Quantcast
Channel: 优发娱乐wwwyoufa8|优发娱乐平台|优优发娱乐pt客户端下载
Viewing all 18262 articles
Browse latest View live

المُندسّة السورية: المعارضة السورية تفتقر إلى الإمكانيات بدون مساعدة دولية

$
0
0

ايغناثيو روبيريث

 

منذ آذار| مارس عام 2011 صارت سوريا مسرحاً لقمع مصمِّم، بدون عَجَلَة لكن من غير توقف، يُمَارَس بطريقة تدريجية على البلد بأكمله، ممتداً إلى المدن والأقاليم والقطاعات الاجتماعية التي كان يُعتَقَدُ في البداية أنها غائبة عما اعتبره نظام بشار الأسـد، في الأيام الأولى من الأحداث، أمراً يتعلق ببساطة بانتفاضة محلية يسهل إخمادها. وهي ليست كذلك بأي شكل من الأشكال.

بعد عام ونصف على بداية انتفاضةٍ، لا مفر منها في سياق موجة التغيير والاحتجاج التي تسري، منذ أواخر العام 2010، في كل البلدان العربية بطريقة أو بأخرى، اكتسبت الأزمة السورية سماتٍ قريبة لتلك التي تشكل ثورة، بل حتى حرباً أهلية، مصحوبة بتداعيات دولية وإقليمية، متبوعة بقلق وإحباط وسلبية، وجهل بما يتوجب القيام به، من قِبَل الأمم المتحدة والجامعة العربية، وكذلك البلدان الغربية والشرق أوسطية.

العقوبات الدولية، سحب وطرد السفراد، التحذيرات والتهديدات، لم تغير شيئاً حتى الآن في هذا السلوك القمعي المفتوح، المُخطَّط والمستمر، الذي يسلكه النظام السوري. كل أسبوع، ولا سيما عند الخروج من صلاة الجمعة، تصلنا أنباء عن فظائع جديدة ترتكبها القوات المسلحة والشبيحة وعملاء مختلفون، في حماة وحمص والحولة.. الخ، مع قوائم بالضحايا، تزيد ولاتنقص، ولا توفر المسنِّين أو النساء والأطفال، والتي يمكن أن تكون قد تجاوزت الآن خمسة عشر ألف قتيل ونصف مليون من النازحين.

وإذ نتأمل مندهشين في سلوك غير مبالٍ من قِبَل النظام السوري، والمعاناة المستمرة للسكان المدنيين، وبرغم الضغوط الدولية العديدة وجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة كوفي أنان، والازدراء العالمي لنظام دمشق، يبدو لنا أنه من الصعب الاحتفاظ بالآمال في حصول تفاوض مع بشار الأسـد يؤدي إلى تسوية سلمية وإصلاحات في صالح هذا البلد الذي يستمر نظامه في النهج نفسه منذ اليوم الأول، رغم فقدانه الشرعية بشكل كامل، كاسباً الوقت ربما، معاقباً بدون هوادة في كل الأحوال.

التحفظ الدولي

السوريون في المعارضة، المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر، يعلمون أنهم لن يستطيعوا أبداً التخلص من هذا النظام بدون مساعدة دولية مباشرة، ذات طبيعة عسكرية بطبيعة الحال. حتى هذه اللحظة لم يقرر أي بلد بشكل علني تقديم هذه المساعدة، ولا حتى البلْدان الأكثر تأثراً لأسباب تعود إلى الجيرة أو المنافسة الدينية والسياسية. وبالتحديد، لم تفعل ذلك بطريقة واضحة لا تركيا ولا العربية السعودية، وهما القوتان الإقليميتان الكبريان، وإن كان قد حصل فبالكاد فعله أحد بلدان الخليج.

الغضب الدولي الواسع يتناقض مع الضعف أو القصور في الردود المحددة تجاه العمل الممنهج في التدمير والانتهاك الذي يقوم به نظام لا يتخلى عن اللجوء إلى الوحشية، رغم كونه معزولاً نسبياً ومحاصراً. من الواضح أن سوريا ليست ليبيا، وأن بشار الأسـد لا علاقة له بالقذافي، هكذا يُبَرَّر بطريقة مخجلة نوعاً ما عدم اتخاذ قرار بأي نوع من أنواع التدخل العسكري، كما حصل في ليبيا، من أجل تحرير البلد والإطاحة بالطاغية.

التعقيد الطائفي والديني في سوريا، موقعها الجغرافي والسياسي في شرق أوسط في اضطراب دائم، في وسط العالم الإسلامي والعربي، مرونة ذلك التكتل من العلويين والبعثيين، المزيج الغريب من الشيعية والاشتراكية، التحالفات الدولية لنظام دمشق (إيران، الصين، روسيا، حزب الله)، كل ما سبق هي منذ أعوام معطيات مطواعة أفادت ديكتاتورية وراثية مقيتة يُقَدَّر أنها ساهمت، رغم ذلك، في توفير استقرار ليس متوفراً بكثرة في هذه المنطقة بالتحديد. الخلاصة، منذ آذار| مارس 2011 لم تكن هناك إرادة لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد نظام بشار الأسـد بسبب تلك القناعة التي تفضِّل الظلم على الفوضى، للحيلولة دون حدوث شرور أكبر، وبسبب الخوف من أن عدم استقرار سوريا سيكون له تداعيات متسلسلة ذات طبيعة مأساوية، يصعب توقعها، داخل وخارج البلد. لكن، بعد هذه الشهور، لا يوجد في سوريا لا نظام ولا عدالة، وقد احتدم الصراع وأصبحت المخاطر أكثر تهديداً وأكثر قرباً من أي وقت آخر.

شبكة من المصالح المختلفة

في الحقيقة إن الوضع الرهيب الذي تعاني منه سوريا يميط اللثام عن شبكة من المصالح المختلفة، الأمر الذي لا يساهم في تسهيل الجهود الدولية، سواء في الغرب أو في ما بين البلدان العربية. فإذا كان هؤلاء وأولئك يرفضون نظام دمشق فإنهم لا يفعلون ذلك انطلاقاً من الأسباب نفسها، ولا بالحدة ذاتها. فالشروط التي جعلت التدخل في ليبيا ممكناً لا تتوفر عملياً في الحالة السورية الأكثر تعقيداً إلى درجة كبيرة. الأزمة السورية يمكنها، على سبيل المثال، أن تزيد من حدة الخصومة بين المسلمين الشيعة والسنة، إلى حد أن تطلب العربية السعودية تسليح المعارضة السورية السنية، لكن مع بقاء أنظارها مشدودة إلى الشيعة في أرضها، وبشكل خاص جداً، إلى الشيعة في إيران والبحرين، وبطبيعة الحال، في سوريا نفسها.

تظهر مخاوف جدية في تركيا من إمكانية حصول تحركات جديدة للانفصاليين الأكراد على كلا جانبي الحدود، مستغلين الأزمة لخدمة قضية استقلالهم. ثمة خشية أيضاً من أن يلجأ  الديكتاتور لاستعمال أسلحته الكيميائية، إلى آخره.

مع الصعوبة في فصل ما هو حرب أهلية عن ما هو حرب دولية، واستحالة العثور في التاريخ على حرب أهلية خالصة، يبدو أن كل الفاعلين في الأزمة السورية لديهم عائلات أو قرابات سياسية، دعم معنوي ومدد لوجيستي، في البلدان المجاورة. لبنان هو عنصر أساسي، بوصفه ضحية مُحتَمَلَة لعدم الاستقرار في سـوريا، وقد بدأ بالمعاناة من آثار التوتر في سوريا والمواجهات بين الأديان والجماعات الأهلية على أرضه. الشيء نفسه يحدث في تركيا وفي العراق. هذه البلدان الثلاثة شرعت بالفعل في إيواء اللاجئين السوريين.

أنْ يتداخل القمع العشوائي والوحشي الذي يمارسه النظام بخبرة عسكرية موجهة لإرهاب السكان المدنيين بجنوده وشبيحته، مع سلوكيات إرهابية أعلى صوتاً وأكثر تواتراً، مع حضور الجهاديين وعناصر إيرانية، فهذا يعطي فكرة عن التعقيد المتزايد الذي تبيّنه هذه الظاهرة، والتي تضمن طريقة معالجتها من قِبَل نظام دمشق حصول الأسوأ من السيناريوهات المحتمَلة حالما تسكت الأسلحة، حتى لو كان سكوتها بسبب عجزها عن الاستمرار في القتل وحسب، وهو سيناريو انهيار النظام، بسبب فقدانه لمصادر التأييد والدعم أو بسبب وطأة العقوبات الدولية أو كليهما، على خلفية حرب أهلية أو ثورة شاملة.

العراق كذكرى سيئة

سيناريو كهذا يمكن أن يعيد إنتاج ما قد عرفه العراق اعتباراً من الغزو الأمريكي في عام 2003. في سوريا، يمكن أن يحدث ذلك مرة أخرى ليس لأن تدخلاً عسكرياً، لا يمكن استبعاده، سيطلقه من عقاله، وإنما بسبب هذا الاحتراق البطيء والقاتل الحاصل في نسيج اجتماعي في حالة تفكك، والذي قد يتسبب، مع سقوط النظام، في حصول مواجهة بين الجماعات الأهلية والأديان، بين المركز والأطراف، بين الأقليات والأقاليم المختلفة، الخ، وفق التباينات التي تشجعها التعددية الاجتماعية في سوريا، ودينامية المواجهات والتوترات ما بين الأخوة الأعداء، وعدد لا نهاية له من العوامل النابذة، تجعل من إعادة طرح الميثاق الوطني، بل حتى من التشكيك باستمرار سوريا كأمة واحدة، أمراً لا مفر منه يوماً ما. طبعاً في هذه الوضعية المرعبة ستكون حاضرة جداً المصالح الدولية للبلدان المجاورة، دع عنك إسرائيل، من أجل إثبات وجودهم في قضايا إقليمية لم يتم تسويتها بطريقة حاسمة منذ أن أصبحت سـوريا بلداً مستقلاً.

