يستغرب بعض الناس ويمتعضون من حديثي عن توحيد سورية والعراق، وكثير من هؤلاء هم في الحقيقة من “المعارضة” المكونة من التيارات الإسلامية والتيارات الانعزالية الموالية لأميركا. حتى الفئات الموالية للنظام كثير منهم يمتعضون من هذا الكلام ويشعرون وكأنني أطالب بإلغاء سورية أو شيء من هذا القبيل.
أنا عندما كنت مراهقا لم أكن أفكر في موضوع وحدة سورية والعراق لأنني لم أكن أعلم شيئا عن تاريخ سورية والمنطقة، ولكنني بعد أن قرأت التاريخ تبين لي أن وحدة سورية والعراق هي ليست خيارا بل أمر حتمي، ومن تعاملوا مع هذا الموضوع على أنه خيار من بين عدة خيارات أو شيء يمكن تأجيله إلى مرحلة لاحقة هم في رأيي إما منظرون مثاليون لا يفقهون شيئا في الواقع أو أنهم من ذوي الفكر الانعزالي الطائفي.
بعض الناس يقولون لي نحن نؤيد وحدة “سورية الكبرى” ولكننا لا نريد الوحدة مع العراق.
أولا لنسأل أنفسنا هل هناك شيء في التاريخ اسمه “سورية الكبرى”؟
سورية الكبرى (التي كانت تسمى تاريخيا باسم “سورية” وعند العرب “الشام”) هي مفهوم قديم يعود إلى قرون عديدة قبل الميلاد. من يدرس تاريخ كلمة “سورية” يجد أن هذه الكلمة كانت في البداية تطلق على الإمبراطورية الآشورية (التي مركزها في الجزيرة) ولكنها بعد ذلك صارت تطلق حصرا على المناطق الواقعة غرب نهر الفرات، وهذا هو المعنى المعروف عند البيزنطيين والعرب لهذه الكلمة. كلمة “الشام” عند العرب تعني حصرا المناطق الواقعة غرب نهر الفرات، أما بلاد الجزيرة فهي ليست من الشام وليست من سورية في المفهوم الذي كان سائدا في القرون التي سبقت الإسلام.
السؤال هو هل سورية (الكبرى) هي اسم لبلد أم اسم لمنطقة جغرافية؟
من يقرأ تاريخ سورية يجد أن هذه الكلمة كانت طوال تاريخها تستخدم بمعنى جغرافي بحت. ليس هناك في التاريخ المعروف دولة اسمها “سورية”. فكرة “الدولة السورية” هي اختراع حديث نشأ في فترة الحرب العالمية الأولى. الفرنسيون هم من اخترعوا فكرة الدولة السورية أثناء مفاوضاتهم مع البريطانيين لتقاسم المنطقة، وهم في الحقيقة سرعان ما تراجعوا عن هذا المفهوم وقرروا بدلا منه أن يقيموا عدة دويلات طائفية وإثنية في المنطقة الجغرافية المعروفة باسم سورية.
ليس هناك في التاريخ دولة اسمها “سورية” ولم يسبق لحاكم أو دولة في هذه المنطقة أن نجح في توحيدها وإقامة دولة حقيقية فيها.
في التاريخ القديم كانت هناك ثلاث حضارات قديمة في منطقة المشرق العربي:
- حضارة ما بين النهرين في العراق والجزيرة
- حضارة مصر في وادي النيل
- حضارة الحتيين في الأناضول
هذه هي الحضارات القديمة المعروفة في منطقة المشرق العربي، أما منطقة “سورية الكبرى” فهي لم تكن تشكل حضارة قائمة بذاتها بل كانت مجرد منطقة تقاطع نفوذ بين الحضارات الثلاثة.
بعض علماء الآثار والتاريخ يسمون منطقة سورية الكبرى باسم “الممر المشرقي” Levantine corridor، وهذه التسمية هي أقرب للواقع الحقيقي لسورية عبر التاريخ. منطقة سورية تاريخيا كانت بالفعل مجرد ممر جغرافي وليس أكثر من ذلك.
القسم الشمالي (والأهم) من سورية الكبرى هو منطقة كانت تخضع منذ بداية تاريخها لنفوذ الآشوريين والبابليين. أقدم حضارة معروفة في شمال سورية هي حضارة إبلا Ebla (تقع بين حلب وإدلب)، ومن يدرس هذه الحضارة يجد أنها مطابقة تماما لحضارة ما بين النهرين إلى درجة أن المؤرخين وعلماء الآثار واللغات يصنفونها عادة ضمن بلاد ما بين النهرين.
