المُندسّة السورية: المنطقه العازله الثانيه و المقاومه المسلحه

أولا لا بد من تحديد مسلمات و الاستفاده منها حتى لا يتحول الموضوع إلى محاولة أعادة اكتشاف العجلة …فالبناء على معارف متاحه يسهل الوصول الأسرع لفهم المشكله

١- إسرائيل و سوريا على عداء تاريخي لكن بغض النظر عن أصل و أسباب هذا العداء …يتجلى أكبر مظاهر هذا العداء باحتلال إسرائيل للجولان و هو أرض سورية بحسب كافة الأعراف و القوانين الدوليه .
٢- هناك اعتراف سوري ضمني باسرائيل كدوله (مقارنة بما كانت سورية تصفه بالكيان ) و هذا الاعتراف تحقق عندما وافقت سوريا على الدخول في مفاوضات سلام يطلب فيها من اسرائيل العوده إلى حدود عام ١٩٦٧ مقابل السلام الشامل و الكامل.
٣- رغم معرفة إسرائيل بثمن السلام مع سوريا و هو إعادة الجولان المحتل لم تكن اسرائيل يوما معنيه بهذا الأمر و كل المفاوضات التي جرت كانت من أجل المفاوضات و ليس للوصول إلى السلام و كانت المفاوضات دوما تصل إلى حاجز مسدود عبر تقاسم الأدوار في الداخل الأسرائيلي …إذا إسرائيل ليست في وارد ارجاع الجولان المحتل ..لأن السلام مع سوريا ليس اولويه اسرائيليه على الاطلاق
٤- ما يحدث في سوريا اليوم سيؤدي إلى واحد من أمرين

• أ) إما أن ينجح النظام بالقضاء على الانتفاضه الشعبيه …و في هذه الحاله سيقضي النظام ما تبقى له من حياة يرد ديون الأسرائيلي الذي ساهم بشكل كبير في بقائه بالحكم …و من هنا يفهم تدخل اسرائيل لتهدئة و أسكت حلفائها على الساحه الدوليه و تحذيرهم من التدخل في سوريا (قال كل من وزير الخارجيه البريطاني و السفير الأمريكي في دمشق بكل صراحة بأن ما يحدث في سوريا خطير لكن ليس بامكان أي أحد التدخل لتعقيدات الوضع الاقليمي ….ويليام هيغ قال بالحرف “there is so little that we can do ” و كان ذلك في عز قصف حمص )

• ب) أو أن تنجح الثوره الشعبيه بازاحة الطبقه الحاكمه عن الحكم و هذا قد يتم باحدى طريقتين

للحديث عن هذا السيناريو سأفترض توفر الظروف المثاليه للثوره المسلحة كما يحلم بها البعض….أي سأفترض أن معجزه كبرى حققت الشروط النظاميه (المخبريه) التاليه جميعا
١- توفر جيش حر حقيقي بقياده حقيقيه و تنظيم حقيقي
٢- إنعدام وجود أي اختراقات لهذا الجيش داخليه أو خارجيه
٣- موافقة الدول الأجنبيه و العربيه على تسليح و تدريب الجيش
٤- توفير منطقه عازله و حظر وصول الجيش أو الأمن التابع للنظام إليها جوا بحرا أو برا ….
٥- عدم دخول أي جماعات أو فئات أخرى داخليه أو خارجيه مسلحه على الخط

طيب ماذا سيحصل حينها ؟؟

سيتوفر لكل من هو ضد النظام بيئه أمنه و منيعه لا تطالها يد النظام المجرمه …و سيصبح بامكان أي و كل أفراد و صف ضباط و ضباط الجيش التابع للنظام اللجوء إليها دون خوف من ملاحقة أو قتل ….و ستتمكن هذه المجموعات من ألتقط أنفاسها و أعادة تنظيم نفسها ضمن البنيه الأساسيه للجيش الحر ….كما ستؤوي المنطقه كل المروعين و  الملاحقين و السياسين  المعارضين ويمكن أن تتوفر فيها مواصفات المنطقه المحرره القابله للاعلان كممثل  شرعي للشعب السوري ….

كل هذا سيساهم في مرحله ما من قلب ميزان القوى لمصلحة الجيش الحر ….

لزيادة ضبط الشروط النظاميه المخبريه لنفترض أن

٦- الجيش الحر و عناصره و للمصادفه البحته أكثر قدره و كفاءه من عناصر الجيش التابع للحكم
٧- حرب العصابات و الشوارع التي تدربت عليها نخبة الجيش التابع للحكم منذ ست سنوات و ما تزال كانت كفتها الراجحه للجيش الحر ….