وافقت الأمم المتحدة والجامعة العربية على تعيين كوفي أنان للتفاوض مع الديكتاتور السوري وتطبيق خطة سلام لم تسجل أي نجاح على الإطلاق منذ أواخر آذار| مارس. لم يتم احترام وقف إطلاق النار، إطلاق السجناء، نزع السلاح من المدن، حرية تنقل الصحافيين والمنظمات الإنسانية، الدفع باتجاه حوار سياسي، تقييد استعمال الأسلحة الثقيلة ضد الأهداف المدنية، إلى آخره. على العكس من ذلك، يزداد العنف ويبلغ مستويات جديدة، ويستمر النظام في استخدام الدبابات والمدافع في تدمير الأحياء السكنية، وليس هناك حدود للوحشية العشوائية. قد يبقى هذا النظام لبعض الوقت ويسحق المعارضة، لكنه لن يكون قادراً إطلاقاً على إعادة البلد إلى الوضع الطبيعي واستعادة شيء من الشرعية.

الأسَدَان، الأب حافظ والابن بشار، وأقرباؤهم، يذكِّرون أيضاً بصدام حسين، وبعائلته الجهنمية، الذي كثيراً ما تُغوضي عنه لأن مماهاة حصلت بينه وبين الاستقرار الإقليمي ورفاهية بلده. لكن معه ومع زمرته، كما مع آل الأسـد، لم يكن ثمة عدالة ولا نظام. لم يتركوا وراءهم إلا تراثاً شديد المرارة لشعوبهم.

———————–

ترجمة: الحدرامي الأميني

المصدر: إضغط هنا


View Original


aboRoma.com: مايكل أنجلو أنطونيوني

$
0
0
ولد المخرج الإيطالي الراحل مايكل أنجلو أنطونيوني في التاسع والعشرين من سبتمبر عام 1912 في فيريرا في إميليا رومانيا بشمال إيطاليا، في عائلة من ملاك الأراضي، وكان عندما لا يزال طفلا يهوى الرسم والموسيقي، ويعزف الكمان قبل الأوان، كانت أول حفلة له في سن التاسعة، يقول أنطونيوني عن طفولته: ” كانت طفولتي سعيدة، وأمي كانت [...]
View Original

بشر: ما السبيل لتفعيل حسابك لدى شركة ما عن طريق Sms ؟

قرقعة جوزتين بخرج: سوريا والتجاذبات الخارجية، الحلقة الأخيرة

$
0
0

ضمن هذه التجاذبات الخارجية الضخمة على سوريا ووجود أزمة على الأرض تتضخم وتتفاعل يوميا، فالنظام السوري وبصفته المعني الأول والأخير بدوره في هذه الأحداث، نجد النظام السوري يتبع منهجية القوة الشديدة بمواجهة قوى كانت مبسطة (ولكنها حاليا ازدادت قوة وتسليحا) وإن كان هذه المرة بترشيد استخدام القوة المفرطة مقارنة بأحداث الثمانينيات، وذلك بحكم عدم وجود حليف قوي وقادر على التغطية كالاتحاد السوفييتي كما كان الوضع سابقا، وبسبب انتشار وسائل الإعلام على مستوى هائل، لدرجة أن مراسلي بعض القنوات الحالية على الأرض السورية كانوا أشخاص اعتياديين من ضمن الحدث.

يختلف رد فعل النظام حاليا عن رد فعله السابق، بكون حركة الإخوان المسلمين في أحداث الثمانينيات السابقة كانت تحمل في طياتها ردا مدينيا ناتجا عن إعادة توزيع الثروة في سوريا بين المدن والريف، لذلك كان في إطار التحرك الإخواني السابق في الثمانينيات العديد من أبناء النخب المثقفة والارستقراطية المدينية والتي تغلب عليها النزعة الدينية التقليدية المترقية في البنية المدنية لطبقاتها الوسطى.

أما الأحداث الحالية فهي ذات طابع ريفي مديني (للمدن الريفية الصغرى التي انطلقت منها الشرارات الأولى للأحداث، دوما، جسر الشغور، درعا، بانياس) التي تمتلك بنية ثقافية اعتيادية وكانت شاهدا على عودة التمركز للثروة السورية ضمن البنى المدينية وهذا ما سبب تأخر ظهور وانطلاق أولى المظاهرات في المدن الكبرى وبالذات دمشق وحلب.

هذه القرى المدينية الصغرى التي انطلق منها التحرك تمتلك بنية تحتية علمية وثقافية قادرة على تأمين الفلسفة اللازمة والذي وجدته غالبا ومعمما بنظرية دينية أتاحت لها في المراحل التالية استخدام بنية دينية متمثلة مثلا بمبدأ رد الصائل. هذا الحراك وجد من الصدى في البيئة الريفية أكبر مما هو متوقع وقد لقي صداه تاليا “وذلك مع احتداد الأزمة وترقيها بشكل اقتصادي” لدى أبناء الريف من سكان المدن الكبرى والتي تتشكل عموما بأغلبيتها الساحقة من أبناء الريف القاطن للمدن، وبشكل مماثل فالثورة السورية الكبرى التي استمرت ما ينوف على الثلاثة أعوام لم تسفر عن خروج الفرنسيين أو تغيير لنظام الحكم، ولكنها أسهمت في الدفع باتجاه تأسيس الجمعية الوطنية التي وضعت أول دستور للبلاد، ولتستمر بعدها عملية الرفض حتى توقيع اتفاقية عام 1936.

وهنا من جهة الأحداث الدولية الخارجية فسوريا تتجه باتجاهين يعززهما التوجه نحو وجود حالة تبادلية في المصالح بين القوى الكبرى، وهو برأيي في حال نجاح أو الوصول إلى حل للنقاط الخلافية الأساسية في المؤتمر المزمع عقده بين مختلف القوى والمنظمات العالمية حول سوريا، فذلك سيؤدي إلى التخفيف من حدة التسليح والسير بطريق حل يرضي جميع الأطراف، كالحالة اليمنية مثلا، وذلك يعني استمرار بقاء بنى النظام الحالي مع إزاحة القيادة النظام والمقربين منه والذين يعتبرون حاليا بواجهة الأحداث في أي تصفية للنظام، وقد يقتضي ذلك في حال عدم قبول النظام إلى اللجوء إلى عملية دولية تحت غطاء أممي للتغيير.

أما في حال عدم الوصول إلى نقاط تفاهمية بين القوى في المراحل اللاحقة وهو ما أتوقعه، فستسمر الأزمة السورية بالتصاعد ومواجهة جميع الاحتمالات والتي من بينها حرب أهلية أو حصول سيناريو مقارب لما تريده أمريكا “كما ناقشته سابقا في هذا المقال” ولكن ذلك سيكون بعد فترة الانتخابات الأمريكية والتي ستحدد نتيجتها الهدف المقبل ما بين إيران أو سوريا، وبالتالي بين هذا وذاك يستمر النزف السوري من أبناء الشعب.

وقد يكون مصير الكيان في سوريا نهبا لرغبات الدول في تقسيم سوريا وإنهاء هذا الكيان، فلطالما كان مشروع تقسيم سوريا حاضرا في ذهن الإدارة الأمريكية على مدى عمر الدولة السورية، وهذا ما قد يجد صدا لدى دول الجوار جميعها بتقسيم سوريا كحصص بين هذه القوى.

وهنا لا بد أن أذكر أن عملية إعادة تقسيم وهيكلة الشرق الأوسط من قبل السياسة الاستراتيجية الأمريكية هي حالة معلن عنها بكل صراحة، وإن كان ذلك بمشروع يوازي “سايكس- بيكو” وينتج عنه حالة موازية لمؤتمر سان ريمو. وهما مشروع الشرق الأوسط الكبير، والحالة التي وصلت لها المنطقة من تقسيم العراق ووصول سوريا إلى حافة الخطر المتمثل بالمشروع الأمريكي في التعامل مع الأزمة السورية.

لا يخفى أيضا قدرة الشعب السوري على تغيير جميع المعادلات وإنهاء جميع المشاريع الخارجية بكل معنى الكلمة، فسوريا كدولة كانت قادرة على إنهاء الاحتلال الفرنسي، وعلى إسقاط حلف بغداد، وعلى تشكيل أول دولة دستورية في المنطقة، كل ذلك موجود على أرض احتمالات الحدث السوري، وبالطبع هو ناتج عن عوامل داخلية للأزمة السورية وليس عن عوامل خارجية كما سبق.

وهنا برأيي فالحل يكمن بدعوة النظام  لأطراف المعارضة جميعها إلى طاولة الحوار والوقوف موقف مواجهة تامة لما تتعرض له سوريا من مشاريع خارجية تهدد الكيان السوري بكل معنى الكلمة. قد يحتج البعض بكون بعض أطراف المعارضة لن تقبل وستستمر في الإعلان عن نيتها في إسقاط النظام، ولكن الجميع يعلم أن هذه المعارضة ستفقد من قدرتها على توفير بنية إعلامية في حال وجود معارضة حقيقية تخاف على مصلحة الوطن بشكل واضح، فالقضية أصبحت أكبر من الجميع في سوريا والتعاضد للحفاظ عليها مهم في هذه اللحظات المصيرية.