حضارة إبلا كانت شديدة الشبه بحضارة ما بين النهرين سواء من حيث الكتابة أو الدين أو الاقتصاد أو العادات. سكان شمال سورية في ذلك الزمن كانوا يعبدون نفس آلهة الآشوريين والبابليين بدون أي تغيير في أسمائها، وهذا أمر ما زالت آثاره باقية حتى اليوم حيث أن من يتجول في ريف حلب وإدلب يجد أن أسماء العديد من القرى ما زالت تحمل أسماء الآلهة الآشورية-البابلية القديمة (مثلا “كفر نبو” “ونبل” و”كفرنبل” هي أسماء مشتقة من اسم الإله نبو Nabu الآشوري-البابلي، وجبل سمعان الذي يقع بالقرب من حلب كان يعرف قديما باسم هذا الإله مما يدل على أن كنيسة سمعان كانت في الأصل معبدا له).
حتى مدينة أوجاريت التي تقع شمال اللاذقية كانت متأثرة بشدة بحضارة ما بين النهرين إلى درجة أنهم قاموا بتغيير أشكال الأحرف الأبجدية الكنعانية إلى أشكال شبيهة بالكتابة المسمارية المستخدمة في ما بين النهرين واستخدموا هذه الأحرف الجديدة في كتابة لغتهم الخاصة التي ليس لها علاقة بلغات ما بين النهرين..
عندما ضعفت حضارة ما بين النهرين وقع شمال سورية تحت سيطرة الحتيين القادمين من الأناضول، وهناك معلومة لا يعلمها كثير من الناس وهي أن مدينة حلب ظلت تحت حكم الحتيين لعدة قرون وكانت مدينة مقدسة لديهم وكانوا يحجون إليها لعبادة “إله العاصفة” Storm-god الذي كانوا يعتقدون أن مقره في حلب.
هذا بالنسبة لشمال سورية، أما جنوب سورية فهو منطقة نفوذ مصرية منذ القدم. من يدرس الحضارة الكنعانية القديمة يجد أنها في الأساس مشتقة من حضارة ما بين النهرين ولكنها تعرضت بعد ذلك لعملية “تمصير”، بمعنى أنها تأثرت بالحضارة المصرية القديمة. وهذا أمر واضح مثلا من أسلوب الكتابة الكنعاني (أو الفينيقي) الذي هو مأخوذ من نظام الكتابة الهيروغليفي المصري.
في الألفية الثانية قبل الميلاد كان شمال سورية يخضع لحكم الحتيين (القادمين من الأناضول) وكان جنوب سورية يخضع لحكم المصريين، وكان كل من الحتيين والمصريين يحاولون السيطرة على سورية بكاملها لأنهم كانوا يعتقدون أن هذه منطقة استراتيجية والسيطرة عليها ضرورية لأمنهم القومي.
بعد أن انتهت الألفية الثانية وبدأت الألفية الأولى استيقظ الآشوريون والبابليون من سباتهم وعادوا مرة أخرى إلى غزو سورية، والحقيقة أن الآشوريين والبابليين كانوا القوة الوحيدة في التاريخ القديم التي استطاعت أن تسيطر على سورية الكبرى بالكامل. المصريون لم يتمكنوا أبدا في تاريخهم من احتلال سورية بالكامل ولا الحتيون، أما الآشوريون والبابليون فهم احلتوا سورية بكاملها عدة مرات.
طبعا هناك فرق كبير من الناحية الإثنية والثقافية بين الآشوريين-البابليين وبين المصريين والحتيين. الآشوريون والبابليون هم من الشعوب السامية، أي أنهم على صلة قرابة بسكان سورية الكبرى وكانوا يتشاركون معهم في أصل اللغة. أيضا سكان سورية الكبرى كانوا متأثرين دينيا وثقافيا بحضارة ما بين النهرين وهذا التأثر هو أقدم من تأثرهم بالحضارات الأخرى. لهذا السبب مثلا نجد أن سكان سورية الكبرى قديما كانوا يقولون أن أصولهم ترجع إلى بلاد ما بين النهرين (مثلا التوراة اليهودية تقول أن أصل كل الناس هو من بابل وأنها المكان الذي “تبلبلت” فيه ألسنتهم، بمعنى أنها المكان الذين نشأت فيه كل اللغات). أما المصريون فهم كانوا يتحدثون لغة أفريقية من العائلة التي كانت تسمى قديما بعائلة اللغات “الحاميّة”، والحتيون كانوا يتحدثون لغة هندوأوروبية تعود أصولها إلى منطقة سهل البحر الأسود ووسط آسيا.
من هذا العرض الوجيز لتاريخ سورية القديم يتضح أنه لم يكن هناك في العصور القديمة شيء اسمه حضارة سورية أو دولة سورية. منطقة سورية كانت تسكنها مجموعة من الشعوب السامية المتفرقة (في البداية إبليون وأموريون وكنعانيون وربما شعوب أخرى مجهولة، ثم بعد ذلك ظهر الآراميون ثم العرب). هذه الشعوب لم تكن لها حضارات قائمة بذاتها بل كانت حضاراتها مقتبسة إلى حد كبير من الحضارات الكبيرة المجاورة (خاصة حضارة ما بين النهرين)، ولم تكن لها أيضا دولة مركزية كبيرة بل كانت لها دويلات وممالك محلية صغيرة.
