بقلم باسم عبدو
ولد لينين في مدينة سيمبرسك (أوليانوفسك) في 22 نيسان عام .1870. محطات عدة في حياة ونضال القائد الثوري.. بدأت بعد اغتيال أخيه ألكسندر بسبب مشاركته في تنظيم محاولة اغتيال القيصر ألكسندر الثالث.. وبعد الاغتيال عاد لينين إلى مدينة قازان، وانضمّ إلى إحدى الجمعيات الماركسية فيها..وكانت المحطة الثانية في بطرسبورغ، حيث بدأ يؤلف كتباً في علم الاقتصاد الماركسي، وتاريخ حركة العمال والفلاحين في روسيا..
واستمرت مسيرته النضالية في عشرات المحطات التي شكلت انعطافاً كبيراً وانتصاراً كبيراً، رغم الصعوبات والخلافات والتباينات… وبسبب نضاله وجرأته واقتحامه المواقف الصعبة والمعقدة، نفي إلى سيبيريا لمدة عام. وفي عام 1900 (الثلاثين من عمره) سافر لينين إلى سويسرا، وبقي خارج روسيا حتى عام 1905.
وتمَّ اختياره لزعامة حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي.. وعاد إلى الوطن وشارك في التمرّد ضد الحكومة، ونفي مرة ثانية عام 1908 إلى سويسرا أيضاً. وبعد ذلك سافر إلى باريس.. وكانت المحطة الحاسمة في انتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى عام 1917 ثورة هزّت العالم وكانت أعظم حدث في القرن العشرين!
وقامت الدولة السوفييتية في عام ،1923 وتدهورت صحة لينين بعد محاولة الاغتيال. وأصيب بالعديد من الجلطات القلبية التي أفقدته القدرة على النطق، فأبعدته عن الأضواء السياسية، وعن أضواء الحياة.. أي قبل وفاته في عام 1924. وبعد رحيله قاد جوزيف ستالين الدولة السوفييتية، وخاض الجيش الأحمر المعارك الوطنية وانتصر على أعداء البشرية في الحرب العالمية الثانية.
تواريخ ومحطات هامة يمكن التذكير بها نظراً لأهميتها،وأهمية الاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة. وإن رحل لينين منذ 87 عاماً، لكن اللينينية التي فصلها كثيرون عن الماركسية، و(جرَّفوا) بأقلامهم الكثير من أفكارها، وادّعى بعض الباحثين أنّ ما حققته من تغيرات لم يكن سوى تغيرات نتج عنها الفشل، ووصفوها بـ (المحلية).
إنَّ قراءة لينين من جديد، وتعرّف أجيال الشباب على إنجازاته في الفكر والفلسفة والسياسة والاقتصاد، ومعرفته بواقع الشباب والدروس التي استنتجها، وإعطائه الشباب الدور الرئيس في التغيرات المستقبلية، يعدُّ زاداً معرفياً ومساعداً على رؤية المستقبل(فالشباب هم المستقبل). والشباب الذي يوصف بـ(الاستهلاكي) في عصر ثورة الاتصالات، بيَّنت الأحداث في المنطقة أنه مغاير لهذا التوصيف (الخائن) للجيل الطامح إلى التغيير.. وعلى الشباب أينما كانت مواقعهم ومواقفهم أن يعودوا إلى ماركس وإنجلس ولينين وجميع الثوريين.
إنَّ قراءة الماركسية – اللينينية في ظلّ الحراك السياسي العربي الجديد، واستبدال الحديث بالقديم البالي، في مفاهيم السلطة والدولة والديمقراطية ورفض الظلم والقمع والاستبداد وتحكّم الأجهزة الأمنية في مصير الشعوب العربية وتحديد هوية الشباب، هو عمل ضروري جداً من الناحية الوطنية والأممية والنضالية.
إنَّ العودة إلى مؤلفات لينين، وقراءتها قراءة تحليلية، وأخذ الزمن الذي صدرت فيه بالحسبان، أي الابتعاد عن النَّصية والجمود، وأخذ المفيد وبما يناسب الحياة الجديدة والمرحلة، ونبذ البالي المهترئ، كما جاء في البيان الشيوعي منذ 163 عاماً.
