المُندسّة السورية: اذا عرف السبب

لي اكثر من اسبوع شبه غائب عن الواقع الفعلي ,اسرق لحظات اعرف منها بعض الاخبار واعلق في هذه اللحظات على ما تيسر لي قراءته من مواضيع او مقالا ت في المندسة, واخبار العالم كلها استقيها من المندسة فقط ,عرفت اخبار المجازر في حمص وحماة ,قرأت عن القتل الجماعي لاسر وعائلات ,والقصف المدروس للأبنية السكنية “وليس العشوائي”,الهجوم على جنازات التشييع لننتقل من تشييع جنازة لشهيد واحد اليوم الى تشييع عشرة غدا ,وفي ظل الظروف التي امر بها كفرت بكل ما هو من الدنيا ,سئمت من السلمية, كرهت الفاظا مثل التسامح والوطن والمواطنة, يئست من مستقبل مشرق لوطن يجمع كل السوريين ,ولم استطع ان ارى الا سوادا ,ودما يسيل واصوات الرصاص والقنابل ,اصبحت عصبيا وردود افعالي هجومية على من حولي.

رجل طاعن بالسن من البدو كان معي ,سألني عن احوال البلد والاهل ,رددت عليه بعصبية وجلافة ,انهم يموتون ويذبحون كالنعاج ,وانا هنا عاجز حتى عن الحزن والغضب ,رد علي بما احسست انه جواب بارد ومستفز :وأين الجديد,منذ احد عشر شهرا وانتم في نفس الحال ,ما هو الشيء الجديد الذي جعلك تغضب اكثر ؟

كادت ان تخرج بعض الشتائم ولكني خجلت من كبر سنه ,ولكنه احس من تغير ملامح وجهي اني غضبت ,قال لي يا ولدي هذا من حلاة الروح ,لم افهم قصده مباشرة ولكنه اردف ان الجسد عند النزاع تزداد انتفاضته وحركته فتحس وانت تعلم بانه يموت بان الروح ردت له ولكنه حقيقة ينازع ويغالب الموت ,ولكنه تابع قائلا :انا على يقين من زوال الظالم ,ولو طال الزمان ,ولكني اخشى عليكم من الفتنة و الضياع

كنت قد هدأت قليلا فسألته ماذا تقصد ,قال :يا ولدي الدم يجلب الدم ويغيب الحكمة ,ونظامكم ظالم بعلم الجميع وهو يدفعكم الى استساغة الدم والانتقام, وايضا يريد ان يجركم الى منطقة يكون هو الاقوى بها ويكشف عنكم اي غطاء

بصراحة تفاجأت من طريقة كلامه والفاظه ,هز رأسه وقال نعم الذي تراه امامك درس في بريطانيا بالستينيات وضابط متقاعد من الجيش برتبة لواء ,وقد كنت ضمن القوات العربية التي شاركت بحرب رمضان او ما تسمونها حرب تشرين ,ثم تابع, سأقول لك شيئا :هل تعرف الضب ,قلت له اعرفه,”وللا خوة القراءالضب حيوان زاحف يشبه بالشكل الحرباء ولكنه اكبر حجما ,وهو يؤكل عند كثير من اهل البادية ,وسريع جدا ” قال هل تعرف كيف يصيدون الضب ,اجبته بان لا فكرة لدي عن هذا ,قال يأتون بعلب صفيح “تنك” وبعض الماء وثم يبحثون عن جحوره بالارض , والضب له جحر واحد ولكن بفتحات كثيرة ,يأتون الى الفتحات ويبدؤون بالضرب على التنك وصب الماء ويتركون فتحة واحدة وعليها اثنان بدون هذا الاجراء ,الضب يعتقد بسبب الصوت والماء ان هناك امطارا غزيرة ورعود فيتجه الى الفتحة التي ليس فيها ماء او صوت ليخرج فيجد من ينتظره ليصيده ,وتابع: الحكام عندكم ظالمين واغلقوا كل المنافذ وتركوا منفذ واحد هو الوحيد الذي تظنون فيه السلامة و يستطيعون صيدكم فيه فلا تنطلي عليكم خدعته , ولن ازيد وسلامة فهمك

صفنت في كلامه ولم ارد عليه وتابعت عملي وانا افكر وادور الكلام في ذهني ,واليوم عدت لاكتب هذا الكلام ,واتساءل هل استطاع النظام فعلا اغلاق كل المنافذ ,وترك لنا الطريق الوحيد الذي يستطيع ان يصطادنا فيه ,وهو يصعّد ويزيد الاجرام والقتل ليسرع خروجنا الى حيث يريد هو؟؟

——————–

mmnn