كل الدويلات السورية التي نقرأ عنها في التاريخ القديم (إبلا وأوغاريت والأموريون والكنعانيون والآراميون والعبرانيون والنبطيون إلخ) كانت دويلات محلية صغيرة. ليس هناك في التاريخ دولة حقيقية قامت في سورية بكاملها ولا حتى في معظمها. حسب معلوماتي فإن هذه الدويلات السورية كلها لم تنجح في السيطرة ولا حتى على ربع سورية الكبرى.
طبعا في التوراة نجد كلاما عن أن اليهود نجحوا في عهد الملك سليمان بحكم سورية الكبرى بكاملها. لا أدري إن كان هذا الكلام صحيحا من الناحية التاريخية أم أنه مجرد خرافة (أظن أنه خرافة) ولكنه حتى لو كان صحيحا فهو مجرد أمر عابر ولم يؤثر شيئا في تاريخ المنطقة.
الأموريون أقاموا في النصف الأول من الألفية الثانية قبل الميلاد عدة دويلات محلية أهمها دويلة حلب (“أرض حلب”) التي كانت تحكمها قبيلة يمحد الأمورية وورد وصفها في الكتابات الآشورية-البابلية بأنها أقوى دولة في المنطقة، ولكن هذه الدويلة لم تكن تسيطر على سورية بكاملها. هي كانت تسيطر فقط على حلب وما حولها.
مدينة أوجاريت كانت أيضا دويلة محلية في النصف الأول من الألفية الثانية قبل الميلاد وحكامها كانوا على الأغلب من أصول أمورية (اسم هذه المدينة يكتب عادة “أوغاريت” بالغين ولكن الأوجاريتيين القدماء أنفسهم كانوا يكتبونه بالجيم وليس بالغين، وبالتالي الصحيح هو كتابة الاسم بالجيم لأن اللغة الأوجاريتية هي لغة سامية وهي كالعربية تميز بين الجيم والغين. طبعا الجيم لديهم كانت تلفظ على الأغلب كالجيم المصرية ولكن الكتابة شيء واللفظ شيء آخر).
في النصف الثاني من الألفية الثانية قبل الميلاد بدأ الآراميون في استيطان سورية، ومع نهاية هذه الألفية كانوا قد أقاموا عدة ممالك محلية في سورية أهمها مملكة حلب (التي نقلت عاصمتها لاحقا إلى تل رفعت) ومملكة حمات (أي حماة) ومملكة درمسوق (أي دمشق). من يقرأ كتب التاريخ السورية الحالية يجد كثيرا من التطبيل والتزمير لمملكة آرام دمشق مع أن هذه المملكة لم تكن لها أهمية خاصة من الناحية التاريخية وهي لم تحقق شيئا أهم مما حققته باقي الدويلات السورية، وهي بالمناسبة ليست دولة قديمة وأقدم ذكر لها يعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد. مدينة دمشق ليس لها ذكر في التاريخ قبل الألفية الأولى قبل الميلاد، وهذا بالمعايير السورية يعني أنها حضارة حديثة العهد وليست بالقدم الذي يروج له الإعلام السوري حاليا. هناك في سورية مدن كثيرة كانت مهمة سياسيا منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد (كحلب مثلا التي ذكرت في نصوص إبلا وأكد) ولكن الإعلام السوري يتجاهل هذا الأمر ويركز على قدم دمشق بغض النظر عن أهميتها السياسية. صحيح أن مدينة دمشق قديمة من الناحية الأثرية ولكنها في العصور القديمة كانت مجرد قرية أو واحة صغيرة نائية لا يعلم بها أحد ولم يرد ذكرها في أي مصدر تاريخي. الآشوريون والبابليون في الألفية الثانية قبل الميلاد كانوا يقولون عن حلب أنها أهم دولة في المنطقة أما دمشق فهم لم يذكروها أبدا في كتاباتهم لأنهم لم يكونوا قد سمعوا بها، ولا يوجد أحد في العالم كان قد سمع بدمشق في تلك الفترة. مدينة دمشق لم تصبح معروفة إلا في زمن متأخر هو القرن التاسع قبل الميلاد، ولكن الإعلام السوري مع ذلك يصر على تصوير دمشق بأنها “أقدم عاصمة في التاريخ”، وهي عبارة ملتوية تنطوي على خداع وتضليل كبير.
