قال: يقولون إن الوضع المعيشي في تونس أفضل من الوضع في سوريا… ومع ذلك… الناس لم تحتمل وقامت وأسقطت النظام…
قلت: ليست المشكلة بالمعيشة ومستواها… المشكلة أن الأمور في سوريا بالغة الصعوبة… فاحتمال الإنقلاب العسكري معدوم… فالولاء مطلق للنظام في أهم فرق الجيش… ناهيك عن فروع الأمن المتعددة والمتغلغلة منذ عقود في كافة قطاعات الدولة والمجتمع… والأهم من هذا وذاك… أن النظام في سوريا مستعد لقتل نصف الشعب, وغير مستعد للتنازل عن الحكم… لا تنكر أن جميع الأنظمة الساقطة كانت ستوافق على إبادة الملايين لو أنها امتلكت زمام الأمور في بلدها بالشكل الذي يمتلكه النظام السوري… ولكن جيوش تلك البلدان تملك نوعاً من الإستقلالية عن رئاسة الحكم… مكنتها تلك الإستقلالية من التدخل في الوقت المناسب, والإطاحة برأس الحكم, وإنقاذ البلاد من الإبادة…
قال: وهذه ليبيا… استطاع الشعب إسقاط النظام… مع أن النظام سادي وسفاح كنظامنا…
قلت: في ليبيا لم يكن النظام ليسقط بهذه السرعة وبهذه الكلفة البشرية المتدنية (على الرغم من فظاعتها) لولا تدخل حلف الناتو…
قال: إذاً لو تدخل حلف الناتو في سوريا… فسيسقط النظام…
قلت: طبعاً سيسقط… ولكن حلف الناتو لن يتدخل حتى تصل الأمور إلى مرحلة ارتكاب المجازر الواسعة وإبادة المدن… فلا مطامع لدول الغرب في سوريا… ولا يخافون من توقف صادراتها لمدة طويلة عن العالم… فالعالم قادر على العيش بدون الفستق الحلبي (مستوحاة عن عبد الباري عطوان)…
قال: إذاً فالنظام في سوريا لن يسقط…
قلت: سيسقط… ولكن بكلفة باهظة جداً… سيسقط… حين إجرامه سيوصل الناس إلى حد قبول التضحية بنصف أولادهم… كي يحيى النصف الثاني بدون وجود النظام…
قال: من المستحيل أن يستطيع الناس قبول هكذا تضحية…
قلت: المشكلة أن القرار ليس بأيدِ الناس… فهُم سيُدفعون دفعاً للقبول بها…
صحيح أن النظام يمتلك بصفوفه شياطين قادرين على اقتلاع رؤوس الأطفال, وهم يضحكون… ولكنه لا يمتلك العقل… وافتقاده للعقل هو من سيسقطه…
الناس ستتعامل مع إجرامه بشكل طردي… فكلما زاد إجرامه كلما زادت ردة الفعل… حتى نصل للمرحلة التي إما ستستدعي تدخلاً دولياً, أو ستقلب النظام بمفردها…
قال: فمصير سيء ينتظر سوريا إذاً…
قلت: للحرية ثمن باهظ… رفض آباءنا دفعه…. وإن رفضنا نحن دفعه… فسيدفعه أولادنا أضعافاً مضاعفة…
قال: لو عاد بنا الزمن إلى 14-3-2011 فمن برأيك سيسعد…
قلت: ونحن نقف هنا في هذه اللحظة, والغلبة لم تظهر بعدُ لِمن… برأيي النظام والشعب سيسعد… ولكن لو تسأل هذا السؤال بعد 5سنوات… فأعتقد أن النظام فقط من سيسعد بالعودة إلى ذلك التاريخ… وهذا حال حروب التحرير… حريةٌ للشعب… وفناءٌ للظلم…
هناك الكثير ممن سيشكك… وممن سيزرع اليأس… ولكن التاريخ لا يكذب…
فالشعب إن أراد… استجابت الأقدار…