وكذلكرفع علم الاستقلال في المرافق العامة، وقد لاقت الخطوات استجابة كبيرة.
جمعة دعم الجيش الحر شهدت كثافة في التظاهر، حيث خرجت المظاهرات في حوالي ٥٠٠ نقطة تظاهر في عموم البلاد رغم البرد الشديد وصعوبة الأحوال الجوية وتساقط الأمطار و الثلوج في بعض المواقع، لتطالب بإسقاط النظام وترسل رسالة للعالم أنها أشد إصراراً على المضي في ثورتها حتى نيل الحرية، وسقط حصيلتها من الشهداء ٢٧ شهيداً بينهم أربعة أطفال وعشر نساء ومئات الجرحى والمعتقلين.
كما تشهد مدينة الزبداني حملة عسكرية هي الأعنف منذ قدوم المراقبين على المدينة التي تقع في ريف دمشق، حيث واصل الجيش السوري القصف عليها مع قطع كامل لكل أنواع الاتصالات والكهرباء، وحسب تنسيقيات المدينة فإن الوضع الإنساني بات حرجاً.
من ناحية أخرى، توصل المجلس الوطني السوري المعارض والجيش السوري الحر إلى تأسيس هيئة شورى أو مجلس شورى عسكري ينضم إليه كل عسكري انشق برتبة رائد فما فوق، على أن تبقى الهيئة التنفيذية لقيادة الجيش الحر على حالها بزعامة رياض الأسعد، ويأتي هذا الإعلان بعد أيام من انشقاق العميد الركن مصطفى أحمد الشيخ (الأعلى رتبة بين الضباط المنشقين) عن الجيش النظامي ولجوئه إلى تركيا. من جانبه أعلنت الهيئة العامة للثورة في بيان لها إن عدد المواطنين الذين قتلهم النظام السوري منذ اندلاع الثورة قبل عشرة شهور، بلغ 6275 شهيداً.
عربيا دعا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني نشر قوات عربية في سوريا لوقف القتل هناك، هذا في الوقت الذي تسعى فيه بعثة المراقبين التابعة لجامعة الدول العربية في سوريا جاهدة لإنقاذ أي قدر من مصداقيتها بعد أن قرر بعض أعضائها الانسحاب ووصفتها المعارضة بأنها فاشلة مع استمرار قتل المحتجين المناهضين للحكومة بلا كلل، و قال دبلوماسيون في الجامعة إنهم محبطون لأن المراقبين لم يتح لهم الوقت للإعداد لمهمتهم كما أن تكليفهم يقتصر على مراقبة الأوضاع، واقترحت قطر التي يقود رئيس وزرائها اللجنة الوزارية بشأن سوريا بالجامعة العربية تعزيز المهمة بتوفير تدريب ومعدات أفضل.
ذلك في الوقت الذي تظهر فيه انقسامات داخل الجامعة العربية إذ تتصدر قطر والسعودية الدول الراغبة في زيادة الضغط على سوريا وهو ما تعارضه جارتاها لبنان والعراق، ويحجم زعماء دول مثل الجزائر عن تكثيف الضغط على دولة شقيقة حتى لا يأتي الدور عليها، وتعقد إيران الحليفة الوثيقة لدمشق جهود الجامعة العربية لوقف أعمال العنف وسفك الدماء.
دولياً أعلن مصدر قضائي أن النيابة العامة لباريس فتحت تحقيقا الجمعة في مقتل الصحافي الفرنسي في سوريا بتهمة القتل العمد، فيما تحدثت هيئة التلفزيون الفرنسي التي كان الصحافي يعمل لحسابها عن أمور مريبة في ملابسات مقتله، وقال المصدر إن نيابة باريس طلبت تشريح جثة الصحافي التي نقلت الجمعة إلى فرنسا، وقال الرئيس الفرنسي: كان جيل جاكييه يؤدي فحسب عمله الصحفي بتغطية الأحداث العنيفة في سوريا نتيجة القمع غير المقبول الذي يمارسه النظام ضد الشعب، كما ندد وزير الخارجية الفرنسي بالهجوم وطالب السلطات بفتح تحقيق فوري. ومن جهته، أدان الاتحاد الأوروبي الحادث الأخير الذي وقع في حمص السورية، وأسفر عن وقوع عدد من القتلى والجرحى، بينهم الصحافي الفرنسي جيل جاكييه، وعبرت منسقة السياسة الخارجية الأوروبية عن تعازيها لأسرة الصحافي الفرنسي وباقي ضحايا الحادث المروع، وكررت دعوتها إلى ضرورة وقف العنف في سوريا بشكل فوري.
وفي السياق ذاته، أشارت مصادر دبلوماسية أوروبية في بروكسل إلى أن وزير خارجية تركيا، قد تلقى دعوة للمشاركة في جزء من اجتماعات وزراء خارجية أوروبا يوم 23 يناير الحالي أثناء مناقشة ملف الأوضاع في سوريا وملف إيران النووي.
من جانب آخر دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الرئيس السوري بشار الأسد إلى “التوقف عن قتل أبناء شعبه”، وقال في افتتاح مؤتمر في بيروت حول الإصلاح والانتقال نحو الديمقراطية “اليوم أقول مرة أخرى للرئيس السوري بشار الأسد: أوقف العنف، توقف عن قتل أبناء شعبك، فطريق القمع مسدود”.
كما أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن الدول الغربية لا تنوي التدخل عسكريا في سوريا. وقال في تصريح له إنه لم يتم بحث إمكانية إقامة منطقة حظر جوي، موضحا أن النظام السوري لا يعتمد على سلاحه الجوي لقمع حركة الاحتجاج التي تهز البلاد منذ عشرة أشهر.
_______________________
المصدر: http://bit.ly/zBsLJX