طبعا بالإضافة إلى الدويلات الآرامية ظهرت في تلك الفترة أيضا الدويلات العبرانية أو اليهودية في فلسطين، ولكن الدويلات الآرامية والعبرانية كلها لم تعمر طويل وتم جرفها على يد الآشوريين ثم البابليين، وبعد البابليين جاء الفرس ثم اليونانيون ثم الرومان ثم العرب ثم الأتراك والفرنجة ثم الأوروبيون.
هذا هو تاريخ سورية القديم، ومن هذا التاريخ يتضح أن منطقة سورية الكبرى لم تكن يوما حضارة قائمة بذاتها وإنما كانت في الحقيقة منطقة تصارع نفوذ بين الحضارات الكبرى في المنطقة.
السؤال هو لماذا لم تقم في سورية حضارة خاصة بها على غرار حضارة ما بين النهرين والحضارة المصرية؟
الجواب سهل وهو يعود إلى الطبيعة البيئية والموقع الجغرافي لهذه المنطقة:
أولا: منطقة سورية الكبرى ليس فيها أنهار عظيمة كدجلة والفرات والنيل، وبالتالي هي لا تملك مقومات الإنتاج الزراعي المكثف الذي يميز الحضارات الكبيرة. أكبر أنهار سورية هو نهر العاصي، وهذا النهر مسكين ودرويش وهو لا يمكن أن ينافس دجلة والفرات والنيل. الزراعة في سورية تعتمد أساسا على المطر وليس على الأنهار، والمطر أحيانا يأتي وأحيانا لا يأتي، وإذا لم يأت المطر فهذا يجبر سكان القرية أو البلدة على الرحيل عنها والتسول من أجل الطعام أو التحول إلى عصابات تغير على المدن والقرى الأخرى. هذه الظروف لا تسمح بنشوء حضارة عظيمة كحضارة ما بين النهرين أو الحضارة المصرية.
ثانيا: موقع سورية الجغرافي سيء جدا لأنها محاطة بحضارات كبرى من كل الاتجاهات. لو نظرنا إلى الحضارة المصرية مثلا نجد أنها كانت محاطة من الغرب والجنوب بشعوب بدوية، والشعوب البدوية هي تهديد لأنها تقوم بالإغارة على المدن والقرى ولكنها ليست تهديدا وجوديا لأنها مجرد شعوب بدوية مسكينة لا تملك ما يكفي من المال والعتاد والرجال لاحتلال مصر احتلالا دائما (في بعض الأزمنة تمكنت الشعوب البدوية من احتلال مصر كما في زمن الهكسوس مثلا، ولكن هذه حالات عابرة). أيضا حضارة ما بين النهرين في العصور القديمة لم يكن هناك ما يهددها من جهة الشرق سوى بعض الشعوب الصغيرة الضعيفة، ولكن بعد أن وصل الإيرانيون إلى الهضبة الإيرانية في حدود عام 1500 قبل الميلاد بدأت الأمور تتغير لأن الإيرانيين كانوا كثيري العدد وبالتالي هم استطاعوا في النهاية أن يجتاحوا كل المنطقة وأن يقيموا دولة هي الأهم في التاريخ حتى ذلك الوقت.
حضارة الحتيين في الأناضول لم تكن تملك أنهارا عظيمة كدجلة والفرات والنيل ولذلك فهي كانت ضعيفة مقارنة بحضارات المنطقة الأخرى، ولذلك فهي لم تعمر طويلا وتهاوت في النهاية أمام ضربات الآشوريين وأمام تغلغل الشعوب البدوية الآرامية فيها. سبب قيام هذه الحضارة كان في الحقيقة فترة الضعف التي أصابت الآشوريين في الألفية الثانية قبل الميلاد وهو ما خلق فراغا سياسيا في المنطقة استغله الحتيون وغيرهم لاحتلال شمال سورية والجزيرة، ولكن الآشوريين بمجرد أن استعادوا عافيتهم تمكنوا من إنهاء دولة بني حت (كما تسميها التوراة) وأعادوا بسط سيطرتهم على سورية بكاملها في بدايات الألفية الأخيرة قبل الميلاد. أنا ذكرت الحضارة الحتية مع الحضارات الكبرى في المنطقة لأنها لعبت دورا في تاريخ سورية خلال فترة الانهيار الآشوري في الألفية الثانية قبل الميلاد ولكن الحضارة الحتية في الحقيقة لا تعتبر من الحضارات الكبرى في التاريخ وهي حتما ليست بوزن حضارة ما بين النهرين ولا الحضارة المصرية.
خلاصة كل ما سبق هي أن سورية (الكبرى) لم تكن حضارة قائمة بذاتها بل كانت مجرد ممر جغرافي تتصارع عليه القوى الكبرى في المنطقة، وسكان هذه المنطقة لم يكونوا شعبا واحدا بل كانوا مجموعة من الأقوام البدوية السامية التي جاءت من الصحراء واستوطنت في مناطق متعددة وحاولت أن تقيم دولا مهمة ولكنها فشلت في ذلك بسبب قلة الرجال والمال وتكالب الأعداء.
