Quantcast
Channel: 优发娱乐wwwyoufa8|优发娱乐平台|优优发娱乐pt客户端下载
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18262

المُندسّة السورية: صناعة الخوف

$
0
0

قالو قديما بالحب وحده تمتلك القلوب…فاذا كنت حاكما وأردت امتلاك قلوب شعبك فليس لك سوى العدل طريقا لذلك .

يحكى أن والي خرسان كتب للخليفة عمر بن عبد العزيز يستأذنه في أن يرخص له في استخدام بعض القوة والعنف مع أهلها قائلا في رسالته :ان أهلها لا يصلحهم الا السيف والسوط , فرد عليه الخليفة عمر قائلا :كذبت..بل يصلحهم العدل والحق…فابسط ذلك فيهم واعلم أن الله لايصلح عمل المفسدين…

وهذا ما جعل السابقين يقولون أن العدل أساس الملك , وهذا ما جعل أعدل الحكام يعيشون حياتهم كأي فرد في المجتمع يمشون في الأسواق ويباتون في منازل متواضعة حالهم كحال أي فرد من الأمة ,يقضون نهارهم ويبيتون ليلهم دون حرس أو خدم.

ولكن اذا كنت غير قادر على امتلاك حب شعبك بالعدل لأنك انتزعت الحكم غصبا وأصبح لديك هاجس أنه سينزع منك كما انتزعته انت فما السبيل الى اكتساب طاعة الشعب اذاً؟؟؟

هنا بدأت حرفة صناعة الخوف والتي لا يتقنها أي شخص مهما امتلك من قوة ونفوذ,فكم من حاكم وولي أمر امتلك القوة والبطش الاّ أنه رغم ذلك لم يكسب طاعة شعبه وذهب حكمه أدراج الرياح , وخاصة أن الحكام الدكتاتوريين الذين خُلد اسمهم في التاريخ هم جزء يسير ممن حكم بحد السيف.

طبعا عملية زرع الخوف داخل نفوس الشعب تتطلب وقت ليس بقصير بالاضافة لحرفية عالية تختصر فيها الوقت والجهد ليصبح فيها الخوف مستوطن في العقل الباطن للشعب دون أن يلحظو هم أنفسهم ذلك.

حيث ظهرت الكثير من الدراسات والتحليلات مدعومة بالتجارب العملية لتفسير هذه الظاهرة وطريقة استخدامها مع الشعب للحصول على النتائج المرجوة , ومن هذه التجارب تجربة حبس الخمسة قرود في قفص وتطبيق سياسة العقاب الجماعي عند فعل أحدهم لفعل معين واستبدال أحدهم في كل مرة بقرد جديد مع اعادة تطبيق التجربة الى أن يتم استبدال جميع القرود ويبقى رد الفعل نفسه لدى القرود الجديدة دون معرفة سبب هذا الرد , ومن النظريات الهامة في تحليل ظاهرة الخوف نظرية عقدة ستوكهولم وغيرها من النظريات التي قامت بدراسة هذه الظاهرة دراسات متأنية للوقوف عند أسبابها وطريقة استغلال الحكام لهكذا نظريات لتطبيقها على شعوبهم.

تتجلى أعظم درجات الخوف عند الشعب بتأليه حاكمهم قولا وفعلا حتى لو لم يدّعي أو يطلب هو ذلك, ولكن ماذا لو وضعنا أنفسنا مكان هذا الحاكم هل هو فعلا يصدق أنه سيبقى هو وحكمه الى الأبد عندما يسمع شعبه يهتف بذلك؟؟هل حقا أنه يصدق أنه أصبح بمصاف الآلهة وأنه خالد؟؟؟ أنا شخصيا لا أعتقد ذلك , ولا أعتقد أن هاجس أي حاكم هو أن يحكم الى الأبد ويصبح خالدا…لأنه ببساطة ليس المهم بالنسبة له أن يصدق أنه خالد ولكن الأهم أن يكون الشعب هو المصدق ولو في عقله الباطن , ولذا لم نجد أي حاكم مستبد عبر التاريخ خرج لشعبه ليخبرهم بأنه فان وأنهم يجب عليهم ألا يألهونه؟

ربما ذلك بسبب أن الشعب يكون قد دخل بنوبة سبات فكري جعلتهم يرسمون هالة مقدسة حول شخصية الحاكم ليستطيعو تقبل سطوته وأوامره كنوع من تعاليم الهية غير قابلة للنقاش فاذا حاول اخراج هذه الفكرة من عقولهم فان ذلك سيخلق صدمة لديهم قد يكون لها مفعولا عكسيا على حكمه.

ونجد تجليات الخوف والرهبة بكل تفصيلة تخص نظام الحكم ,فيكون الشعب حذرا حتى من النظر الى أي شيء يخص أي شخص من أعمدة الحكم ومقربينه , فيصبح كل ما يخص الحاكم من قريب أو من بعيد مقدس ولا يُسمح بالمساس به.

ونجد من أكثر الأساليب فعالية في صناعة الخوف هو زراعة الشك في قلوب الشعب وانتزاع الثقة ببعضهم وذلك بتجنيد الأمن بنسبة كبيرة من جميع فئات الشعب حتى يصبح الشخص يخاف من أقرب الناس اليه في التصريح بأي شيء يخص نظام الحكم, حتى أن هذا الخوف والشك يصبح ثقافة متأصلة في ثنايا أفكارنا حتى وان كنا في المريخ وأراد أحدنا التحدث عن النظام تراه يخفض صوته ويتلفت حوله وهو يهمس بصوت يكاد هو لا يسمعه…حتى في غرفة نومه أصبح الشخص يخاف أن يهمس لزوجته عما يراه من فساد وظلم.

