Quantcast
Channel: 优发娱乐wwwyoufa8|优发娱乐平台|优优发娱乐pt客户端下载
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18262

المُندسّة السورية: كنت في سورية..ودمشق بخير (2- الدرس الليبي)

$
0
0


—————————————————————————————
كتبت أغلب مقالات هذه السلسلة قبل بدء الهجوم البربري على حمص وريف دمشق، وهي تعكس مرحلة معينة في تارخ الثورة قد لا تنطبق بكل تفاصيلها على واقع اليوم
—————————————————————————————

كنت في سورية..ودمشق بخير (1 / 5)

 

العاصمة أهم قلاعك، وبقدر ما تنجح في إبقائها تحت السيطرة بقدر ما تزيد فرصك في البقاء..خلاصة ما تعلمه النظام الأسدي من صنوه في ليبيا. منذ البداية عمد النظام إلى أمرين: الأول زيادة الكثافة الأمنية في المدينة بشكل غير مسبوق، وأقول “زيادة” لأن حافظ الأسد بتجربته كان مدركا لهذه الناحية منذ عقود بحيث تحولت دمشق إلى شبكة من الفروع الأمنية المدعمة بالثكنات العسكرية في محيطها، أما الثاني فكان محاولة استرضاء سكان المدينة بإيقاف الرشاوى في الدوائر الحكومية وغض النظر عن المخالفات وما لمسه المواطن المسحوق من احترام في المعاملة لم يعهده سابقاً، إلا أن هذه الحال لم تدم لفترة طويلة، فكما يقال “ديل الكلب أعوج”، وفي نظام يعتاش على الفساد لا يمكنك أن تتقمص حالة الطهورية إلا لبرهة.

المهم في الأمر أن عملية السيطرة على العاصمة ليست عملا أمنيا فقط، فجزء كبير منها نفسي وإعلامي بحيث تعطي انطباعا باستقرار الوضع وقدرة النظام على السيطرة. على هذا أخذ الانتشار الأمني شكلا غير ظاهر (في البداية على الأقل) من خلال رجال المخابرات وجيش من الشبيحة والمرتزقة والزبالين وسائقي التاكسي المنتشرين في كل ناحية في استعداد لقمع أي تحرك يحدث، وغزت المدينة آلاف البسطات والباعة المتجولين في أماكن لم يكن يسمح فيها بظواهر كهذه.

في أحد الأيام أخذني صديق في جولة على المنطقة التجارية في المدينة حرص فيها على المرور بساحة السبع بحرات لكي أعاين مساحة المظاهرات “المليونية” بشكل مباشر. في الطريق نزلنا من الجسر الأبيض باتجاه شارع الحمرا المكتظ عادة بالمتسوقين، لم يخل السوق من مرتاديه وإن كانت كثافتهم قلت بشكل ملحوظ، لكن اللافت للنظر كان بائعي البسطات (الممنوعين سابقا) وهم يفترشون جانبي الشارع بحيث تلتصق البسطة بأختها دون فراغات تقريبا، وبحسب الصديق فإن عصا كل من هؤلاء وسلاحه مخبأ تحت البسطة بانتظار إشارة ليخرجها وينقض على “المخربين”. تلا ذلك الحدائق التي لم يخل أي منها من رجال الأمن المرابطين فيها على مدار اليوم. الطريف هو أن من له خبرة بدمشق يمكنه تمييز رجل الأمن بمجرد النظر إليه لكن الحال وصلت إلى أن محدثي كان يحدد لي نقاط تواجد المخبرين حتى قبل أن نصل إليها لأنتبه لهم، فيخبرك عن مدخن يقف على ناصية أحد الشوراع يراقب الوضع، وعن بائعٍ جوال يفترش أحد الأرصفة ووضعه ينم عن أن البيع آخر همه، وعن ثلاثة يجلسون في زاوية إحدى الحدائق يشربون المتة ويجيلون النظر فيما حولهم. هذا خلاف الحواجز العسكرية المبثوثة في الأحياء الساخنة والتي اضطروا لنشرها مؤخرا بدعوى مطاردة العصابات المسلحة.

بعد جولة كهذه يبدو لك وضع المدينة على حقيقته، وتبدأ في ملاحظة تفاصيل كثيرة لم تكن واضحة لأول وهلة، تنتبه إلى عامل النظافة الذي يجوب الحي ثم يقف في نفس المكان في حارتك في ساعة محددة كل ليلة دون أن يتحرك من مكانه، أو مجموعة الزبالين الذين يتحركون سويا كمجموعة لتنظيف نفس المكان، أو بائع الفاكهة الذي يعمل فقط في الساعات التي يُعتاد فيها خروج المظاهرات ثم يغلق بعدها دون اكتراث أباع أم لم يبع، تدرك أن النظام يعلم تماما أن دمشق لم تعد في يده، وأن تركيزه لم يعد على إبعاد روح الثورة عنها وإنما على منع تشكل كتلة حرجة من المظاهرات تجمع حولها الناس وتشعل دمشق بأكملها.

لا يعني هذا أن الخوف قد انتهى في دمشق، الأمر أبعد ما يكون عن ذلك. لا زلت أذكر إحدى المظاهرات التي كانت في شارع فرعي يبعد خمسين مترا فقط عن مسار السيارات، حينها وصلت متأخرا بضع دقائق وبينما كنت لا أزال أمشي في الشارع الرئيسي والتكبير يصدح من المتظاهرين كانت بضع سيارات تلتف بارتباك وتعود بسرعة من حيث أتت خوفا حتى من المرور بمحاذاة المظاهرة و”يا روح ما بعدك روح”. ما أريد قوله هو أن كسر حاجز الخوف على المستوى الجماعي لا يحصل اعتباطا وخاصة حين ينأى أغلب القادة الاجتماعيين (المشايخ في هذه الحالة) في مجتمع المدينة الذي يفتقد للروابط العصبية عن المساهمة في تحريك الناس. ومن تابع حمص مثلا سيلحظ أن الحراك فيها بدأ محدوداً وكان للريف دور كبير فيه لكنه تطور في ظل مشاركة الأحياء التقليدية (باب السباع) وقبضة أمنية أخف من نظيرتها في دمشق (باستثناء منع الاعتصام في ساحة الحرية) بحيث تشكلت كتلة ساعدت الكثيرين على كسر حاجز الخوف والانضمام إليها حتى اشتعلت حمص بأكملها وحملت لقب عاصمة الثورة عن استحقاق. ما يحدث في دمشق اليوم هو منع تشكل هذه الكتلة ومحاصرة أي تظاهرة بسرعة قبل امتدادها، والتركيز على اعتقال من فيها -لا قتلهم- لإخماد الشعلة.

 

—————————–

مدونة غربة

 

 


View Original

Viewing all articles
Browse latest Browse all 18262