Filed under: Uncategorized, قراءات, تفكير ذاتي مرتجع, سوريا، الأزمة
View Original

المُندسّة السورية: في حروب التحرير الشعبية

$
0
0

في حروب التحرير الشعبية يُتبع أسلوب حرب العصابات وهو أسلوب يمنح القوى الثورية المسلحة إمكانية الاستمرار لفترات طويلة وبخسائر محدودة نسبيا , ونظرا للفارق الكبير في موازين القوى بين القوى الثورية المسلحة و القوى النظامية كبيرة العدد و عالية التسليح فإن القوى الثورية المسلحة تعمل على استنزاف و إنهاك القوى النظامية من خلال هذا الأسلوب , و أسلوب حرب العصابات يعتمد على مجموعة نقاط تعتبر نقاط قوة ذاتية وشبه كافية في غياب أو شح الدعم الخارجي

  1. تستفيد القوى الثورية المسلحة من البيئة الجغرافية المتوفرة وتتوزع فيها وتبتعد عن التمركز في التجمعات السكانية وخاصة الكبيرة منها ” المدن ” حيث أن التمركز في المدن يصيب تكتيك حرب العصابات في مقتل ويحولها إلى حرب مدن وهو نمط من المواجهة لا ينسجم مع منهجية حرب العصابات , فحرب المدن غالبا ما تحصل بين قوى شبه متوازنة عسكريا ” كما هو معروف في تاريخ الحروب ” , و حين يحصل بين القوى الثورية المسلحة والقوى النظامية فإنه يحصل ” كما تفيد تجارب حروب التحرير الشعبية” في مرحلة متقدمة من الصراع غالبا ما تكون فيها القوى الثورية المسلحة على مشارف النصر.

 أما الدخول في حرب مدن في مرحلة مبكرة فهذا يعني سحب كل نقاط القوة من القوى الثورية المسلحة ومحاصرتها و إفشالها , عداك عن تعريض المدنيين العزل لخطر الإبادة خاصة في حال كانت القوات النظامية _وهو حال قوات نظام العصابات _ منفلتة في ممارسة قمة العنف والهمجية والتوحش بلا أي حد أدنى من رادع أخلاقي أو قانوني

الجبال , الأحراش , الغابات , الجرود , المزارع … تشكل بيئة جغرافية مناسبة لحرب العصابات_ وهي متوفرة في معظم المناطق الثائرة _ حيث تحمي الثوار وتقدم لهم شكل من أشكال الإمداد المجاني ولو جزئيا ” ماء , غذاء , وقود تدفئة …” كما أنها تنهك القوات النظامية بشرياً وعتاداً وتمويناً ونفسياً و زمنياً

  1. الحاضنة الاجتماعية هي منبع لا ينضب من منابع قوة الثوار , حيث يقوم السكان المحليين وهم في العموم تجمعات ريفية ” قرى , بلدات , مزارع … ” بإمداد الثوار بالتموين ” غذاء , مواد طبية , أجهزة , ألبسة … ” , إمداد الثوار بالمعلومات , إمداد الثوار بعناصر بشرية جديدة ” ثوار جدد ” , إضافة للخدمات المدنية و الإحاطة الاجتماعية التي تشكل دعم نفسي مهم لاستمرار الثوار
  2. وفق أسلوب حرب العصابات المتبع في حروب التحرير الشعبية يعمل الثوار على الحفاظ على نقاط القوة لديهم وتعميقها وتوسيعها ومد سيطرتهم على مناطق جديدة بالتوازي مع استنزاف القوات النظامية وإنهاكها و استهدافها بالعمليات النوعية , ويحصل هذا بإجراءات كثيرة منها :

-         الحفاظ على مناطق الانتشار والتمركز ” المناطق الجغرافية المذكورة المناسبة جغرافيا وعسكريا لهذا النمط من أنماط الحروب” والتمسك بها بكل الوسائل باعتبارها نقطة القوة الأساسية للثوار من حيث كونها تعادل الخطوط الدفاعية في الحروب التقليدية , كما أنها ساحة المعركة الوحيدة المتاحة للثوار والتي تمنحهم تفوقا نوعيا , وحماية تلك المناطق من الأعمال التخريبية التي يتوقع أن تقوم بها القوات النظامية ” حرائق , تلغيم , تفجير , تلويث … الخ “

-         تأمين وحماية الطرق المحلية الأساسية والمؤقتة وتوفير الطرق البديلة خاصة طرق الإمداد و الإخلاء و الطرق الحيوية الواصلة إلى التجمعات السكانية أو إلى خارج حدود الدولة

-         إبعاد معسكرات التدريب والمستودعات الرئيسية عن خطوط التماس و إقامتها في مناطق مناسبة في العمق الجغرافي من المناطق المسيطر عليها , مع اعتبار مواقعها سرا عسكريا خطيرا محصورا بالقيادة وبالعناصر التي تخدم فيها

-         تعامل الثوار وتعاطيهم مع واقع هذه الحرب على أنه نمط حياة قد يمتد طويلا و تأهيل الثوار الجدد على الانسجام و التعايش مع هذا النمط و الرمي بعيدا بالأفكار والأوهام التي تقول بمعركة سريعة حاسمة, تجنبا لما تولده هذه الأوهام من خيبات توهن نفسية الثائر و حاضنته الاجتماعية

-         إضافة للثوار الذين لا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال القتالية كعناصر الإمداد والإخلاء والخدمة و العناصر الطبية و الإدارية يتم تطعيم المجموعات الثورية بعناصر تعنى بالنشاطات اللاحربية تعمل على الدعم النفسي والمعنوي كالنشاطات الاجتماعية والتثقيفية والفنية والترفيهية

-         تنفيذ الثوار لعمليات نوعية خاطفة ضد القوات النظامية , كقطع طرق الإمداد و ضرب القوافل العسكرية والاستيلاء عليها أو تدميرها في البر والبحر “فإضافة سفينة محملة بالأسلحة إلى سجل السفن الغارقة أهم بكثير من إعلان تحرير حي وتخويله إلى سجل الأحياء المدمرة” , و ضرب المستودعات و الاستيلاء عليها , استهداف المواقع العسكرية الإستراتيجية والسيطرة عليها وحمايتها , استهداف القيادات وتصفيتها أي كان تخصصها وأينما وجدت , ردع المتعاونين مع نظام العصابات واستهداف وملاحقة الجواسيس والعملاء والمخبرين

-         توخي الحذر و السرية في كافة الإجراءات خاصة وسائل الاتصال والتواصل , واستخدام وسائل الاتصال الآمنة والابتعاد عن نشر المعلومات والصور و مقاطع الفيديو واللقاءات , مع ضرورة ابتكار شفرات خاصة واعتمادها كلغة للتواصل , وتكليف مجموعة من العناصر الثورية بمتابعة سرية وأمن المعلومات وتطوير هذه المجموعات لتشكل نويات لجهاز حماية أمن الثورة

-         حماية السكان المحليين وحماية محاصيلهم و ممتلكاتهم من أعمال النهب والتخريب سواء صدرت من القوات النظامية أو من عصابات جنائية , واعتبار حماية السكان و طمأنتهم و كسب ثقتهم ودعمهم أولوية من أولويات العمل الثوري التحرري

-         التمسك بالقيم الإنسانية الأخلاقية النبيلة ونشرها ومراعاتها في كافة الإجراءات و الأعمال والنشاطات الثورية و إسكات وعزل ومعاقبة الأصوات الناشزة , مما يوسع القاعدة الاجتماعية الحاضنة ويكرس تمسكها بالقوى الثورية و يزيد في أعداد المنشقين والملتحقين بالثوار

-         العمل على تشكيل إدارات محلية _من السكان المحليين من ذوي الكفاءة والمعرفة والأخلاق الحميدة_ في المناطق المسيطر عليها لتسيير أمور السكان و متابعة أعمالهم وحاجاتهم ومشاكلهم

-         العمل على تشكيل لجان شعبية من السكان المحليين لحماية المنشآت والأملاك العامة وبالأخص مباني ومحتويات دوائر القضاء والسجلات المدنية و السجلات العقارية و المتاحف والموجودات الأثرية ومصادر المياه والطاقة

ليس من الضروري أن يكون للمجموعات الثورية قيادة عسكرية مركزية موحدة خاصة في الحالات التي تكون فيها تلك المجموعات موزعة ومنتشرة على مساحات جغرافية واسعة ومنفصلة عن بعضها لأسباب طبيعية أو نتيجة قيام القوات النظامية بمحاولات عزل المجموعات الثورية ومحاصرتها _ كما يحصل _ 1خوفا من أن تشكل بتواصلها جبهة واسعة يغدو معها نشر القوات النظامية بمدى مفتوح خطرا كبيرا يهددها بالإنهاك و باحتمال التفكك نتيجة الانشقاقات ,2 و أملاً في تحويلها إلى بؤر ثورية محدودة ومعزولة يسهل التعامل معها

لكن من الضروري أن يكون للمجموعات الثورية إستراتيجية موحدة تعتمدها وتلتزم فيها كل المجموعات , بينما يترك للقيادات الميدانية في كل مجموعة اعتماد التكتيكات التي تراها مناسبة تبعا لظروفها الموضوعية و الذاتية وبما ينسجم مع الإستراتيجية العامة الموضوعة

ومن الضروري أيضا أن يكون لمجموعات الثورية قيادة سياسية موحدة , تعمل على دعمها  لوجستيا و سياسيا و إعلاميا و ماديا و تتواصل معها عبر مكاتب وعناصر الارتباط , حيث تعمل القيادة السياسة عبر تلك المكاتب على إبقاء النشاط المسلح منظما ومضبوطا بما يخدم الأهداف العليا للثورة , وبما يكفل بقاء كافة المجموعات المسلحة سائرة على منحى التلاقي باتجاه تشكيل نواة الجيش الوطني .

