بقلم د. آزاد مصطفى
يخوض في هذه الأيام بعض النشامة (الكتاب) حرب ضروس على صفحات (ولاتي مه) ضد ما يسمونه النخب الكردية المزيفة، والأحزاب الكردية ويطالبون بحداثة وتغيير داخلي وبناء إنسان كردي جديد. ويعد السيد خليل كالو أحد ممثلي هذه الجوقة. فقد كتب عن سيكولوجيا أنا الزعيم، وذهنية الاستبداد، وشعب بلا قيادة والشعب يريد إسقاط الأحزاب، ومؤتمر الأحزاب التسعة، ويدعو إلى مكافحة الأحزاب وأخيراً كتب تحت سقيفة عبد الحميد درويش.
فالسيد خليل أبصر من الزرقاء يتناول طيفاً واسعاً من الشخوص والحالات والظواهر يعتمد فيها النقد والتشهير
دون أي منهجية تحليلية ودون تقديم أي وصفة شافية وحل للمسائل التي يتناولها.
وهو يخاطب ما يسميها بالنخب الكردية المزيفة ببلاغة بدوية لا مثيل لها في الإنشاء والاسترسال وإليكم جزء مما كتبه خليل كالو: (ليس سراً ولا هو باكتشاف عظيم حين القول إن المجتمعات الكردية تعج وتتزاحم بأنماط من الشخصيات المزيفة المتهالكة والهالكة التي تتقدم الصفوف الأمامية تحت أسماء وعناوين متنوعة رغم إرادة الناس ولا تعرف حقيقتها ولا تبان لدى العامة من الناس إلا عند المفاصل التاريخية والأحداث الهامة مثلها مثل الزبالة في الشوارع تنجرف مع نزول الأمطار الغزيرة إلى بلاليع الصرف الصحي والمستنقعات حينها يدرك الناس إن ما كان موجوداً أمام الأعين لم يكن سوى بقايا القش والقشور والفضلات التي لا وزن لها وبالرجوع إلى الملفات الشخصية للكثير منها نجد أن سيرها الذاتية خالية من أية بطولات وتضحيات ومتسلقين على كد وجهود الخيرين..).
… وتمتهن ثقافة الهدم والتخريب والخصى.. ولهم عراقة في تقاليد الخيانة.. أنانيون.. أصنام.. الانتهازيين وذوي النفوس الضعيفة كي تلتف من حولها كالصراصير… الأميين والمنتفعين المرتزقة كالدود في جذع الشجرة.. الكذب والتلفيق..).
لاحظوا هذا النص الرديء البائس، (زبالة، فضلات، صراصير، ديدان..) إن كاتب بهذا المستوى من الذوق الرفيع لا يدخل ولا يصنف في خانة أي مدرسة نقدية حديثة ولا يصلح أن يكون مصلحاً ومنظراً للنخب الكردية.
إن هكذا بلاغة بدوية تعود بنا إلى أيام عبس وذبيان، وإلى الجاهلية الأولى من الكتابة الكردية. وباعتبار الكاتب أحد المريدين السابقين في حلقات الدروشة على طريقة صلاح بدر الدين ونهل من مائها وبخورها. لذلك فالشايب خليل كالو مصاب بدوار الشايب صلاح بدر الدين وأصبح في عداد الممثلين للثقافة الكيدية القروية التي لا تتقن أي لغة لائقة في مخاطبة الآخرين سوى لغة التخوين والتآمر، وقد كان بعض أتباع هذه الطريقة من دعاة الأممية في صفوف حركة فتح ويزايدون على الشيوعيين بالشعارات اليسارية ويدعون أن الإمبريالية ستنهار تحت سنابك خيلنا وتضم بقايا فلولها بعض أنصاف الكتاب وأنصاف المثقفين.
إن السيد خليل في تناوله للنخب الكردية ينظر بعين واحدة ويضخم العامل الذاتي، ولأن موقفه مسبق لذلك يجانب الموضوعية ولا يملك صفات ومنهجية الباحث وهو:
أولاً: يتناسى أن هذه النخب لم تدرس بلغتها الأم وهذا عامل هام يضرب في صميم إبداعها.
ثانياً: لم تتاح فرص متساوية ومناسبة لهذه النخب تساعدها على الإبداع الخلاق.
وثالثاً: ليست هناك مؤسسات عصرية لتخريج مثل هذه النخب.
وهناك عوامل أخرى لسنا بصدد ذكرها. وهذا ما يذكرنا بسؤال أولوية المادة أم أولوية الوعي.
إن تغيير الواقع المادي الملموس للناس والجماعات في ظل وجود مؤسسات تعليمية رائدة يمكن أن تخلق نخب حقيقية مبدعة وليس مشوهة.
فالسيد خليل كالو يعتقد على شاكلة معلم القرية الذي أصبح حديثاً عضواً عاملاً في الحزب إنه يمكن تغيير الناس بالخطابات والموعظة الحسنة والانتقاد والتشهير. وهذا لم يجد نفعاً فقد حاول ذلك الكثيرين من قبله عبثاً. فلا يستقم الظل والعود أعوج.
يقول أرسطو: إن أصحاب العقول الكبيرة يناقشون الأفكار وأصحاب العقول المتوسطة يناقشون الأحداث وأصحاب العقول الصغيرة يناقشون شؤون الناس.
أرجو على الأخ خليل أن يغير أسلوبه ويفكر ملياً بهذا القول، ويناقش في المبادئ والأفكار.
وأخيراً، بلغة السيد خليل كالو أقول إذا كان هناك أحد من المجلس الكردي قد أدخل الدببة إلى الكرمة، وتعتقد أن هناك حق للأيتام والأرامل في رقبة المجلس الكردي فلتأتي إلى المجلس ككاتب نخبوي وتطالب به أصولاً وليس بالتشهير بالمجلس قبل وبعد تأسيسه وهذا ليس من شيم الأكراد في جاهليتهم.
في حين تستحقون دون شك بعض أموال الزكاة من ثروة صلاح بدر الدين باعتباركم من أيتامه..
View Original