هذا هو وصف سورية الكبرى في التاريخ القديم، ومن يدرس تاريخ سورية الكبرى في العصور اللاحقة يجد أن شيئا لم يتغير حتى الآن. نفس الظروف والعوامل ما زالت قائمة حتى يومنا هذا.
أنا لا أريد أن أسترسل كثيرا في التاريخ ولذلك سوف أقفز مباشرة إلى القرن العشرين. في القرن العشرين نجد أن نفس الظروف القديمة ما زالت قائمة ولم تتغير.
حاليا لو نظرنا إلى سورية الكبرى نجد أنها مجزأة ومقسمة وضعيفة. في فترة الانتداب الفرنسي كان “الوطنيون” يرفعون شعار “الوحدة السورية”، وهذا الشعار تحقق بشكل جزئي في عام 1942 عندما نجح “الوطنيون” (بمعونة بريطانيا) في إقامة الكيان السوري الحالي الذي كان مقسما في زمن الانتداب.
الكيان السوري الذي قام في عام 1942 هو كيان هزيل وضعيف مقارنة بدول المنطقة الأخرى. لو نظرنا إلى العراق مثلا نجد أنه يملك ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم بعد السعودية، وهو يملك نهرين عظيمين هما دجلة والفرات. الكيان السوري الحالي هو كيان فقير جدا ولو نظرنا إلى الثروات النفطية والمائية الموجودة فيه لوجدنا أن معظمها يقع في المنطقة الشرقية، وهذه المنطقة هي أصلا جزء من بلاد الجزيرة وليست من سورية التاريخية.
أما الكيان التركي الذي يقع إلى الشمال من الكيان السوري فهو يتفوق علينا بمساحته وعدد رجاله وبالدعم الغربي اللامحدود الذي يحظى به، كما أنه يتحكم بمصادر مياهنا وهو يحتل مساحات شاسعة من الأراضي السورية التاريخية.
مصر تتفوق على سورية بعدد سكانها الكبير، والسعودية تتفوق بثروتها النفطية الهائلة، وإيران تملك المال والرجال والمساحة الشاسعة.
من هذه المقارنة البسيطة يتضح أن الكيان السوري هو كيان هزيل مقارنة بدول المنطقة الأخرى، وهذا طبعا بدون أن نأخذ العداء مع إسرائيل ولبنان في الاعتبار.
إسرائيل ولبنان كلاهما أسسا على عقيدة انعزالية متعصبة معادية لسورية. الصهيونية والمارونية السياسية كلتاهما تنظران إلى سورية على أنها تهديد وجودي، ولذلك نجد أن شعار موارنة لبنان في النصف الأول من القرن العشرين كان “رفض الوحدة السورية سواء ضمت لبنان أم لم تضمه”، ونفس المنطق موجود طبعا عند الصهاينة، ولكن الصهاينة كانوا يتميزون عن الموارنة في أنهم كانوا يعتبرون وحدة أي بلد عربي تهديدا وجوديا لهم وليس فقط الوحدة السورية.
طبعا المارونية السياسية هزمت في لبنان في الثمانينات وفي عام 2008 وحاليا لبنان لم يعد تهديدا خطيرا لسورية كما كان في السابق، ولكن التهديد الصهيوني ما زال قائما ومستمرا.
هذه الصراعات الطاحنة مع إسرائيل ولبنان التي أقحمت سورية فيها في القرن العشرين ساهمت في إضعاف الكيان السوري الضعيف أصلا. في بداية الصراع مع الصهيونية والمارونية السياسية في القرن العشرين كانت الدول العربية عموما تدعم سورية وتقف إلى جانبها، ولكن بعد توقيع اتفاقية كامب دافيد بين مصر وإسرائيل في السبعينات تغير الوضع تماما حيث أن معظم الدول العربية انتقلت إلى المعسكر الآخر وصارت تدعم إسرائيل والمارونية السياسية ضد سورية، مما فاقم من أزمة سورية وجعل الوضع السوري وضعا لا يطاق.
منذ أواخر السبعينات صارت سورية تخوض الصراع ضد إسرائيل وانعزاليي لبنان بمفردها، وأما بقية الدول العربية فانقسمت إلى معسكرين:
- المعسكر الأول هو المعسكر الموالي لأميركا. هذا المعسكر كان في البداية يقف على الحياد ولكنه صار فيما بعد يدعم إسرائيل وانعزاليي لبنان ضد سورية، ومنذ احتلال العراق في عام 2003 رفع هذا المعسكر قناع الحياء تماما وصار يدعم إسرائيل وانعزاليي لبنان بشكل علني وصارخ. مثلا ثورة “14 آذار” في لبنان والتي حظيت بدعم كبير من السعودية ومصر هي استهداف مباشر لسورية. أيضا نحن رأينا الحملة المسعورة التي شنتها السعودية ومصر على حزب الله وعلى الحلف السوري مع إيران، ومن المعروف أن حزب الله وإيران هما القوى الوحيدة التي تدعم سورية ضد إسرائيل وبدونهما فإن سورية لن تملك شيئا أمام إسرائيل سوى الاستسلام.