———————-

عماد دلا


View Original

المُندسّة السورية: الخلط ما بين الجيش السوري الحر و حالة الانفلات الامني

$
0
0

 

الجيش السوري الحر

تمّام الرفاعي

بعد اطلاعي على اراء الكثير من الاصدقاء القدامى مِن مَن استطيع ان اسميهم من اصحاب التوجهات الحيادية او “الرمادية” بما يخص الثورة السورية و الحراك الشعبي بشكل عام و الذين لا يقفون مع طرف ضد الاخر غالباً، استوقفتني اراء كثيرة و متواترة تخلط ما بين الجيش السوري الحر و المعارضة المسلحة عموماً و ما بين حالة الانفلات الامني و عمليات البلطجة و الزعرنة و الخطف و التشليح التي تحصل في سوريا الان و غالباً ما يحمل هؤولاء الجيش السوري الحر و المعارضة و الثورة ككتلة واحدة مسؤولية هذه الاعمال الاجرامية المنفلتة.

و انطلاقاً من مبدأ “ليس كل من حمل السلاح في هذه الفترة هو جيش حر و تابع فعلياً للمعارضة و يجب ان يٌحسب ضمنياً على الثورة” احببت ان اوضح بعض النقاط:

1. الجيش السوري الحر، هو الفكرة و المظلة للمعارضة المسلحة ليس جيشاً حقيقياً يتحمل اعباء مسؤولية المسائلة و الحساب. الجيوش عادة تكون منظمة و تتبع لنظام انظباط صارم و يلتزم اعضاءها بقوانين واضحة يستوجب عدم الالتزام بها للمسائلة و الحساب و هذا لا ينطبق على حالة الجيش السوري الحر لعدة اسباب لن اتطرق لها هنا لان شرحها يطول.

2. اعمال البلطجة و الزعرنة و التشليح و الخطف و القتل احياناً، حكماً لا تندرج تحت فكرة “الجيش السوري الحر” و غالباً ما يستغل المجرمون حالات الانفلات الامني في مناطق تضعف فيها سيطرة الدولة و يستغل هؤولاء
هذه المناخات للقيام بأعمالهم القذرة بدون رقابة او خوف من العقاب و الحساب كون ان الدولة التي يفترض بها ان تتحمل هذه المسؤولية تحولت لدولة زعرنة و بلطجة و تشليح و خطق و قتل! فلا يجد هؤلاء رادعاً قانونياً او اخلاقياً او عملياً لنهيهم عن ممارساتهم. حالة الانفلات الامني يمكن تشبيهها بموسم الصيد لكل الخارجين عن القانون في دولة اللاقانون.

3. المحاولات الجاهدة للربط ما بين حالة الانفلات الامني التي تجتاح البلاد و مفهوم الجيش الحر هي محاولات تشبيحية اعلامية مرتبطة غالباً بأجهزة نظام العصابة الحاكمة في سوريا و ما لف لفها من شبّيحة و مؤيدين و رماديين ايضاً.

4. حرب العصابات التي يتبعها الجيش السوري الحر في مقارعة آلة النظام العسكرية حالة شائعة و ضاربة عمقاً في التاريخ حصلت في الثورة الفرنسية، كمثال يحتذى، و في نضالات الشعوب ضد الدول الاستعمارية بما فيها نضالات الثوار السوريين ضد الاحتلال الفرنسي.

5. هناك البعض مِن مَن يحسب على المعارضة يحاول جاهداً ان يشيطن الجيش السوري الحر بنفس الطريقة التي يتبعها النظام نفسه من خلال منابره الاعلامية و مرتزقته الحكومية. مع الاسف يعتقد هؤولاء انهم بهذه الطريقة يسجلون نقاطاً لانفسهم كونهم الوجه الناصع البياض للثورة الافلاطونية في دولة سوريا الفاضلة.

في النهاية، الجيش السوري الحر اصبح حقيقة على ارض الواقع و له دور حقيقي في ميادين النضال و هو الجناح المسلح للمعارضة السورية التي استوجبت المرحلة ايجاده بعد ان تمادت اجهزة العصابات الارهابية السورية الحكومية في بطشها و اجرامها و ارهابها بحق الشعب الاعزل الذي خرج سلمياً و لاكثر من 7 اشهر منادياً بالحرية والديمقراطية حاملاً الاغصان و الزهور.


View Original

Intidar Blog: В Сирия, Испания или България – за властта протестиращите са просто наркомани

$
0
0
Има една тревожна тенденция в днешната държавна власт. Не само тук, не само в Азия или Африка – по целия свят. Като че ли властимащите изпитват недостиг на чест и достойнство, а все по – явен е дефицитът на честност в горните слоеве на обществото, за който сме чели в книгите и сме гледали в …

Continue reading »


View Original

المُندسّة السورية: لماذا نرقص بنعش الشهيد

$
0
0

عندما يشيع أهل حمص الشهيد فإنهم يدورون بالنعش وكأنهم يرقصون به، والتفسير المعروف وأظنه متوارث دينيا هو أنهم يجعلون الشهيد يرقص وكأنه يوم فرح له فالجنة بحدائقها وقصورها وحورها العين ترحب به ،وهل هناك فرح أعظم من الجنة وما فيها .
وذكر أحدهم أنهم يرمزون بالدوران وكأنهم يجعلونه يرى ابواب الجنة يدخل من ايها شاء
وقد ذكر البعض – وأظنه رأي الكثيرين من المشيعين للشهداء- مفسرا سبب الرقص بنعش الشهيد ، وهو تفسير وجيه مقنع ،يقول هذا الرأي :
هذه الرقصة اسمها في حمص رقصة البقجة ،،لأنه من العادات التراثية عند أهل حمص أن يقوم أهل العريس بحمل بقجة العروس ،والبقجة هي صرة فيها ثياب وهدايا من العريس وهي جزء من المهر الذي يقدمه العريس لعروسه، والمحتفلون يقومون بالرقص بالبقجة وهم يعرضونها على الحضور .
ولأن الهدية “البقجة ” هذه المرة هي العريس نفسه الذي قدم روحه هدية لحبيبته سوريا.
فإنهم يرقصون بالعريس أي الشهيد.
“المهر كان غاليا والعروس كانت تستحق .”

محمد حسن السوري


View Original

مرافئ النورس: عناق الحب للشموخ… ” في لنا يا حب “

$
0
0

عندما يتحد الشموخ مع الحب تبدأ ألحان الصدق و الوفاء و النقاء تمزقّ سواد النفوس …..

 

و مرة أخرى لنسافر مع فيروز الصوت القادم ليالينا العتيقة  و المدى الذي لا يحدّ ك



تنحى القمر حباً ليمنح الجبل بشموخه فضيلة إعلان الصبح

شموخٌ و أنفةٌ و كبرياء ….. هذه هي دوماً ً أبجديات  الجبال  

و لكن عندما يحتفي جبلٌ بخيمةٍ تضم حبيبين مفعمين بالنقاء تضيع العبارات و تتقزّم أمام سطوة المشهد مفردات لغات الأرض قاطبةً .

و كيف لا تضيع المفردات عندما تكون في محرابٍ مفعمٍ بالحب و النقاء متوجين  بالشموخ .

و حتى الغيم أتى راكعاً على باب محرابهم يؤدي صلاة الخير حيث منه تولدُ ترتيل العطاء بتوقيع المطر .

إنها لطقوسيةً رائعة يتوهُ عندها الوصف و تسحر الألباب 

و لكن ليس هذا فحسب فالنجمات أيضاً منشورة على ذلك السطح الأسود بجانبهم ، ربما لتستمد من نور حبهما بعض ضوء يساعدها على أن تتوهج أكثر لتمتلئ بكل أسباب انتمائها إلى ذاتها .

و الورد الأبيض الذي تفتق في ذلك الجرد المرتفع بجوار السماء ليحتفي بوجودهم في مملكته معلناً قصيدة حب بتوقيعهما ليتعلم منهما ليس هو فحسب بل كل ما في الكون أنقى دروس الحب ، و ليستضيء الربيع بطهر هذا الحب و نقاءه ليس لسبب و لكن حتى لا يضيّع تفاصيله في زمن القحط الروحي و يبقى مزهراً حتى تضجّ الحياة بأسباب الخير و العطاء

هنا … كان الصوت الفيروزي يؤنسُ وحدة الليل برائعتها ” في لنا “ بتوقيع الأخوين رحباني كلماتاً و لحناً :

 

في لنا يا حب خيمي عالجبل ناطرة تانزورها بليلة غزل

راكعة الغيمات عند حدودها و تاركي النجمات عاسطحها قبل

في لنا يا حب خيمي في لنا و مزهريي و ورد أبيض عندنا

وحدنا بهالجرد عاحدود السما نحنا و أنت و باقة غناني هنا

 

  

أسامة



View Original

كبـريـت | Kebreet: ملخص حول آخر التطورت السياسية بشأن الثورة السورية

$
0
0
.
.
.
 

 

 

 

  • انهيار خطة عنان :

أوضح رئيس بعثة المراقبين أن خطة عنان قد انهارت بعد أن علقت مهمة لحنة المراقبين بسبب تزايد العنف في سوريا كما وصف البيت الأبيض أن هذا القرار هو لحظة حرجة مضيفا أن الولايات المتحدة تجري مشاورات حول الخطوات القادمة.

  • ما رأته بريطانيا حول تعليق لجنة المراقبين :

رأى وزير الخارجية البريطاني أن قرار تعليق بعثة المراقبين يعيد النظر جديا على قدرة هذه البعثة من الاستمرار في عملها معتبرا تأزم الوضع في سوريا سببه النظام السوري في حين دعى المعارضة المسلحة الى وقف العنف

  •  تصاعد العنف بعد تعليق لجنة المراقبين :

قال نشطاء من المعارضة أن النظام صعد عنفه في سوريا بعد قرار تعليق عمل لجنة المراقبين وقد أوضح هذا القرار أن خطة المبعوث الأممي كوفي عنان قد انهارت بعد الانتهاكات من كلا الطرفين كما وفرت روسيا والصين الحماية للأسد من أي إجراءات خارجية وقد وصف المعارضون أن هذه الحماية هي مجرد الاستمرار في الحملة الدموية ضد المحتجين .

