استيقظت مبكرا على غير العادة…. فأنا كسول…. و بوجهي إلى دولة القهوة لكي أصنع لنفسي قليلا من القهوة أحتسيها مع سيجارة الصباح
فجأة يدق جوّالي… و لدهشتي كان المتصل “أبو المجد”…. و لمن لا يعرف أبو المجد فهو أحد فهود كتيبة إبن المهلهل التابعة للجيش السوري الحر الباسل…. تلقفت الجوال مسرعا…. و بعد تبادل سريع لعدة جمل مشفرة…. فهمت منه أن يريد لقائي على عجل بعد عشر دقائق…. و هذا ما كان
في إحدى حارات ريف دمشق الباسل كان اللقاء مع أبي المجد…. كانت قد مرّت عدة أسابيع منذ آخر مرة رأيته فيها…. حينها قرر أن يلتحق بركب الأبطال في الجيش الحر فاشترى جفتا من مرابي القرية و توارى عن الأنظار…. كان حينها شابا يافعا نحيلا لا يتعدى طوله 165سم و وزنه 50كغ….. لكنه اليوم هذا الجندي المجاهد مع الجيش الحر…. مفتول العضلات و ممشوق القوام…. عريض المنكبين و أشوس الملامح…. لقد غيّر الجيش الحر أبو المجد جذريا و كليا…. فمرحى له
قادني أبو المجد إلى مقر كتيبة إبن المهلهل…. و أثناء سيرنا أخذ يحدثني عن السلاح الجديد الذي غنمه من كتائب الأسد…. و قال لي أنه سلاح متطور جدا كان يحمله مقاتلا شرسا من الحرس الثوري الايراني قبل أن يرديه قتيلا…. قال لي أن المكان كان يعج بالقرامظة و الزط لكنهم و بعون الله استطاعوا تطهيره…. و هاهو سلاحهم المتطور جدا معه الآن و ليخسأ الخاسؤون
وصلنا مقر الكتيبة…. و كان قبوا كبيرا تحت الأرض يجلس فيه الرجال يتجاذبون أطراف الحديث و قد لمعت في أعينهم عزيمة الاصرار و الثقة المطلقة بالنصر القريب إن شاء الله…. في نهاية القبو كان هناك ممرا معتما يصل إلى غرفة صغيرة قال لي أبو المجد أنها غرفة التحكم و القيادة للكتيبة…. دخلنا الغرفة فكان عدة ضباط متمحورين حول طاولة صغيرة عليها خرائط و منهمكين في النقاش…. عرفني سريعا أبو المجد عليهم…. لكنهم لم يعيروني ذاك الاهتمام بسبب إنشغالهم…. يا الله ما أجمل إنشغالهم
أخبرني بعد قليل أبو المجد أنهم الآن في صدد الإعداد لمهمة خاطفة من أجل الهجوم على حاجز لكتائب الأسد…. هذه الحاجز كان قد روّع الأهالي ليل نهار و لا بد لشبيحته أن ينالوا عقاب ما اقترفوا….. قال لي أيضا أن أبا المثنى و أبا الغضنفر و هما قادة هذه الكتيبة قد وضعوا من قبل خططا محكمة من أجل القضاء على جيوش الأسد…. فمثلا و حين بدأ الشبيحة هجومهم على القرية مساء السبت الفائت تقدم ثلاث رجال من الكتيبة و انهالوا قصفا و تدميرا على مئات الشبيحة و ردوهم على أعقابهم و قتلو ثلاثة قرامطة و اثنين من المجوس و صفوي واحد…. و في مساء الخميس أيضا انقض الرجال كالصاعقة على لواء أسدي و أذاقوه مرار العذاب و شتى صنوفه حتى انشق نصف جنوده و ضباطه ولاذ من بقي منهم حيا بالفرار…. أما اليوم…. فسنقوم بمهمة نوعية من أجل تطهير المدخل الجنوبي للقرية حيث يقبع العشرات من جنود الأسد و شبيحته
بعد حوالي النصف ساعة…. انتهى الرجال من وضع الخطة…. و لقنوها للجنود البواسل…. كنت أرقب ملامح أبي المجد أثناء شرح الضباط للعملية…. كانت تعابير وجهه تتراقص طربا و يهز برأسه مبديا رضاه و سعادته بالمهمة الجديدة…. ثم قام الرجال و بدأوا بحزم عتادهم و سلاحهم…. و اتجهوا إلى ساح الوغى
وصلنا ساح الوغى متأخرا مساء ذاك اليوم…. و بدأ أشاوس إبن المهلهل بالانتشار في أماكنهم حسب الخطة…. كان كل منهم يمشي الهوينة نحو موقعه ليستحيل المشهد و كأنه هارب من مسارح البولشوي…. كنت أشعر أن هؤلاء الرجال قد عقدوا العزم…. و أنهم منتصرين لا محالة حتى من قبل أن تبدأ المعركة
ثم دقت ساعة الصفر…. دقت ساعة الانتصار…. و أعطى القائد إشارة البدء…. لتنطلق أصوات الرجال مكبرة “الله أكبر…. الله أكبر…. الله أكبر”….. كانت أصواتهم مجلجلة…. و حتى قبل أن يطلقوا رصاصة واحدة من بنادقهم بدا لي و كأن الأرض قد تزلزلت من تحت أقدام الجيش الأسدي فبدأوا يتراقصوا ألما كالطير المذبوح…. لقد دب الذعر فيهم و بدا الارتجاف على محيّاهم…. و ما كان أن أطلق أول جندي حر باسل رصاصه حتى خرّت كتائب الأسد صرعا…. و رمت بأسلحتها أرضا…. و أطفأت محركات دباباتها…. لا أريد أن أقسم لكم بالغالي و بالنفيس لكني سمعت أصوات بكاءهم و نحيبهم في أذني….. كانوا يطلبوا الرحمة و الغفران….. و كما كانت الخطة…. حسمت المعركة في دقائق معدودة
يا الله ما أرحم جنودنا البواسل في الجيش الحر….. أجل…… هذا هو جيشنا الأبي…. هذا هو جيشنا الحقيقي الذي كنا و ما زلنا نحلم به…. إنه جيش الفخار….. فرغم الانتصار المدوي و أسر كل الجنود و الدبابات و المدافع…. كانت الرحمة هي القلادة التي يحملها هؤلاء الأشاوس…. فقد اقتادوا جنود الأسد بكل لطف و أناقة إلى مقرهم…. و أطعموهم…. و حمموهم…. ثم أجلسوهم بينهم يسامروهم…. فما كان من جنود الأسد إلّا أن أجهشوا بالبكاء…. و ندموا على ما اقترفت أياديهم…. و أحسوا بخطئهم و ذنبهم…. و طلبوا المغفرة من رب العالمين
كان لابد لهذه اللحظات أن تسجل و تبث لكي يراها العالم…. إنها اعترافات كتائب الأسد المأسورة…. اعترافات حقيقية خسأت قناة الدنيا بأن تبث مثلها…. فليخسأ إعلام النظام الفاشل و الكاذب…. و ليذهب إلى الجحيم هو و خرافاته و خطرفاته و اعترافات “زعتر” و “الدوش” و “أبو نظير”….. و ليرى العالم ما هو أجمل…. إنها الحقيقة ساطعة…. بكل عفوية…. و بكل أريحية…… اعترف الجميع…. و انطلقت اعترافاتهم سلسبيلا من الكلام ليظهر الحق و يزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا

——————————
كتب التقرير الميداني و أعده: أبو نهلة
View Original