- المعسكر الثاني هو المعسكر العراقي-الفلسطيني. هذا المعسكر ليس تابعا لأميركا ولكنه اصطدم مع سورية بشكل حاد في نهاية السبعينات بسبب الخلاف على الحكم والسيطرة. الفلسطينيون كانوا يطمعون بالسيطرة على لبنان وتدخل سورية في لبنان منعهم من ذلك وأوجد عداوة كبيرة بين الجانبين، أما العراق فهو كان يريد السيطرة على سورية ومقاومة حافظ الأسد لهذا الأمر أوجدت العداوة بين الجانبين والتي استمرت حتى العام 1991.
خلاصة ما سبق هي أن سورية اليوم هي في وضع ضعيف جدا من الناحية الجيوسياسية، فهي ضعيفة اقتصاديا وفي نفس الوقت محاطة بالأعداء من كل جانب (إسرائيل وتركيا والسعودية وانعزاليوا لبنان وإلى درجة أقل حكام الأردن ومصر).
طبعا أنا لم أذكر أيضا “الثوار” في الداخل السوري، والذين هم امتداد خطير للقوى الخارجية المعادية.
وضع سورية هذا هو وضع غير طبيعي وفي رأيي أنه لا يمكن أن يستمر طويلا. سورية الآن لم تعد دولة وإنما صارت أقرب إلى جثة دولة، ولولا الدعم الإيراني والروسي لكانت القوى المحيطة بسورية انقضت عليها ونهشتها إلى أشلاء.
مشكلة سورية ليست مشكلة سياسية عارضة كما يحلو للنظام السوري أن يدعي. مشكلة سورية هي مشكلة هيكلية وجودية عميقة تعود إلى أن سورية تخوض صراعا أكبر من حجمها.
سورية بحجمها الضئيل ووضعها المزري تريد أن تقاوم أميركا التي تحظى بتأييد كل دول المنطقة تقريبا. هذا أمر غير منطقي، وما نعيشه اليوم هو نتيجة لهذا الأمر غير المنطقي.
سورية حاليا لا تملك أية أوراق على الإطلاق سوى الورقة الإيرانية. كل قوة سورية حاليا مستمدة من إيران، وكل رهان سورية هو على إيران.
في حال ربحت إيران الصراع الحالي فهذا النصر سوف يكون نصرا قوميا إيرانيا وليس نصرا سوريا، لأن مساهمة سورية في النصر ضئيلة ومحدودة (إذا لم تكن معدومة).
قوة سورية في لبنان مستمدة من حزب الله الذي هو منظمة إيرانية صريحة وليست سورية. قوة سورية أمام إسرائيل مستمدة من الصواريخ الإيرانية والدعم الإيراني، وقوة سورية في العراق مستمدة أيضا من الدعم الإيراني.
باختصار أنا عندما أنظر إلى عناصر القوة السورية لا أرى شيئا سوى إيران، وهذا يعني أن سورية في الحقيقة صارت مجرد تابع لإيران.
أنا ليس هدفي من هذا الكلام هو معارضة الحلف السوري مع إيران، لأن الحلف مع إيران بالنسبة لسورية حاليا هو الخيار الوحيد الممكن. سورية الآن ليس أمامها إلا أن تتحالف مع إيران أو تستسلم لإسرائيل. لا يوجد خيار ثالث. ولذلك لا أنا أنتقد فكرة الحلف مع إيران ولكنني أصف فقط واقع الحال.
واقع الحال هو أن سورية ضعيفة جدا وهي تتعلق بثياب إيران لكي تحصل على نصر تنسبه إلى نفسها ولكنه في الحقيقة نصر إيراني 100%.
هذا هو الواقع الحالي، والسبب الذي جعلنا نصل إلى هذا الواقع هو سبب عميق يعود إلى المقدمة الطويلة التي أوردتها في الأعلى. سورية ببساطة لا تملك مؤهلات تسمح لها أن تكون قوة كبيرة في المنطقة. سورية هي دولة ضعيفة بسبب شح مواردها وبسبب موقعها الجغرافي السيء.
عندما تحدثت عن تاريخ السورية القديم في الأعلى كنت أريد أن أقول أن سورية كانت منذ فجر التاريخ على الوضع الحالي. سورية لم تكن يوما قوة هامة في المنطقة وهي لن تكون كذلك في المستقبل لأنها لا تملك ما يؤهلها لذلك. سورية لا تملك الموارد ولا الموقع ولا التجانس السكاني ولا أي شيء.