  • ما قاله المجلس الوطني بالمؤتمر الصحفي في اسطنبول :

طالب المجلس السوري في مؤتمر صحفي مجلس الأمن باتخاذ موقف حاسم بمقتضى الفصل السابع بهدف حماية المدنيين كما أعلن أن مدينة الرستن مدينة منكوبة وقال أنه في حال استخدمت روسيا حق النقض ( الفيتو) لعرقلة أي قرار أممي فسيتوجه المجلس الوطني الى مجموعة أصدقاء سوريا لإتخاذ خطوات قوية لحماية المدنيين كما قالت عضو المكتب التنفيذي للمجلس بسمة قضماني أن هناك تخوف من سقوط حمص مشيرة أن المجلس يسعى متحركا لوقف الهجوم عليها وقد أكدت أن الأمم المتحدة أقرت أنها لا تستطيع حماية السوريين وذلك لعدم التزام النظام السوري بتنفيذ خطة عنان.

 

_________________

المصادر : الجزيرة – وكالات— لجان
17-6-2012

 

 

 

 

 

 

 

 



View Original

المُندسّة السورية: معقول؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

$
0
0

بمقالتي الاولى بالمندسة العزيزة بدي افترض حالي كنت بغيبوبة وفقت من يومين وحكالي احد الاصدقاء اللي صار من اول الثورة الى الان.

معقول؟؟؟

يالطيف….. ياساتر …… بالله عليك هيك ساوا.

الله لايوفق اللي كان السبب…….. صحي مين كان السبب ؟؟!!!!!! عاطف نجيب عذب الاولاد وقتل اللي قلو لا.

وينو؟ ؟؟ عاطف؟ مابعرف….الله ينتقم منو.

وبعدين؟….. قامت سوريا محافظة ورا محافظة, بديت محاسبة وبعدين اسقاط محافظ وبعدين اسقاط نظام …… لاااااااااااااا وطي صوتك يازلمة اش اسقاط نظام بتروحنا !!!!!

ههههههههههههه قال انا معزور لاني كنت بغيبوبة ومابعرف اش صار…. ضحك علي رفيقي اللي عبيحكيلي وقال الشباب سقطو نظام ولعنو ارواح …. لا مو بس هيك قال شالو سلاح !!!!!!! يالطيف…… اي؟ لا وكمان قال طالبو بتدخل دولي…….. معقول كل هاد صار من سنة وكم شهر…… يايووووب على قولتنا نحن الحلبية ……ااااااه حلب لك وحلب؟؟؟ اش صار بمدينتي المخيفة ؟ انا بعرف الحلبية مامعون مزح والله العظيم بعرفن والكبارية حكولنا عالتمانينات … اش صار فيها؟

ايواااا ياسيدي حلب قال من اواخر المدن اللي طلعت وتقتل كتير عالم بسوريا لحتى تحركت بزخم كبير بس الحمد لله لحد الان ماصار فيها شهداء متل ماصار بغير مدن.

هههههههههههههه لا لا مستحيل انا بعرفن هدول والحجر الحلبي القاسي اخدو منو الصلابة مستحيل يكونو ماعو ( من المياعة) اكتر من سنة !

ياسيدي هاد اللي صار . وحكالي وحكالي وحكالي. يالله شقد حكالي.

طيب بدي اسالك شلون صار كل هاد واللي بعرفو انو بشار كان الو شعبية كبيرة ومخابرات ماسكة البلد ومستشارين معروف عنن الذكاء وسياسة خارجية قوية وفوق كل هاد تركيبة الدولة والجيش والموسسات تابعة لنظام مركزي مستحيل يكنطك(كنطك يعني عمل تماس كهربائي) يعني شكلين مابيحكو.

يااحبابي قعد رفيقي يحكيلي كيف تغابو كتييييييير ركزولي على كلمة تغابو !!!! المهم مشان ما اطول بالمقالة اخر شي قلي انو روسيا طلعت غبية وانو بلشت تخسر الشعب السوري خصوصا والمجتمع العربي والدولي عموما!!!!!!!!

!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! معقول!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

حاجتي طق حنك انا ورفيقي هلق بدي اقلكن وجهة نظري وزبدة متابعة لكلشي وحاج المقدمة الماضية كلها وعطوني رئيكن بعدين

انا قرأت مقالة بأحد الجرائد بقول فحواها انو كما باع الاب سوف يبيع الابن و المباع الأول هو الجولان وامور اخرى والمباع الثاني هو ……….. سوريا……..

وامور اخرى.

بالبداية لم استبعد هذا الفعل من ال الاسد لكن من الرعبة من هالتوقع ماقلتو لاحد الا حديثا

فكرو معي شوي !!!!! كل الاحداث التي حصلت ماكانت لتحصل لو تحاكم المسبب الاول المذكور اعلاه ولو بشكل شكلي يحفظ ماء الوجه لأهل المعتدا عليهم في درعا.

حمص اااااااااه ياحمص بدأت حمص كمثال بالمظاهرات نصرة للمظلومين وهتفت نحن معاكم للموت …. تطورت الى نحن نريد اسقاط المحافظ….. بعدها تسبب غباء عظيم غير معهود حديثا بهتاف الشعب يريد اسقاط النظام وووووو الخ.

هذا النظام الذي تستغبون وتقولون انه متشتت القيادات لماذا اثبت ذكاء اعترف بأنه عظيم بأدارة الأمور في حلب واوقف المتحرك وحرك الساكن وشل حركة هؤلاء الثوار الذين تشاهدونهم الان ؟ اين كانو ؟ لماذا تأخرو؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ لان النظام تصرف بذكاااااااااااء فقط عندما اراد

اريد القول ان النظام من بداية الأحداث لا يريد تهدئة الوضع والشعب في بداية الاحداث علم بالضريبة المنتظرة ولم يسعى لها لكن جبر للذهاب اليها بطريقة لو صح هذا التحليل فأنها والله موامرة عظيمة تهدف الى تقسيم البلاد …….. نعم موامرة أجبرنا بطريقة ما للسير فيها بدون اختيار .

أعرف انكم سوف تنتقدوني على كلمة موامرة ….. لكني نظرا لأني مبتدء لم ارى بديل لأعبر عن وجهة نظري.

وضع حمص والحفة والسعي للطائفية وأستنذاف سوريا عموما بكل شيء ……..الخ يوحي لي ان هناك شيء خطير يحاك .

بمعنى أني لو بدي احكي بلسان بشار رح قول ( هي البلد رح تكون الي عدو اي بيوم قريب وكل رصاصة فيها رح تكون ضدي وضد دولتي الصغيرة انا اسعى لأستنذافكم كل واحد فيكم مستهدف……. الان القرى والمدن الصغيرة …. اما المدن الكبرى فلتجهز نفسها ، استنذافكم يحميني ويحمي بلد صديق مجاور…… افهموها لحالكن)

بحب اختم انو هاد اللي عبيتحرك براسي من زمان ويارب يكون تحليلي خاطئ

اما اذا كان صحيح بس بدي اضيف……..( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) صدق الله العظيم


View Original

من فتى: في التاريخ المصري الحديث: عمر مكرم: إرهاصات التحول إلى الفاعلية الجماعية – بقلم: محمد شاويش

