المُندسّة السورية: عداد الموت، هل هو مؤشر على تقدم الثورة ؟

أي شي منعمله بحياتنا و خصوصا المشاريع الكبيرة شوي منحتاج خلال إنجازها لمؤشر! مؤشر يخبرنا وين موقعنا بالنسبة للهدف، بدنا نعرف إذا كنا قطعنا تلت الطريق و لا نصه و لا تقريبا وصلنا و باقي شلفة حجر ؟

هادا المؤشر شي مهم كتير، و بدونه كتير مشاريع ما مكن إنه يتم إنجازها لسبب بسيط جدا هو إنه قدرة الانسان النفسية على الاستمرار في العمل لتحقيق هدفه مرتبطة لدرجة كبيرة بالمكافأة النفسية اللي بيحصل عليها الانسان لما بشوف إنجازه و لما بشوف رد فعل الآخرين على هالإنجاز. لهالسبب بتلاقي طالب البكالوريا دائما عم يقلب بالصفحات ليعد كم صفحة خلص، و المخرج بيتظر ينعرض فيلمه ليعرف رد فعل الجمهور!

شو دخل هالحكي بالثورة ؟ المشكلة إنه بالثورة و لأسباب متعددة ما عندها هادا المؤشر الواضح اللي بقولنا وين موقعنا بالنسبة لطريق الثورة، و لا منقدر متل طالب البكالوريا نعرف بالضبط أديش خلصنا و أديش باقي علينا ! في عنا مجموعة من المؤشرات المختلفة و المتباينة، يعني كل واحد فينا عنده مؤشراته الخاصة و قراءته الخاصة و لذلك حدث معين ممكن يكون إيجابي للبعض و سلبي للبعض الآخر حسب قاءة كل واحد فينا المختلفة للأحداث.

على كل الأحوال فإنه اعتمادنا على مؤشرات خاطئة رح يكون إله آثار سلبية كتير لأنه يمكن يخفض من روحنا المعنوية و يحرمنا الدافع النفسي للاستمرار. أنا شخصيا لاحظت إنه البعض بيعتبر عدد الشهداء اليومي هو مؤشر الثورة، بحيث بيعتبر إنه كل ما نقص عدد الشهداء كل ما كان أحسن و كانت الثورة عم تحقق هدفها ! بس ما بتلاحظوا معي إنه حسب هالمؤشر الثورة كانت بأحسن حالاتها قبل ما تبدا !! أنا إذا رضيت أخد هالمؤشر بعين الاعتبار رح أخده بالتجاه المعاكس، يعني زيادة عدد الشهداء هو اللي بدل على تقدم الثورة مو العكس، و لا تنسوا إنه التور ـ الله يعزكن ـ بيرفس أقوى رفسة عنده ” قبل أن يخر صريعا بين قديمي مصارعه” ! و هالفكرة يمكن تدحض الادعاءات اللي بتقول إنه ازدياد عدد الشهداء سببه تحركات الجيش السوري الحر أو مهل الجامعة العربية. مو دفاعا عن حدا، بس أنا بظن إنه في أحسن الأحوال ممكن نقول إنه هالأسباب خنقت النظام أكتر فازداد القتل اليومي و بهالحالة هادا مؤشر على تقدم الثورة و بأسوأ الأحوال ممكن نقول إنه هالعوامل ما إلها علاقة مباشرة بعداد القتل اليومي. و لازم ما ننسى إنه النظام المدعوم بعشرات الآلاف من عناصر الأمن و الشبيحة و الجيش و المدجج بالأسلحة و الإمكانيات المادية و اللوجستية و الاستخباراتية ما بيصعب عليه قتل ألف شهيد في يوم واحد، بس هو بيعرف منيح إنه هالعمل رح يسرع نهايته الحتمية و يخليها مأساوية أكتر! يعني الأسباب اللي بتحد من عدد الشهداء لعشرين أو تلاتين شهيد يوميا هي أسباب سياسية و إعلامية مو أسباب عسكرية و هادا سبب إضافي بخلينا نبطل نربط بين عدد الشهداء و قوة النظام كمؤشر على تقدم الثورة.

من وجهة نظر تانية ممكن إنه ننسى عدد الشهداء اليومي و نراقب مؤشرات تانية متل عدد المظاهرات و نسبة المشاركة فيها و توسع المظاهرات لمناطق جديدة و نسبة المشاركة في الإضراب و الوضع الاقتصادي للنظام اللي عم يتدهور يوم بعد يوم ..الخ. المهم إنه ننسى موضوع إنه ازدياد عدد الشهداء معناها الثورة عم تخسر لأنه النظام ما بيقتل الشهداء أملا بإنه يخلصوا الثوار و المندسين و هو بيعرف إنه عددهم بالملايين، هو بيقتل الشهداء لحتى يخوفنا و يحبطنا معنويا و يخلينا نتراجع عن هدفنا اللي هو إسقاط النظام. و مشان هيك ما لازم نخليه يحقق هالهدف، و ماحدا يفكر إنه هادا استهتار بدماء الشهداء ـ معاذ الله ـ بس أنا بظن إنه أكبر خدمة ممكن نقدمها للشهداء هو إنه نحقق الهدف اللي دفعوا أروحهن في سبيله ..

أكيد ماحدا بدو يتراجع عن الهدف، بس الإحباط النفسي بيتشر متل انتشار النار في الهشيم. لذلك لما تشوف معنوياتك مش و لا بد خليك بحالك و لا تنقل العدوى لحدا، و لما بتكون في أحسن حالات التفائل و النشوة النفسية سمعنا صوتك بمقالة، بتعليق، باللي بدك ياه .. الحرب خدعه فخلينا نكون مخادعين و نتظاهر بالتماسك و دموعنا على الشهداء و المعتقلين خلينا نذرفها في داخل أنفسنا لا إلى خارجها ..

بقلم “مفكر مغمور”