إنَّ اللينينية مكمل للماركسية، ولم تنتهِ بعد، والعلاقة بينهما ما تزال تثبت هذا الترابط، انطلاقاً من أنها غير جامدة بل هي مرشد للعمل! والحزب الماركسي الذي أسَّسه لينين في مطلع القرن العشرين كان حزباً جديداً، وهو الآن يحتاج إلى التجديد العملي لا إلى التجديد الورقي والخطابي والقول وقلّة الفعل.
لقد أطاح حزب لينين بالأوتوقراطية القيصرية، وأقام النظام الاشتراكي..ويعود الفضل إلى لينين في أنه طوَّر التعاليم الماركسية، وأعطاها شكلاً خاصاً في روسيا المتخلّفة. وواصل في كتابه (الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية) عام ،1916 تحليل أسلوب الإنتاج الرأسمالي الذي كان ماركس قد قام به في (الرأسمال) واكتشاف القوانين التي تحكم التطور الاقتصادي والسياسي للرأسمالية في عصر الاستعمار.
ويرتبط اسم لينين بتطور كل جوانب الماركسية، وبضمنها الفلسفة. وقد وجه اهتمامه إلى تطوير المادية الجدلية والمادية التاريخية.. وكتب مؤلّفه الفلسفي الرئيسي (المادية والمذهب النقدي التجريبي)، الذي قدَّم فيه تحليلاً عميقاً لآخر إنجازات العالم الطبقي في ضوء المادية الجدلية..وعمل على تطوير واستكمال المادية الجدلية التي وصفها بأنها (روح الماركسية) و(الأساس النظري الأساسي) للماركسية.
وفي مقالة (حول أهمية المادية المناضلة) نشرت عام 1922 – المهام الحيوية التي ينبغي الاضطلاع بها من أجل مزيد من تطوير الفلسفة الماركسية، وبضمن ذلك الصراع ضد الآراء الدينية في العالم. ومن الأمور ذات الأهمية الخاصة في بحثه عن مشكلات الطبقات والصراع الطبقي والدولة والثورة في كتابه (الدولة والثورة). وفي العلاقة بين الجماهير والحزب.. وعن العلاقة بين علمَيْ الاقتصاد والسياسة.. وعن الثقافة والثورة الثقافية والأخلاقيات الاشتراكية، ومبادئ الفن الاشتراكي.
إنَّ الذكرى الـ 141 لميلاد قائد ثورة أكتوبر الاشتراكية، تأتي في هذا العام عاملاً محفّزاً لجميع القوى السياسية من الماركسيين والشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين المخلصين، ولجميع الكادحين.. تأتي محفّزاً لإعادة النظر في قراءتها من جديد، ولدراستها دراسة تحليلية على ضوء التطورات والمتغيرات في العالم العربي والمنطقة عموماً.. دراسة تحليلية تستند إلى الماركسية – اللينينية، وقراءة جدلية المتغيرات في مفهوم السلطة والدولة، وإعادة النظر بالعلاقة مع الكادحين من عمال وفلاحين ومزارعين وكسبة وبرجوازية صغيرة ومتوسطة. ومد الجسور مع الشباب من طلاب الثانوي والجامعات والفنيين وأصحاب المهن، وجذبهم إلى العمل السياسي والفكري والثقافي والنشاط الاجتماعي.. والبحث في دور الشعوب التي أثبتت قدرتها على التغيير والتضحية للوطن وإعادة الاعتبار لكرامة المواطن.
إنّ الاحتفاء بهذه المناسبة تحفّزنا كشيوعيين، للعمل أكثر ومضاعفة الجهود للنضال والدفاع عن المواطنين، والعمل لتحقيق مطالب الجماهير الكادحة وأصحاب الدخل المحدود، وحماية الوطن، وتوحيد صفوف القوى التقدمية واليسارية والديمقراطية، للانتقال بالبلاد إلى مرحلة جديدة تسود فيها الديمقراطية، بشكل سلمي ونبذ العنف وفتح نافذة للحوار وتعزيز الوحدة الوطنية، ونبذ الطائفية والقضاء على الفساد والمفسدين.
View Original