$
0
0

عمر مكرم: إرهاصات التحول إلى الفاعلية الجماعية
محمد شاويش- برلين

عمر مكرم شخصية لم تشتهر عند عامتنا، بل أظنها لم تشتهر عند مثقفينا و إن كانت معروفة مشهورة عند المهتمين بالتاريخ الإسلامي والعربي الحديث، إذ كان من الشخصيات التي يشار إليها بالبنان في مصر قبيل الحملة الفرنسية و أثناءها ثم في عصر محمد علي، وكان من الشخصيات التي يقولون عنها إنها تصنع التاريخ، وعبارة “يصنع التاريخ” تتضمن في جملة معانيها معنى “يصنع الدول” و إن كانت تزيد على هذا المعنى كثيراً، بقدر ما يتضمن مفهوم “التاريخ” من مكونات تزيد على مفهوم “الدولة”
وحين أراد ابن خلدون أن يكتب مقدمة كتابه في التاريخ “العبر وديوان المبتدأ والخبر في أخبار العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر” فإنه عد نفسه مؤسساً لعلم جديد هو “علم العمران”، وعد علم التاريخ مستنداً إليه إذ التاريخ حقيقته “أنه خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم، وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض، وما ينشأ عن ذلك من الملك والدول ومراتبها، وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم والصنائع، وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من الأحوال”
عمر مكرم كان من صناع أساس التاريخ الذي هو “العمران”، وبالذات من صناع تلك المؤسسة الجوهرية في الاجتماع الإنساني ألا وهي “الدولة”، ولكنه فيما أزعم لم يساهم في صناعة “دولة” بالمعنى المألوف المحدود فقط (هو ساهم في صناعة الدولة المصرية الحديثة عبر مساهمته الحاسمة في صناعة دولة محمد علي) بل ساهم في وضع أساس لدولة من نوع جديد تقوم في ديار الإسلام تكون عودة خلاقة إلى الدولة الأولى التي كانت دولة من المسلمين الأحرار وليس من المستعبدين. لقد كانت أعمال عمر مكرم من الإرهاصات الأولى لمكون جوهري من مكونات النهضة الضرورية ألا وهو مكون الجماعة الفاعلة الحرة على نقيض ما كان عليه الوضع حتى عهده وهو عبودية الجماعة وقطيعيتها تجاه السلطة.
حين نتكلم عن دور الدين في تحويل العامة من كم متفرق من الذرات عشوائية الحركة لا هدف لها ولا إرادة ولا هوية جماعية توحدها إلى كيان واحد يحركه هدف واحد ونظرة واحدة إلى مهمته في الحياة (في هذه النقطة يتفق مالك بن نبي الذي يرى أن الدين هو الشرارة التي توحد عناصر الحضارة الأولية وهو الذي يدفع إنسان ما قبل الحضارة دفعته الأولى الجبارة لبناء الحضارة مع ابن خلدون الذي يرى أن الدعوة الدينية هي المكون الذي يحول العصبية إلى دولة) فإننا في الحقيقة نتكلم عن عامل جوهري من عوامل النهضة ألا وهو عامل الجماعة الموحدة الواعية الفاعلة.
“الفاعلة” تعني أنها لا تتوحد نظرياً فقط بعقيدة عامة تجمعها لفظياً شأن المسلمين في عصرنا على الغالب من حالاتهم، بل تعني الجماعة المتحركة التي يحس فيها كل فرد أنه مسؤول عن مصير الجماعة ومسؤول عن تحقيق هدفها وتحويل رؤيتها للحياة إلى واقع.
وهذا ما لم يكن عليه الحال في مصر في العهد العثماني المتأخر، فقد تحولت العامة إلى كم مهمل من الأفراد تتقاذفهم أرجل الظلمة، من العناصر المتحكمة بلا رادع من شرع أو قانون، ككرات جامدة لا إرادة لها ولا قدرة على الدفاع عن الذات.
لقد فقدت الجماعة المسلمة العزة في عقر دارها، والله عز وجل يقول: “ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين!”، أين ذلك الأعرابي ربعي بن عامر الذي بعثه الإسلام بعثاً جديداً فاخترق برمحه وثيابه المهلهلة بساط الأمير المغرور رستم في القادسية، ودعاه ودعا قومه للخروج من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، من هذا الفرد الخائف الذليل الذي صاره المسلم “بعد عهد الموحدين” – بتسمية مالك بن نبي؟
ويتذكر المرء حين يرى حالة كهذه نظرية ابن خلدون في اضمحلال العصبية وانكسار الشوكة الذي يصيب أهل الأمصار الذين لا يقوون على المحاماة عن أنفسهم، ويتولى المحاماة بالنيابة عنهم أهل السلطة والتحكم الذين هم غالباً يأتون من عصبية خارجية قامت بتأسيس دولة لها دورة حياة وصفها ابن خلدون في مقدمته الشهيرة.
ويقصد ابن خلدون غالباً بمصطلح “العصبية” في مقدمته “الالتحام بالنسب أو ما في معناه”، وبالذات ذلك الالتحام الذي يقود إلى التناصر والاتحاد و “النعرة على ذي القربى وأهل الأرحام أن ينالهم ضيم” ولكنه يعمم نظريته ليقول إن العصبية تقوى بالدعوة الدينية، بل “العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية”، فلا بد للجماعة الفاعلة سياسياً من عنصرين “العصبية” و”الدعوة الدينية”.
ولعل الدول حتى عهد ابن خلدون، بل حتى ما بعد عهده إلى العصر الحديث كانت تتبع هذا المخطط، بحيث لم تقم دولة وطيدة الأركان في بلادنا بلا عصبية تسندها، وبالذات إن ذكرنا مصر فسنذكر أن الدولة فيها كانت تستند إلى عصبية فريدة من نوعها في التاريخ ربما وهي عصبية المماليك أي الأرقاء في أصل المعنى!
كان المماليك في الأصل قوة مؤلفة من أرقاء يجلبون من بلاد القوقاز وآسيا الصغرى، وينتظمون في تدريب عسكري منذ طفولتهم بحيث يكون منهم الجيش والأمراء، ولم يكن الحكام غالباً من أسر متوارثة بل كان المماليك يجددون أنفسهم دوماً بأجيال جديدة من الأرقاء المجلوبين إذ كانوا من ذوي النسل القليل المنقطع.
كان هؤلاء إذن قوة منفصلة عن المجتمع في كل شيء، ولم يكن للعامة حيالهم من خيار إلا أن يطيعوهم ويقبلوا تسلطهم ضمن حدود عامة.ولكن العامة لم يخلوا من قوى تنظمهم، فقد انتظم الحرفيون والتجار في المدن في طوائف حرفية يقودها شيخ الكار، على أن الزعماء الأهم للعامة كانوا هم العلماء.
وفي الوقائع التي سنراها في هذا المقال تغير وضع العامة من كم مهمل متفرق لا رأي له ولا فعل إلى كل فاعل له قيادة مستقلة استطاعت أن تغير من نظام الحكم في مصر، وتمهد السبيل لنظام جديد هو نظام محمد علي.
ولكننا سنرى أن محمد علي استطاع أن يخترق هذا الإنجاز العظيم الذي هو فرض مبدأ مشاركة العلماء في القرار والحكم، وهو مبدأ أثير سار عليه الخلفاء الراشدون الذين قال أولهم”أطيعوني ما أقمت كتاب الله فيكم فإن اعوججت فقومومني!”، مستعيناً بالعيوب الشخصية للعلماء وفقدانهم لخصلة الزهد في الدنيا، وقلة وعيهم بدورهم التاريخي، وانعدام شعورهم بالمسؤولية عن المجتمع، مما جعل عمر مكرم يقف في النهاية وحيداً في مواجهة الطغيان.
ومن الشيق للباحث أن يقارن هذه التجربة مع تجربة جارة هي تجربة الدعوة التي قادها الشيخ محمد عبد الوهاب، وسارت على مبدأ الوحدة اللصيقة بين السلطة السياسية والعلماء، ولم تنفصم هذه الوحدة كما حصل في التجربة المصرية بل صيغت الدولة السعودية الحديثة وفقاً للاتفاق الأصلي بين الشيخ محمد عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود رحمهما الله.

أريد لهذا المقال إذاً أن يشير إلى بعض النقاط الجوهرية في هذا المكون من مكونات النهضة ،وهو نشوء جماعة فاعلة واثقة بنفسها لها هدف وغاية وقدرة على الفعل وإرادة للفعل عبر الترجمة لحياة وأعمال هذا الرائد الكبير.
واعتمدت في المعلومات التاريخية على الكتب التالية:
1-عبد الرحمن الرافعي: تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر – الجزء الأول – مكتبة النهضة المصرية – القاهرة – 1374ه-1955م –الطبعة الرابعة.
2- عبد الرحمن الرافعي: تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر – الجزء االثاني – مكتبة النهضة المصرية – القاهرة – 1378ه-1958م –الطبعة الثالثة.
3- عبد الرحمن الرافعي: عصر محمد علي– مكتبة النهضة المصرية – القاهرة – 1370ه-1951م –الطبعة الثالثة.
4-دكتور عبد العزيز محمد الشناوي –عمر مكرم بطل المقاومة الشعبية – دار الكاتب العربي للطباعة والنشر- يولية 1967-القاهرة.

مصر في عصر عمر مكرم:

احتل العثمانيون مصر عام 1517 ميلادية، منهين بهذا وضعها كدولة مستقلة كانت محكومة من قبل المماليك.
وفي البداية أنشأ العثمانيون نظاماً للحكم يتكون من قوى متعددة متوازنة تتألف من الوالي وهو نائب السلطان في مصر، ومن ديوان يتألف من قواد الجيش العثماني، ومن الأمراء المماليك الذين لم يقض العثمانيون عليهم بل أبقوهم تحت سيطرتهم ليقوموا بوظائف عسكرية و إدارية، و كبير القضاة، وكبار العلماء، والدفتردار وهو رئيس ديوان المالية، وكان يرأس الديوان نائب الوالي.
كان المقصود من هذا النظام عمل توازن في القوى بحيث لا تقوى قوة واحدة على الاستقلال بهذه الولاية الكبيرة عن الدولة المركزية، ولكن ما جرى هو أن المماليك سرعان ما عادوا وامتلكوا القوة الرئيسة في القطر بمجرد ما ضعفت الدولة اعتباراً من النصف الثاني للقرن الثامن عشر الميلادي، إذ اصبح المماليك يولون الولاة ويعزلونهم على هواهم، ولكنهم دوماً كانوا يحصلون على مرسوم من السلطان بتعيين الوالي الجديد.
ولعل هذه المرحلة هي واحدة من أسوأ المراحل التي مرت على مصر في تاريخها، إذ تحولت البلد إلى ساحة للحرب بين أمراء المماليك المتنافسين، وساد الظلم والجور، وانحدر الوضع الاقتصادي إلى أسوأ درجاته، وانخفضت سيطرة الدولة المركزية إلى أن أصبحت سيطرة شكلية كل ما فيها إرسال مبلغ جزية مالي سنوي إلى السلطان وإرسال أموال مخصصة للحرمين الشريفين، و هذه الأموال كانت تقطع في بعض الأحيان.
ظهرت في الشام ومصر طلائع الحركات الاستقلالية عن الدولة العثمانية قبل ذلك العصر، وتجلت في ولاة و أمراء وزعماء طموحين في الشام ومصر من أمثال المعني في لبنان، والشيخ ظاهر العمر في فلسطين، وعلي بك الكبير في مصر، والتحالف بين الأخيرين كاد أن يشكل خطراً محققاً على الدولة المركزية حين تمكن الأمير المملوكي علي بك مدعوماً بمساعدات عسكرية روسية (كانت روسية آنذاك في حرب مع الدولة العثمانية) ومتحالفاً مع ظاهر العمر، من احتلال دمشق وفلسطين، وكاد يستولي على ما تبقى من بلاد الشام لولا أن الدولة العثمانية اشترت واحداً من رجاله وهو محمد أبو الذهب، وهكذا انتهت حركة علي بك، وتولى أبو الذهب منصبه متحولاً إلى الشخصية الأقوى في مصر مع وجود وال عثماني ضعيف لا صلاحيات له، ومات أبو الذهب بعد مدة قصيرة تاركاً مصر تحت رحمة أميرين مملوكيين ذاقت الأمرين من بغيهما وصراعاتهما التي لا تنتهي، وهذان الأميران هما إبراهيم ومراد، وقدر لمصر أن تواجه الحملة الفرنسية وهي تحت هذه القيادة المنقسمة غير الكفؤة وغير المسؤولة، والتي لا تعرف معنى لغير مصالحها الأنانية و لذائذها المنحطة. لقد كانت هذه هي نقطة الانحدار العظمى التي وصلت إليها الدولة الإسلامية، وكانت مصر والعالم الإسلامي كله معها على تخوم عهد جديد هو عهد الاستعمار (كان هذا العهد قد بدأ بالفعل في مناطق أخرى على أطراف العالم الإسلامي متمثلاً في احتلال إسبانيا لبعض المدن الساحلية المغربية، واحتلال بريطانيا وهولندا وفرنسا والبرتغال لبلاد إسلامية في شرق آسيا)