ومن تجليات هذا الخوف أيضا أن تجد نفسك انت وعن غير وعي لا تتقبل أي نقد لنظام الحكم وحتى ولو انك تعلم ما يوجد من فساد وأن تجد دائما التبريرات للحاكم عما يحصل من ظلم وفساد , وذلك كأبسط التبريرات المعتادة وهي أنه لايعلم بما يجري وأن الفساد من بطانته وليس منه وأنه لو علم لما قبل بذلك,الى أن تصل التبريرات في النهاية الى أنه ليس هو من يحكم عمليا وأنه لا يملك السلطة لرفع الظلم عن الشعب.

وأكثر من ذلك قد يصل التأليه والقداسة لعائلته بنفس درجة تأليهه وذلك باعتبارهم قدرنا الذي لا يجب حتى التفكير بتغييره أو لما يجب علينا القبول به , لتصبح هذه العائلة هي مخلصنا وأننا سننتهي بدونها, فتجد نفسك وعن غير وعي تذرف الدموع بحرقة قلب حين وفاة أحد أولاده والذي كان سيصبح الرئيس الأمل الذي سيكون خير خلف لخير سلف,فها هي مسيرات العزاء بالملايين تخرج ذارفة الدموع على شخص لا يملك أي صفة رسمية سوى أنه ضابط ذو رتبة متوسطة في الجيش حاله كحال مئات الضباط , ولكن لم كل هذه الدموع عليه؟؟؟هل هي حقا دموع الحزن والأسى أم دموع الخوف والحنق؟ دموع الحزن على ماذا عليه أم على أنفسنا؟؟؟

اذا بحثنا عن الخوف المزروع في داخلنا سنجده موجود في أدق تفاصيل حياتنا لدرجة أنه عند بداية أحداث الثورة وحتى بعد تسعة شهور من انطلاقها لازلنا نجد نسبة كبيرة من آبائنا وأمهاتنا وحتى من شبابنا لازالو يتمترسون وراء مقولة (ما دخلنا.ومالنا قد النظام.المهم عايشين والحمدلله).أليس هذا الكلام أكبر مقياس على مدى ما تم زراعته داخلنا منذ عدة عقود على يد شخص محترف يعد من أكثر الشخصيات الحاكمة التي احترفت صناعة الخوف وأسست لمملكة الخوف الحالية التي يحكم في ظلها ابنه ومن سيخلفه من بعده ,

وما انتهاج نظام الحكم الحالي لنفس مفردات نظام الحكم السابق الدليل الأكبر على أن النظام السابق أسس لعهد طويل يريح من سيخلف بعده الى ما شاء الله وهنا تجلت مقولة الى الأبد في هذه الأنظمة,,,,ولكن ربما الثقة الزائدة أو زيف المناصب قد عمل غشاوة على عين النظام السابق جعلته يتعامى عن نقطة مهمة جدا أن الفرس دوما من الفارس وأنه يجب أن تحسن اختيار ربان سفينتك لكي تضمن سلامتها خلال العواصف , وأن الحاكم الأحمق قد يؤدي الى انهيار أعتى الممالك مهما كان حوله من مستشارين فما بالك ان كانت مملكته أسست على خوف وذل الناس وما أسس على باطل فهو باطل, و ما الانهيار السريع لمملكة الخوف والتي تجلت بالشعارات التي انطلقت ببداية الثورة (مافي خوف بعد اليوم) الدليل الأكبرعلى وهن هذه المملكة وغباء حاكمها ومن حوله , حيث ان أكثر ما أجج الاحتجاجات وسرّع بانتشارها أفقيا وعموديا هو معالجة المشكلة بنفس عقلية فرض الخوف والقمع التي أسسها سلفه ولكن تطبيقها الغبي هو ما أدى الى فشلها لصالح الثورة بهذا الشكل الكبير.

من المؤكد أن ما تم انتهاجه بحقنا من ظلم وقمع على مدى عدة عقود الى أن أصبح جزءً متأصلا من ثقافتنا لن يتم الشفاء منه بين يوم وليلة ولكن كما يقولون تشخيص العلة جزء من العلاج وارادة الشفاء هي الجزء الأهم منه فاذا تملكتنا الرغبة بالتخلص من عقدة الخوف وفوبيا الحكم فان ذلك سوف يحصل بقليل من الارادة والجهد وذلك شريطة أن نضع ما عانيناه خلفنا لكي ننطلق نحو المستقبل بخطى ثابتة دون الوقوف مطولا عند مآسي الماضي ولكن ذلك لا يمنع من وقفة صغيرة لأخذ العبرة والمضي قدما نحو مستقبل يسوده العدل والاحترام وتقبل كل منا لاختلاف الآخر والتركيز على ما يجمعنا جميعا وهو الوطن , علّه يأتي اليوم الذي نسرد فيه لأحفادنا قصصا عن حماقات خوفنا ونحن نرى نظرة دهشة في عيونهم كأننا نقص عليهم خرافات من نسج الخيال.

2011-11-23

برجيس


View Original

Viewing all articles
Browse latest Browse all 18262

Latest Images

Trending Articles



Latest Images