تفجير في دمشق.. وبعثة المراقبين ترفع تقريرها الأول
(ملخص لأحداث الثورة السورية مابين 2 وحتى 8 كانون الثاني/يناير 2012)
وجود المراقبين العرب في سوريا للأسبوع الثاني على التوالي لم يكن سببا لتوقف مسلسل القتل والاعتقالات في البلاد، فأعداد الضحايا لم تختلف، وإنما سمح وجود اللجنة ولو شكلياً بتشييع بعض الشهداء في بعض المناطق كحال دوما التي استطاعت للمرة الأولى منذ شهور تشييع شهداؤها الأربعة دون وابل من الرصاص.
خلال الأسبوع تعرضت عربين وحرستا لحملات اعتقالات واسعة و تمركُز القناصة على أسطح البنايات، أما حمص فقد شهدت مجزرة شرسة برشاشات ثقيلة وجهت صوب المتظاهرين في الطريق العام، وفي حماة قام الأمن بسد كل المنافذ والطرق المؤدية إلى ساحة العاصي، ولم يمنع ذلك من خروج مظاهرات في الأحياء، كما تجمعت أعداد كبيرة في ريف دمشق نصرة للمدن المحاصرة ومنددين بتخاذل اللجنة العربية، أما درعا التي شهدت عدة أحياء منها اقتحاماً للأمن والجيش وإطلاق الرصاص الكثيف على المدنيين العزّل، تعرضت مناطق عدة منها لحملات تمشيط بالمدرعات الثقيلة مما أسفر عن عدد من الجرحى والشهداء والمعتقلين، كما تعرضت بلدات السهوة ومعربة والمسيفرة لاقتحام واعتقالات وتكسير وحرق للمنازل.
دير الزور التي لاقت نصيباً وافراً من العنف هذا الأسبوع شهدت مداهمات واعتقالات وحرق للمنازل والممتلكات العامة من قبل ميليشيات الأمن، مما أدى إلى سقوط ما يزيد عن 13 شهيد فيها خلال يوم واحد.
بعثة المراقبين التي حاول الأمن تضليلها وتوجيهها بعيداً عن مناطق المظاهرات على حد قول التنسيقيات، شاهدت العديد من مشاهد القتل والاعتقال في المناطق التي زارتها، كما اتهمت التنسيقيات النظام والأمن بإخفاء مظاهر التسليح والعنف من المناطق التي تواجدت فيها اللجنة، وبالرغم من ذلك فقد صرح العديد من أعضاء اللجنة بهول المناظر التي رأوها واعترفوا بوجود قناصة منتشرين في مناطق التظاهر.
وفي خطوة احتجاجية على عدم زيارة بعثة المراقبين العرب لهم منذ بدء عملها في سوريا منذ أكثر من عشرة أيام، أعلن المعتقلين السياسيين في سجن «عدرا» قرب دمشق عن بدء إضرابهم عن الطعام منذ يوم الثلاثاء الماضي،
إضراب الكرامة شهد تطوراً ملحوظاً هذا الأسبوع حيث لوحظ استجابة واسعة لحملة الضجيج التي دعا لها الإضراب وقام الأهالي بمختلف المناطق بالقرع على الأواني في الليل للتعبير عن احتجاجهم على القتل والعنف من قبل النظام، كما يدخل الإضراب مرحلة استرداد الشوارع هذا الأسبوع والتي تشمل تغيير أسماء الشوارع، إزالة صور و رموز حكم البعث، رفع علم الاستقلال في المرافق العامة، دعوة السائقين إلى التأخير بالخروج لساعتين أو ثلاثة عن العمل، وإغلاق الطرقات مع التركيز في على الشوارع المؤدية إلى المراكز الهامة لتعطيل عمل المؤسسات.
يوم الجمعة الذي حمل مطلب الشارع “التدويل مطلبنا” استيقظ فيه أهالي حي الميدان الدمشقي على صوت انفجار تحت الجسر المتحلق الجنوبي مقابل مخفر الشرطة بالميدان سقط ضحيته ٢٦ شخصاً وعشرات الجرحى بحسب وكالة الأنباء السورية، وهو الانفجار الثاني من نوعه منذ الموافقة على بروتوكول الجامعة العربية، وقد نفى العقيد رياض الأسعد مسؤولية الجيش الحر عن العملية متهما النظام بتنفيذها، الأمر الذي تؤيده عدة فيديوهات انتشرت على الانترنت لتفضح المسرحية التي قام بها النظام والتي لم تكن متقنة على حد تعبير الفيديوهات المنشورة والتي أظهرت العديد من المشاهد التمثيلية لقتلى أو حتى وضع أدوات في مسرح الجريمة.
في حي كفر سوسة بدمشق خرجت مظاهرة حاشدة من جامع الرفاعي قابلها الأمن بهجمة كبيرة تمثلت بتواجد ما يزيد عن خمسمائة من الشبيحة حول المسجد بلباس مدني، ما إن بدأ المصلين بالخروج حتى انهالوا عليهم ضرباً بالعصي والسكاكين حسب شهود عيان، و في درعا أفادت التسيقيات أن قوات الأمن حاصرت معظم مساجد المدينة مع استمرار إغلاق الجامع العمري للأسبوع الثالث على التوالي، ومنعت الرجال دون الخمسين من الخروج لأداء الجمعة.
