المُندسّة السورية: من أي حفرة سيخرجون بشار الاسد

إن موت أي طاغية ما هو إلا استعراض للعنف و القوة التي كان يحكم بهما!!!!!!!!!
فهل كان قتل الطاغية معمر القذافي بهذا الأسلوب يتناقض مع روح الثورة, أو مع أخلاقيات ليبيا الجديدة ؟

اولاً يجب أن نقرر ما يلي :

لقد كان مقتله هو التتويج الأخير لحفلة الجنون و الدمار التي استمرت أكثر من أربعين سنة ,لقد كان هو نفسه الذي أصدر الحكم بقتل نفسه وهو الذي سلّم السلاح ليد قاتله فمن سلّ سيف البغي قـتــل به,وان أشبه الطغاة عبر التاريخ به هو كاليجولا الذي أرعب أهل روما , فاحتاجوا إلى رؤية جثته ليوقنوا بزواله إلى الأبد , تماماً كما اصّطف الليبيون لرؤية جثة الشخص الذي حكمهم لعشراتٍ من السنين .
إن التعامل مع مقتله كحادثة معزولة عن الإطار العام لمسار الأحداث , لهو من التجني الكبير ,فقتله كان هو الاستعراض الأكبر لزوال سلطته ,فالديكتاتور الذي يموت و هو في كامل سلطته (حافظ الأسد نموذجاً) يغدو موته هو المسرحية الختامية لقوته ,أما إذا مات الديكتاتور بعد زوال السلطة فيغدو مقتله هو البرهان الأكيد على انتقال القوة إلى يد الناس .

إن السلطة التي يتم الاستيلاء عليها عن طريق العنف ليست إلا اغتصاباً، لا تدوم إلا بقدر تفوق قوة من سيطر على قوة من أذعنوا له. فإذا توافر لهؤلاء الآخرين قسط كبير من القوة وتخلصوا من نير من تسلط عليهم من قبل فإنهم يفعلون بحكم الحق والعدل مثل ما فعل هذا الذي كان قد تحكم فيهم وفرض عليهم سلطانه من قبل. إن نفس القانون الذي فرض السيادة هو الذي يحطمها ويبطلها، وهو قانون الأقوى.
ثم إن تحويل مقتله ليبدو كأنه حادثة فريدة في التاريخ البشري هو جهلٌ فاضح بحوادث التاريخ ,فالطغاة على مر العصور كانت تودي بهم أفعالهم إلى أسوأ المصائر ,والفرق بين قتله ومقتل أشباهه هو وجود كاميرات الأجهزة المحمولة التي وثقت اللحظات الأخيرة للطاغية.

وكي نعبّر بشكلٍ أكثر وضوحاً ,فقتله بهذا الاسلوب يعتبر من الرحمة به و بالليبيين و بالدولة الجديدة ,  لقد استرحنا  جميعاً من المحاكمات الهزلية ,التي قد تطول و تخلصنا من إمكانية تحويل هذه الشخصية إلى رمز كما حصل للطاغية صدام حسين من قبله,و لكن الجانب الأهم هو إطفاء جذوة الانتقام و التنفيس عن الأحقاد المكبوتة ,إن قتله كان هو البرهان القاطع على انتهاء زمنه  وبداية العصور الجديدة. أما الذين يشعرون بالتعاسة من اجل العدالة المفقودة , و الإنسانية التي هدرت ,أرجو أن يوجهوا مشاعرهم إلى اليتامى والثكالى والأرامل و المشردين والمشوهين بسببه فهم يحتاجون للكثير لتطييب خواطرهم.
لقد كان هيغل على صواب عندما قال أننا نتعلم من التاريخ أن الرجل لا يمكن أن يتعلم أي شيء من التاريخ ,وللحق لا أرى السيد  بشار الأسد إلا  ملتحقاً بزميله ليلاقي نفس المصير ,وختاماً:

لقد زاد بغياً فافرحوا بزواله … لأن على الباغي تدور الدوائر

و قوله تعالى :

أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ

بوركتم وطبتم عسى أن يجعلكم الله من الصالحين و يورثكم الأرض انه عزيز حكيم

————————
A.ALH