ما الذي سيحدث عندها ….

سيتقدم الجيش الحر و ستحرر المدينه تلو الأخرى و القريه تلو الأخرى و سيهرب من هذه المناطق كل من هو مع النظام أو ارتبطت مصالحه عضويا بهذا النظام ….إلى أين سيذهب هؤلاء ؟ المنطق يقول …دمشق معقل النظام و قوته الرئيسيه …

ما الذي سيفعله النظام في دمشق؟ تهجير الاهلي ممن لا يوالون النظام بالقوه العسكريه و توطين النازحين من المناطق الأخرى….إضافة إلى مواليه الموجودين أصلا هناك….و لن يقل عدد الموالين و المنتفعين و المستفيدين و المنتمين للنظام عن ثلاثة ملايين …أكثر أو أقل …لا فرق ….و سيكون النسيج الاجتماعي في هذه المنطقه حتما أكثر تنوعا من النسيج الاجتماعي لمناطق المحرره و لهذا أسباب….

سيصل الجيش الحر إلى مشرف دمشق….فماذا سيحدث

مجزره لأن الموضوع عندها موضوع حياة أو موت لكلا الفريقين….و هنا احتمالان

الاحتمال الأول : أن تكون الغلبه لفريق النظام و عندها ستظهر الحدود بين مناطق سوريا المحرره و منطقة النظام بما فيها من اغلبيه مواليه بشكل مطلق لهذا النظام ….و لن تعترف سوريا المحرره بخروج هذه المنطقه عن سيطرتها لكن هناك في الجنوب من هو مستعد لاعتراف بها و أن يكون شريان حياتها …على أن تفصل بينه و بين سوريا الحره …و تنهي مشكلة الجولان للأبد

الاحتمال الثاني: أن تكون الغلبه للجيش الحر …و عندها سيتدخل العالم الذي تدخل للمره الأولى بمنطقه عازله في الشمال حرصا على المدنيين …لكن هذه المره في الجنوب …حرصا على “الاقليه” المواليه لنظام و أعني بالاقليه هنا جميع من كان في المناطق التي ما زالت تحت سيطرة النظام …و طبعا أول المتدخلين دوليا سيكون حلفاء اسرائيل ….و ستفرض منطقه عازله جديده……… هذه المره بحماية اسرائيل مثلما حمت تركيا منطقة الشمال ……لا يسمح للجيش السوري الحر عندها بالدخول أو الاقتراب منها و ذلك لحماية مدنييها …و عندها يا سادة يا كرام سيكون لدينا جنوب سوريا على غرار جنوب لبنان …و”جيش الأسد” على غرار “جيش لحد” …مع فرق جديد هو تمدد جيش الأسد باتجاه جنوب لبنان و تحالفه مع من يملك السلاح في هناك  …و تحالف الجنوبان مع جارهم الجنوبي …..و تبعية دمشق المباشره لتل أبيب

بالمناسبه هذا هو أفضل سيناريوهات الحرب الأهليه التي تجر إليها البلد إذا ما أستمر البعض باعتبار الحل العسكري ممكنا

———————————-

قد يبدو هذا السيناريو للبعض أقرب إلى الخيال …الخيال اللا علمي حتى…. و ربما كان ذلك صحيحا….لأن توفر الشروط النظاميه لتحقق هذا السيناريو بعيدة جدا…و لكن للأسف ذلك ليس بسبب امكانية وجود حلول عسكريه أكثر ورديه و لكن لأن الأقرب منها واقعيا هو  وأد أي حل عسكري ثوري و تدمير سوريا على يد النظام العسكريه المجرمه قبل ذلك بكثير …

ولكن مع ذلك لا بأس من التذكير بتصريحات قائد الجيش الأسرائيلي أمام الكينيست فيما يخص عرضه  تجهيز مناطق لإيواء “اقليه” سوريه في حال نشوب حرب أهليه …طبعا العرض الذي لم يقابله تصريح سوري رسمي……و لا بأس  من ايراد  حقيقه قالها الأسبوع الماضي الشيخ صبحي الطفيلي الأمين العام السابق لحزب الله في لقاء مع قناة “MTV”.فقد قال أن في حزب الله من أبلغه أن حربا أهليه جديده في لبنان إذا ما حدثت نتيجة امتدادات لحرب أهليه سوريه …ستجبر الحزب على إقامة دولته في الجنوب و التحالف مع الأسرائيلي ضد أعداء الشمال….

RaymondO