عندما تحدثت عن شعب سورية في العصور القديمة قلت أنه كان شعبا مفككا وتابعا ثقافيا للقوى المجاورة، وهذا ما نراه الآن حيث أن شعب سورية مفكك جدا وكل فئة منه تغني على ليلاها.
التفكك في سورية حاليا ليس لأسباب طائفية كما يتوهم البعض، وإنما هو يعود في الأساس إلى أسباب بنوية هي نفس الأسباب التي كانت موجودة في العصور القديمة. في أربعينات وخمسينات القرن العشرين كان هناك صراع بين الحلبيين والشاميين حول مسألة الوحدة مع العراق، وهذا الصراع أضعف سورية وأدى إلى حدوث انقلابات وإلى نشوء “ديكتاتورية الشيشكلي” في الخمسينات. هذا الصراع لم يكن لأسباب دينية أو طائفية ولكنه كان ببساطة يعود إلى ضعف سورية ومحاولة كل فريق فيها بأن يلتحق بطرف خارجي لكي يقوي نفسه.
لماذا انتشرت الوهابية في سورية؟ ولماذا انتشر فكر التبعية لأميركا في سورية؟ السبب ببساطة هو ضعف سورية ولذلك فإن هناك فئات من الشعب السوري بدأت تبحث عن الخلاص في التبعية للقوى الخارجية سواء كانت هذه القوى أميركا أم السعودية أم تركيا أم غيرها.
هذه دولة فاشلة وبائسة، وهي ستظل كذلك إلى أمد طويل. في السنوات الماضية كانت هناك بوادر نهضة اقتصادية في سورية، ولكن أميركا وأتباعها تدخلوا بسرعة وأجهضوا على النهضة وأعادونا إلى العصر الحجري. حاليا سورية تعيش في وضع اقتصادي مأساوي، وهذا الوضع لن نخرج منه قبل مرور زمن طويل.
أنا غير متفائل بمستقبل سورية، ولدي شعور بأن نهاية هذه الدولة سوف تكون مأساوية وأسوأ حتى من نهاية العراق ولبنان.
أميركا وأتباعها لن يتركوا سورية في حالها حتى تتخلى عن طموحاتها، وتخلي سورية عن طموحاتها سوف يقود إن عاجلا أم آجلا إلى تقسيمها. كل السيناريوهات في رأيي تؤدي إلى التقسيم، سواء كان هذا التقسيم صريحا كما حصل في السودان أم غير صريح. حتى لو لم يحصل التقسيم فإن مستقبل سورية كما أراه الآن هو مستقبل يعج بالنزاعات والصراعات الداخلية. بصراحة أنا لا أرى أي مستقبل لهذه الدولة التي دخلت في نفق مظلم، فلا هي قادرة على تحسين اقتصادها ولا هي قادرة على تحقيق أهدافها الخارجية.
لا أدري ما هو السيناريو المثالي من وجهة نظر النظام السوري، ولكن حتى لو تفاءلنا إلى الحد الأقصى فإن ما أراه أمامي ليس انتصارا حقيقيا لسورية وإنما انتصار لإيران تحصل سورية على حصة صغيرة منه كما قلت سابقا.
فكرة التبعية لإيران هي فكرة جيدة حاليا لأن البديل هو التبعية لإسرائيل، ولكن هذه الفكرة غير صالحة على المدى البعيد. لا بد لنا أن نخرج من التبعية لإيران ونعود مجددا إلى فكرة الوحدة العربية، لأن مصلحة سورية هي في أن نكون ضمن دولة عربية وليس ضمن إمبراطورية إيرانية.
الوحدة العربية هي المخرج الوحيد لسورية من معضلتها البنيوية، وهذا ما أردت إثباته من خلال مقدمتي التاريخية. سورية لم تكن يوما دولة قائمة بذاتها وإنما كانت تستمد قوتها على الدوام من الوحدة مع القوى المجاورة.
في الزمن العثماني سورية كانت جزءا من تركيا، ولذلك كانت أوضاعها مستقرة وأفضل كثيرا من أوضاعها بعد الانفصال عن تركيا. سورية لا يمكن أن تكون مستقرة وهانئة إلا بالوحدة مع قوة كبيرة مجاورة.
خيارات سورية حاليا:
- إما التقسيم واستيلاء الدول المجاورة على أشلائها
- أو البقاء كدولة موحدة ضمن إمبراطورية إيرانية (وهذا هو السيناريو الذي يعتبره النظام السوري انتصارا)
بالنسبة لفكرة الوحدة مع لبنان والأردن التي يطرحها بعض الناس فهذه الفكرة أنا لا أفهم الهدف منها. لبنان والأردن هي دول فقيرة بالموارد (أفقر من سورية) وتعج بالمشاكل (مشاكلها أصعب من مشاكل سورية) وموقعها الجغرافي سيء جدا (أسوأ من موقع سورية). لا أدري ما الذي ستضيفه هذه الدول إلى سورية سوى المزيد من الضعف. أصلا أنا قلت في البداية أن الكيان السوري الكبير الذي يضم سورية ولبنان وفلسطين والأردن هو كيان وهمي غير موجود تاريخيا وهو كيان غير قابل للحياة لأسباب بنيوية. إضافة هذه الدول إلى سورية سوف يزيد من ضعف سورية ويفاقم من مشاكلها.