وبحسب لجان التنسيق المحليّة سقط يوم الجمعة ٣٥ شهيداً في عدّة مناطق منها حماة وريف دمشق وحمص وإدلب ودرعا، وسُمع دوي انفجارات في بلدة التل في ريف دمشق، كما شهدت أغلب أحياء العاصمة انتشاراً أمنياً مكثّفاً.
الأسبوع الماضي شهد إنشقاق العميد الركن مصطفى الشيخ – ويعتبر أعلى رتبة عسكرية تنشق عن الجيش السوري حتى الآن منذ بداية الثورة – كما شهد انشقاق المفتش الأول للجهاز المركزي للرقابة المالية بمجلس الوزراء والمفتش المالي في وزارة الدفاع محمد سليمان الحاج أحمد، وفي مؤتمر صحفي عقده الحاج أحمد في القاهرة قال أن 80% من الجهاز الحكومي السوري ضد بشار ويتمنون الانشقاق ولكنهم قيد الاعتقال بسبب الملاحقات الأمنية المشددة على حد تعبيره، وأضاف “أتوقع انهيار النظام السوري ماليا واقتصاديا خلال شهرين بسبب نضوب موارده المالية” مشيراً إلى أن النظام الإيراني ينقل أمولاً طائلة بملايين الدولارات تحملها طائرات تحط في مطار دمشق، بالإضافة إلى مساعدات من العراق.
على صعيد المعارضة لا تزال مساعي المجلس الوطني السوري السياسية مستمرة، حيث التقى وفد من المجلس الوطني وزير الخارجية البرتغالي باولو بورتاس، كما التقى وفد من المكتب التنفيذي وزير الخارجية التركي داوود أوغلو ، من جانبه كشف عضو المجلس التنفيذي في المجلس الوطني السوري ونائب المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا، محمد طيفور، عن إنشاء منظمة في إسطنبول لإغاثة الشعب السوري تحمل اسم “المؤسسة السورية الإنسانية للإغاثة والتنمية”، وتعتبر المنظمة جزءا من المؤسسات التابعة للمجلس الوطني السوري.
و على الصعيد الدولي أدان مجلس الأمن الدولي بشدة التفجير الذي وقع في دمشق، ووصف المجلس الهجمات بالإرهابية والشائنة، وأعاد التأكيد على رفضه لكل أشكال ما سماه الإرهاب بغض النظر عمن يقف وراءها. و من جانبه استنكر الأمين العام للأمم المتحدة التفجيرات واستمرار سقوط القتلى يوميا في سوريا، كما عبر مجددا عن قلقه البالغ من استمرار تدهور الوضع ومصرع آلاف الأشخاص منذ مارس/آذار الماضي، و أعلن استعداد الأمم المتحدة لتقديم مساعدة فنية لبعثة المراقبة التابعة للجامعة، مشيرا إلى أنه تواصل بهذا الشأن مع الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وفي سياق متصل أدانت وزارة الخارجية الأمريكية تفجير دمشق الذي يبعد نحو ثلاثة كيلومترات عن مقر السفارة الأمريكية بالعاصمة، و قالت المتحدثة باسم الوزارة إن واشنطن في الوقت الحالي لا تستطيع القول كيف وقع الهجوم، و أضافت أن الحكومة و من جانبها استنكرت روسيا بشدة هذا التفجير واصفةً إياه بالعمل الإجرامي، وطالبت بضرورة معاقبة مدبريه ومنفذيه.
عربياً قال رئيس الوزراء القطري رئيس اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالملف السوري إن بعثة المراقبين العرب لم تحقق أهدافها، وأضاف أن هدف البعثة انحرف عما ينبغي أن يكون عليه، وأشار إلى أن وفد المراقبين اهتم بأمور مثل توصيل الطعام والبحث عن مفقودين، بشكل يبتعد عن مهامهم الأساسية التي تتمثل في مراقبة مدى التزام السلطات السورية بتطبيق البروتوكول الذي وقعت عليه، والذي ينص على وقف أعمال العنف وسحب الجيش وعناصر الشبيحة وإطلاق المعتقلين والسماح بدخول وسائل الإعلام الأجنبية. فيما تجتمع اللجنة الوزارية غدا في القاهرة، لبحث تقرير مبدئي لبعثة المراقبين العرب.
وحسب مصادر قالت أن اللجنة العربية ستناقش في اجتماعها التقرير الأولي لرئيس بعثة المراقبين العرب في سوريا الفريق محمد الدابي، كما أشارت المصادر أن التقرير يشير إلى أنه رغم الإفراج عن مئات المعتقلين لا يزال هناك معتقلون في مواقع غير معلومة، حسب شكاوى وردت إلى المراقبين من الأهالي في بعض المدن إضافة إلى أن سحب السلاح والآليات من المدن السورية لم يتما بالصورة المطلوبة.
من جانبه قال وزير الخارجية الفرنسي إن بعثة المراقبين العرب في سوريا لم تعد قادرة على أداء عملها بشكل جيد، لكنه أكد دعم بلاده لمبادرة الجامعة، واتهم النظام السوري بارتكاب أعمال قتل وحشية لم تعرفها المنطقة منذ عدة سنوات، كما أعرب عن أسفه لعدم تمكن المجموعة الدولية من الحصول على إدانة واضحة لاعتداءات النظام السوري من مجلس الأمن الدولي، وعزا ذلك إلى حق النقض الفيتو الذي استخدمه بعض الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، في إشارة إلى روسيا والصين.
_______________________
المصدر: http://bit.ly/yEvMnV
View Original