المشهد السوري بين الثوري والسياسي
كثيرا ما قام الجدل حول النخبة السياسية وقدرتها على مخاطبة قاعدتها الشعبية ،ونخبويتها المتعالية على الجمهور، وكانت تبرز بأطرها البعيدة عن نبض الشارع ولم تسترع نظره وانتباهه فخطابها في واد والناس في واد اخر.
وكان يعاب على هذا الجمهور بعده عن الحياة السياسية وعدم مشاركته الفعالة وانغماسه بهموم لقمة العيش بعيدا عن الشان العام فما الذي حدث ؟!
فجأة ـ مع أني أخالف حالة الفجاءة هذه لأن التاريخ الحضاري يعيش في أعماق إنسان هذه المنطقة ـ علا صوته على المستبد وازلامه، استعذب أجمل كلمة في القاموس الإنساني ( الحرية ) لكن ليس على طريقة الفلاسفة والكتاب والخطباء ونقاش القاعات والصالونات الأدبية، بل تحت أصوات الرصاص الحي وأمام مشاهد الدماء المروعة وامكانية الوقوع بأيدي المخابرات السورية صاحبة التاريخ الأسود في السادية واللإنسانية التي لا يحجزها خلق عن الإتيان بأم المعتقل أو أخته أو بنته أو زوجته, طبعا ليس لزيارته .
والسؤال الذي يبرز ههنا بإلحاح لماذا لا يستطيع هذا السياسي أن يكون لسان حال الثوار وناطقا باسم ثورتهم ومعبرا عن مطالبها؟ إنه يبدو رغم ثقافته وطول باعه وممارسته ـ حسب ادعائه ـ قزما أمام طفل الثورة الشهيد والمتظاهر على أكتاف أبيه ضد الطغيان .
لا تمنحه إمكانياته الأكاديمية العالية أن يساير ركب الثورة ورغم نضاله الطويل من أجل الديمقراطية لم يتمكن أن يطوع نظرياته وانتماءه الحزبي لصالح الأهداف العليا للثورة السورية المجيدة بالمستوى المطلوب .
الثوري الشاب متحد ومتعاون يؤثر بعضه بعضا رغم الجراح والالام والتضحيات على حين ان السياسي ذا النضال العريق منقسم يدور في فلك اجندات شخصية وطموحات مستقبلية .
كما يدفع الثوار الاحرار بقوة الى استعادة حقه في السلطة المسلوبة من قبل فئة عصبوية، وتفتيت منظومة الفساد واقتلاعها من جذورها، أما السياسيون فإنهم يتأرجحون بين مغازلة السلطة الاستبدادية وبين نقضها على استحياء في الكلمة والموقف، لم نشاهد ذلك السياسي في المحافل العربية والدولية متحدثا بقوة الشارع الثوري، لقد شوهته أنظمة الاستبداد فجاء كلامه باهتا عن ثورة عظيمة ملهمه للبعيد فضلا عن القريب .
بناء على ما سبق نقول: إن الذي يعبر حقيقة عن سورية الجديدة إنما هو الشباب الثائر المدرك بوعيه الجمعي تاريخه وحاضره ومستقبله .
وعلى السياسي أن يكون أكثر تواضعا ليتسنى له التعلم من هؤلاء الثوار زهور الربيع العربي فيكون قادرا على التعبير عن القضايا المصيرية للأمة بالمستوى الذي يليق .
محمد سعيد سلام
View Original