لبنان له قيمة اقتصادية بلا شك، ولكن هذه القيمة لن تغير كثيرا من قوة سورية إقليميا. سورية مع لبنان ستظل مثل سورية بدون لبنان، أي أنها لن تكون قوة ذات شأن.
الدول التي من الممكن أن تغير من وضع سورية الإقليمي والدولي هي الدول الكبيرة، أي العراق ومصر وتركيا.
تركيا جربناها وهي الدولة التي كانت تحكمنا لقرون. الوحدة مع تركيا تعني التخلي عن العروبة والقبول بالتتريك، وهذا ما رفضه السوريون سابقا ويرفضه أكراد تركيا حاليا.
الوحدة مع مصر جربناها وهي كان من الممكن أن تنجح لو أعطيت فرصة أطول، ولكن مشكلة مصر أنها بعيدة جغرافيا عن سورية، وهذا الأمر يجعل من السهل إفشال الوحدة بين البلدين ويقلل من فوائدها. مصر أيضا ليست دولة غنية.
الوحدة مع العراق هي بدون شك أفضل خيار لسورية، والموضوع في رأيي لا يحتاج لتفكير:
- العراق هو أغنى دولة عربية
- العراق امتداد جغرافي لسورية
- العراق امتداد سكاني وثقافي
سكان المناطق الشرقية من سورية يشبهون سكان العراق، والعراق هو عمق استراتيجي لسورية أمام إسرائيل وتركيا.
الوحدة مع العراق سوف تنتج دولة مهمة قادرة على تحقيق شعارات القومية العربية، أما سورية بوضعها الحالي فهي غير قادرة على تحقيق شعارات القومية العربية بل أنا أخشى أننا نساعد على إنجاح القومية الإيرانية بدلا من القومية العربية.
فكرة الوحدة مع العراق هي في رأيي فكرة منطقية جدا وليس فيها ما يثير الاستغراب أو العجب. هي أمر كان يجب أن يتم منذ عام 1941. كل مصائب سورية في القرن العشرين تعود إلى عدم تحقيق الوحدة مع العراق في الأربعينات.
عدم تحقيق الوحدة مع العراق أوصلنا إلى كارثة السبعينات والثمانينات عندما صار البلدان يقاتلان بعضهما بدلا من أن يتعاونا ضد القوى الأخرى. ثم بعد ذلك جاءت مأساة العام 1991 والآن مأساة سورية. هذه المآسي وما سبقها يتحمل مسؤوليتها حكام سورية في الأربعينات الذين منعوا الوحدة مع العراق وقاموا بانقلاب عسكري لإفشالها.
العراق الآن هو في حالة ضعف وفقر، وبالتالي هو الآن متواضع أمام سورية ولو تقاربنا معه فسنحصل على مكاسب جيدة. أما لو انتظرنا 10 سنوات أخرى فعندها سيصبح دخل العراقيين مساويا لدخل الخليجيين، وعندها بصراحة لن يقبل العراقيون بالتضحية بمستوى دخلهم المرتفع مقابل التوحد مع سورية، وإن قبلوا بذلك فهم سيتعاملون مع سورية باستعلاء وعنجهية، وربما ينظرون إلى سورية على أنها غنيمة أو مستعمرة تابعة لهم.
أنا أرى أن الحل الوحيد لإنقاذ المشروع القومي العربي هو بإنشاء اتحاد بين سورية والعراق على غرار الاتحاد الأوروبي، بمعنى أن يكون هدف هذا الاتحاد هو دمج الاقتصادين السوري والعراقي معا وإنشاء عملة موحدة خلال مدى زمني محدد. بعد ذلك يمكن كتابة دستور موحد (يفضل أن يكون علمانيا) ومن ثم يمكن إقامة حكومة موحدة للبلدين. هذا السيناريو ليس خياليا وهناك دول أخرى في العالم قامت به.
طبعا أنا أشك في أن إيران ستفرح بهكذا سيناريو، ولكن إيران على ما أظن لا تتحكم بقرارات العراقيين والسوريين وهي لا تستطيع أن تمنعهم من شيء إذا اتفقوا عليه، والاتحاد العربي بالمناسبة ليس معناه العداء مع إيران وإنما يجب أن نحافظ على العلاقات الجيدة معها.

View Original