المُندسّة السورية: عجيبة يا دنيا

عجيبة يا دنيا

أستهل مقالتي بنكتة عن كذاب، ألف الكذب في كل شيء ، وغالبا ما يستدرك ويغير كلامه حين ينبهه أحد الأصدقاء بإشارة من يديه يبين أن الكذبة واسعة وكبيرة لا يمكن بلعها. ومرة كان يقول: لقد بنى والدي مضافة طولها خمسين مترا. ويَلمحُ إشارة من زميله فيستدرك: لكن عرضها مترين فقط. لقد قام بتصغير حجم المضافة لكن النتيجة تكبير الكذبة. وهذا حال الدنيا.

من حسن حظنا إن هذا النظام أحمق غبي بكل مكوناته، فهو بغبائة أدى إلى تفجر الثورة السورية، وبغبائه وغباء إعلامه ساهم باستمرارها، وقدم لها الوقود، ومبررات الاستمرار.

استوقفني اليوم خبر على قناة الدنيا مثير للضحك، والأكثر إضحاكا هو صوت المذيع وهو يتلو الخبر بنفس وتيرة الصوت العسكرية التي كنا نسمعها في إعلانات صنوف القوات المسلحة المختلفة وهي تدعوا الشباب من حملة الثانوية العامة للتطوع كطلاب ضباط في الجيش.

الخبر ينقل عن مراسل أجنبي أن أعداد المنشقين لا تتجاوز نسبته الواحد بالمائة من تعداد الجيش السوري وأن معظم هؤلاء المنشقين من السجناء السابقين أصحاب السوابق والمجرمين والمهربين.

استشهد المذيع الذكي بهذا المراسل ليرد على من يبالغ في أعداد المنشقين وليطعن في وطنيتهم وشرفهم. لكنه لم يدر أنه كان يثبت عكس ما أراد- إلا إذا كان مواليا للثورة متسترا ويعرف ما يفعل- والله أعلم.

إذا علمنا أن عديد منتسبي جيش الأسد ينوف عن النصف مليون فإن عدد المنشقين يزيد عن الخمسة وعشرين ألفا باعترافهم، و إذا كان قد انشق عن الجيش كل هذا العدد من المنحرفين ، فكم منهم ما يزال في صفوف الجيش؟ وأي جيش هذا فيه كل هؤلاء الفاسدين؟ وما دمتم تعرفونهم بهذه الصفات، كيف أبقيتموهم في الجيش إلى يوم الانشقاق؟

الحقيقة أن هؤلاء ومثلهم الكثير في الجيش هم الشرفاء ونظيفو الأيدي والقلوب, وماتبقى من الجيش الأسدي هم المجرمون والمحكومون والمهربون.

وبمزيد من الانشقاقات ، يميز الله الخبيث من الطيب ، حتى إذا لم يبق في الجيش من الشرفاء أحد ، استحق الاستهداف وكان غرضا لهجمات الشرفاء دون أن نخشى من أن نصيب بسلاحنا الأبرياء، ممن خافو الانشقاق لأسباب لا يجهلها أحد.

حبيب حوراني