ظهور دور عمر مكرم:

ولد عمر مكرم نحو عام1750 (التاريخ تقريبي إذ تاريخ الميلاد كان في معظم الحالات كما هو معلوم لا يهتم به في بلادنا) وكانت ولادته في مدينة أسيوط من أسرة تنتسب إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ومن هنا جاء لقب “السيد” الذي يسبق اسمه غالباً في المراجع. وقد تلقى عمر العلم على علماء عصره، ودرس في الأزهر، و إن كان على علمه واطلاعه الواسع الذي يشهد عليه مكتبته الكبيرة لم يشتغل في التدريس أو التأليف و إنما عمل في الشؤون العامة وكسب العيش من عمل ناظر الأوقاف الذي كان يقوم به.وابتدأت حياة عمر مكرم السياسية كما تذكر المصادر بوساطة قام بها بين أميرين مملوكيين متمردين في الصعيد هما إبراهيم ومراد وبين والي القاهرة وبقية المتنفذين فيها، فقد نجحت الوساطة وعاد الأميران إلى القاهرة ليتحولا إلى أقوى قوة فيها، وليقوما بتعيين عمر مكرم حين توفي نقيب الأشراف في مكانه، وبهذا أصبح عمر عضواً في الديوان الذي ذكرناه سابقاً، وتحول بفضل مواهبه ومبدئيته ونزاهته المعروفة معاً إلى شخصية عامة فاعلة قوية النفوذ، ومصدر نفوذه الأساسي كان محبة جماهير العامة له.
وقد تجلى هذا النفوذ في ثورة العامة عام 1795 على جور المماليك. والسبب المباشر لهذه الثورة كان فرض ضرائب تعسفية على إحدى القرى في الشرقية، فقام أحد أكبر مشايخ الأزهر وهو عبد الله الشرقاوي، وكانت له في هذه القرية أرض، بجمع المشايخ و إغلاق أبواب الجامع الأزهر والمناداة بإغلاق الدكاكين، وكانت هذه هي الشرارة التي أضرمت النار إذ كانت النفوس تغلي بسبب ما كان يرتكبه المماليك من مظالم وتعديات يومية على الناس، فاحتشدت العامة وركب المشايخ في أولهم فقابلهم مندوب عن الأمير إبراهيم، وسألهم عن ما يريدون فقالوا كما يذكر الجبرتي في تاريخه: “نريد العدل ورفع الظلم والجور وإقامة الشرع و إبطال الحوادث والمكوسات التي ابتدعتموها وأحدثتموها، فقال: لا يمكن الإجابة إلى هذا كله، فإننا إن فعلنا ذلك ضاقت علينا المعايش والنفقات، فقيل له هذا ليس بعذر عند الله ولا عند الناس، وما الباعث على الإكثار من النفقات وشراء المماليك؟ و الأمير يكون أميراً بالإعطاء لا بالأخذ”
ونلاحظ في هذه المطالب أن العامة سلمت قيادتها إلى العلماء بصورة طبيعية علماً أنه كانت هناك كما رأينا في الدولة العثمانية أشكال تنظيمية لممارسي الحرف و أنواع التجارة فلكل حرفة نقابة لها “شيخ كار” ، على أن العامة كانت في الملمات تتجمع تحت قيادة العلماء، وفي القاهرة كان المركز الأساسي لهؤلاء هو الأزهر كما هو معلوم.
وحين تلكأ الأمراء المماليك في الاستجابة لهذه المطالب ازداد هياج العامة، وتقاطروا على القاهرة من الضواحي والقرى المجاورة لها مما جعل الأمراء يحنون الرأس للعاصفة ويجتمعون مع المشايخ ومنهم عمر مكرم، ويظهرون التوبة وقبول ما أراده العلماء منهم، مثل الإقلاع عن الظلم والنهب واحتكار الأغذية والقوت، و إرسال غلة الأوقاف المرصودة للحرمين الشريفين إلى الحجاز وكان المماليك قد حبسوها ولم يرسلوها.

عمر مكرم والحملة الفرنسية على مصر:

في أول يوليو عام 1798 وصل الفرنسيون إلى الإسكندرية فووجهوا بمقاومة من الحامية والناس هناك الذين أرسلوا يستنجدون بالمماليك في القاهرة. ولم يأخذ الفرنسيون الإسكندرية بسهولة، إذ أن عامة الشعب حصنت الأسوار و أعدت ما استطاعت من أسلحة كانت طبعاً لا تقارن بالأسلحة الثقيلة لجيش نابليون بونابرت(بالمناسبة تذكر المصادر أن جيش نابليون كان متفوقاً حتى في العدد على القوى العسكرية النظامية الموجودة في مصر آنذاك ناهيك بتفوقه في العدة) وشارك الجميع في القتال رجالاً ونساء وكل من كان في المدينة أو حولها، بل كاد نابليون يلقى مصرعه في بداية مغامرته هذه حين نجا بأعجوبة من رصاصة جاءته من نافذة منزل اقتحمه الفرنسيون بعدها فلم يجدوا فيه غير رجل وامرأة فقتلوهما فوراً، وفي هذه المعركة قتل الجنرال ماس وخمسة ضباط آخرون، وأصيب خليفتا نابليون اللذان سيحكمان مصر بعده خلال فترة الحملة الفرنسية، وهما الجنرالان كليبر و مينو في المعركة، وبعد أن خسر الفرنسيون خسائر اعترف نابليون منها بثلاثمائة قتيل وجريح تمكن الفرنسيون من الاستيلاء على الإسكندرية.
وفي القاهرة عقد اجتماع كبير ضم أمراء المماليك ونقيب الأشراف السيد عمر مكرم ومشايخ الأزهر كباراً وصغاراً وأعيان البلد والوالي العثماني الضعيف.
و أظهر المماليك قدراً كبيراً من سوء تقدير الخطر الداهم، ولم يمنعهم هذا العدو الغازي من متابعة ما كانوا فيه من سوء ظن ببعضهم، بحيث عجز الأميران إبراهيم ومراد عن التنسيق العسكري بين قواتهما، وقد بدأت الحملة بالهجوم على قوات مراد في الدلتا فهزمتها، وانسحب مراد إلى القاهرة وكانت هذه هي اللحظة التي تحول فيها عمر مكرم إلى الزعيم الأول في القاهرة.
لا شك أن عمر مكرم قد استفاد من منصبه ونسبه وما يضفيه عليه من جلالة واحترام، ولكن هذه كلها لا تكفي لتصنع الزعيم، وسنرى بعد قليل في مثال “شريف” آخر هو خليل البكري كيف لا يكفي النسب لا ليكون المرء زعيماً ولا ليحظى باحترام الناس.
حين علم عمر مكرم بأن الفرنسيين لا بد قادمون إلى القاهرة صعد إلى القلعة و أنزل منها علماً كبيراً عرف بالبيرق النبوي، ورفعه ومشى به إلى بولاق، فتجمعت الناس حوله بالألوف، وحملوا ما وجدوه من أسلحة، وجمعت طوائف الحرفيين الأموال من أفرادها واشترت أسلحة وذخائر، ولم يبخل الأغنياء بأموالهم وذهب جميع من يستطيع القتال إلى بولاق بحيث لم يبق في القاهرة إلا النساء والأطفال والكهول.
وظل المماليك على انقسامهم فعسكر مراد بك في إمبابة ومعه ألوف المتطوعين من عامة القاهرة وفلاحي القرى، على حين عسكر إبراهيم بك في بولاق ومعه الوالي بكر باشا.
إن المماليك على ظلمهم وسوء سياستهم كانوا بلا شك فرساناً شجعاناً، وقد حمل مراد الذي كان في مقدمة من واجه الفرنسيين بفرسانه على جيش نابليون فأرعبهم، ولكن هؤلاء استعانوا بالمدفعية التي لم تستطع الشجاعة أن تقف في وجهها، فخسر المماليك ألفي قتيل، وخسر المتطوعون خمسة آلاف قتيل، وزعم نابليون أن خسائر الفرنسيين كانت ثلاثمائة قتيل.
وحين انكسر جيش مراد بك والمتطوعون في إمبابة انسحب إبراهيم بك بجيشه من القاهرة دون أن يحاول القتال، وتوجه إلى بلبيس، وغادر المشايخ الكبار أيضاً القاهرة ومعهم عمر مكرم، وهكذا دخل الفرنسيون القاهرة بعد أن أرسل من تبقى في القاهرة من مشايخ صغار وتجار وغيرهم وفداً إلى نابليون يطلبون منه الأمان للسكان، فأعطاهم منشوراً وطلب منهم أن يرسلوا للمشايخ الكبار ليعودوا.
وبالفعل عاد الشيخ الشرقاوي والشيخ السادات وكثير غيرهم، ورفض عمر مكرم العودة فهاجم نابليون بلبيس بجيشه حيث كان عمر مكرم و إبراهيم بك وقواته، وبعد معركة أبلى فيها المماليك بلاءً حسناً مرةً أخرى اضطروا للانسحاب أمام سلاح المدفعية الفرنسي، وغادر كل من عمر مكرم و إبراهيم بك مصر إلى غزة.
أما في القاهرة فقد قام نابليون بتشكيل ديوان يضم تسعة أعضاء منهم المشايخ السادات والشرقاوي وعمر مكرم أيضاً كان من جملة الأسماء التي سماها نابليون لعضوية الديوان آملاً أن يغريه المنصب ويعود ويتخلى عن مقاومته للاحتلال، ولكن هذا رفض كل تعاون مع الفرنسيين كما رأينا، وكذلك رفض الشيخ السادات عضوية الديوان فعين عضو آخر في مكانه.
وحين وجد نابليون أن عمر لم يتعاون معه عزله عن منصب نقيب الأشراف وصادر أمواله، وعين الشيخ خليل البكري مكانه، وكان هذا مثالاً سيئاً للانتهازي الأناني كما تذكر المصادر الذي لا يقيم حتى لكرامته الشخصية وزناً، إذ غمر نابليون بهداياه، ورضي لنفسه بعلاقة شائنة مع الفرنسيين وصلت إلى حد أثار عليه سخط الشعب المصري واحتقاره.
تركزت المقاومة للفرنسيين في الصعيد، وساهم فيها المماليك والفلاحون والبدو، وقوة من المفيد أن نذكرها فقد لا يتوقع القارئ وجودها ألا وهي قوة المتطوعين من الحجاز ويسميهم الفرنسيون “المكاويون” نسبة إلى مكة، ويذكرهم الجبرتي في تاريخه: “لما وردت أخبار الفرنسيس إلى الحجاز و أنهم ملكوا الديار المصرية انزعج أهل الحجاز لذلك وضجوا بالحرم، وصار هذا الشيخ (وهو شيخ مكي اسمه الكيلاني.م) يعظ الناس ويدعوهم إلى الجهاد، ويحضهم على نصرة الحق والدين، وقرأ بالحرم كتاباً مؤلفاً في معنى ذلك فاتعظ جملة من الناس، وبذلوا أموالهم وأنفسهم، واجتمع نحو الستمائة من المجاهدين، وركبوا البحر إلى القصير مع ما انضم إليهم من أهل ينبع وخلافهم”
وهؤلاء كانوا من المحاربين الأشداء الشجعان الذين أشاد بهم الجبرتي.
وممن ساهم في القتال ضد الفرنسيين جملة من المغاربة والأتراك، ومجاهد جاء من ليبيا ولقب نفسه بالمهدي وكان في مجموعة من رجال القبائل قاتل بهم الفرنسيين وانتصر عليهم في دمنهور التي أبيدت حاميتها الفرنسية، ثم هزمت النجدة التي أرسلها الفرنسيون وكانت مزودة بأسلحة ثقيلة، ولعل هذه المشاركات العربية الإسلامية المهمة في مقاومة الفرنسيين مما يغفل ذكره عادة.
وليس دائماً يكون السبب بريئاً في اعتقادي إذ كان من المؤرخين للحملة الفرنسية لاحقاً بعض من كانوا يرفعون شعار القومية المصرية، ويجتهدون في عزل مصر عن سياقها الديني والحضاري و اللغوي.
بعد هذا تشجعت الدولة العثمانية وقررت مواجهة الفرنسيين عسكرياً، بعد أن تدخل الإنجليز وحطموا الأسطول الفرنسي في أبي قير عازلين الحملة الفرنسية عن وطنها.
وثارت القاهرة ثورتها الأولى على الفرنسيين عام 1798 وكان عمر مكرم منفياً في يافا، وكانت ثورة عنيفة اهتز لها نابليون وصار يخشى من اقتراب الجيوش العثمانية التي كانت تتجهز في الشام للزحف على مصر، حيث سيقع بين نارين نار الشعب ونار العثمانيين، فقرر مهاجمة الشام واحتل المدن الساحلية في سيناء ثم غزة والرملة واللد ووصل إلى يافا فأخمد مقاومتها بعنف بالغ، ثم أمر بإعدام الأسرى، وبرر الفرنسيون هذا الإجراء الوحشي بأنهم لم يكونوا يستطيعون إطعام هؤلاء ولا إرسالهم إلى مصر!
أما عمر مكرم الذي كان في يافا فقد قبض عليه، و وجدها نابليون فرصة في التقرب من الشعب المصري فأعاده إلى مصر في سفينة إلى دمياط حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية مدة ثلاثة أشهر، ثم عاد إلى القاهرة فاستقبله الشعب استقبالاً حافلاً، وكان نابليون يأمل أن يتعاون معه عمر فلم يفعل، واعتكف في داره ولم يشهد أياً من المحافل والاحتفالات والأعياد التي كان يشارك فيها الفرنسيون.
وفي أغسطس من عام 1799 غادر نابليون مصر سراً فخلفه كليبر في قيادة الحملة.
كان كليبر لا يؤمن بنجاح الحملة فقرر التفاوض مع العثمانيين للانسحاب من مصر، وبالفعل وقع مع العثمانيين اتفاق العريش مطلع عام 1800، الذي نص على انسحاب الفرنسيين خلال ثلاثة أشهر من مصر على أن يسمح لهم بالمغادرة بكامل أسلحتهم، وبضمان ألا يتعرض لهم أحد في الطريق إلى فرنسا، وقد ابتهج المصريون بهذه الاتفاقية وتبرعوا من أموالهم بكل سرور بالمبلغ الذي طلبته منهم السلطات العثمانية لتمويل رحلة عودة الفرنسيين إلى بلادهم، ولكن الإنجليز عارضوا الاتفاقية وقالوا إنهم لا يوافقون على خروج الفرنسيين إلا بعد أن يسلموا أنفسهم كأسرى حرب، عندها تراجع كليبر عن الاتفاق وهاجم الجيش العثماني الذي كان يتأهب لدخول القاهرة فهزمه في عين شمس، إلا أن فرقتين من الجيش العثماني لم تدخلا في القتال واتجهتا نحو القاهرة بقيادة الوالي العثماني الجديد على مصر نصوح باشا.
وكانت هذه هي النقطة التي بدأت منها ثورة القاهرة الثانية، لأن الشعب المصري انتهز فرصة انشغال الجيش الفرنسي ولبى نداء عمر مكرم الذي خرج من اعتكافه، ونادى بالثورة فاقتحم الشعب المعسكرات الفرنسية واستولوا على ما فيها من أسلحة، وتجمهرت العامة في الشوارع وبيدها كل ما وجدته من سلاح من البنادق إلى السكاكين والعصي. وهكذا أقيمت المتاريس، ووقف عليها كل سكان القاهرة لم يكد يتخلف منهم أحد، ووقف مع العامة بعض أمراء المماليك وجنود وضباط العثمانيين من الفرقتين اللتين ذكرنا أنهما تركتا المعركة واتجهتا إلى القاهرة .
وحررت القاهرة عمليا،ً ولكن الجيش الفرنسي كان ما يزال بقوته على الأبواب.
و أول ما فعله كليبر بعد أن انتهى من العثمانيين كان فرض الحصار على القاهرة فتوقف إمدادها بالمواد الغذائية من الريف، وحتى نهر النيل ما عادوا يستطيعون الوصول إليه فاعتمدوا على الآبار، وكان موقف المشايخ مثل الشيخ السادات والشيخ الصاوي، وموقف العثمانيين والمماليك أيضاً موقفاً مشرفاً، وكان عمر مكرم مع المشايخ يطوف على المتاريس ويتجول في قلب المعارك الخطرة.
ومن الطريف أن العامة كانوا في غاية “التطرف” بحيث أنه حين طلب كليبر وفداً من المشايخ للصلح عارضاً عليهم شروطاً منها خروج العثمانيين والعفو عن المصريين وتأمينهم على حياتهم، وجاء وفد المشايخ وذكر هذه العروض للناس، كان ردهم بأن شتموهم ورموا عمائمهم على الأرض واتهموهم بالارتداد وأن الفرنسيين رشوهم بالدراهم!
ومن المحتمل أن العامل الذي ساعد على رفض الشعب لأي مفاوضة تقود إلى إنهاء الثورة وبقاء الاحتلال الفرنسي هو علاوة على كراهيته الشديدة للاحتلال شعوره بالثقة بالنفس وتقديره أن الفرنسيين في موقف ضعيف، خصوصاً مع انتشار الشائعات بقدوم جيش عثماني جرار هو في طريقه إليه.
ولكن هذا التقدير لتوازن القوى كان غير صائب، إذ هاجم الفرنسيون ضاحية بولاق بالمدفعية وأحرقوها، وانتقموا من سكانها الذين كانوا قد وقفوا في وجه المدافع بشجاعة خارقة فقتلوا منهم عدداً كبيراً في مجزرة وحشية جعلت زعماء الثورة في القاهرة يفاوضون كليبر، ويبرمون معه اتفاقاً نص على انسحاب العثمانيين والمماليك من القاهرة وجلائهم عن مصر كلها، وهذا ما جرى بالفعل وخرج مع العثمانيين عمر مكرم إلى الصالحية في الطريق إلى الشام.
واحد من مؤرخي حياة عمر مكرم وهو الدكتور عبد العزيز محمد الشناوي في كتابه “عمر مكرم بطل المقاومة الشعبية” يعلل خروج عمر مكرم بأنه كان حتى ذلك الوقت “يربط كيانه السياسي ومستقبله بدعامتي الحكم العثماني اللتين تتمثلان وقت ذاك في الوالي والأمراء والمماليك”
وهو يقارن بين موقف مكرم الذي خرج من القاهرة، وموقف الشيخ السادات الذي بقي فيها محتملاً الاضطهاد والاعتقال والتعذيب. يقول الشناوي: “حقيقة أن عمر مكرم لم يكن رجل حرب وحقيقة أنه لم تكن لديه الوسائل أو الإمكانيات كي يمنع عن الشعب انتقام الفرنسيين، وحقيقة أن الأوضاع السياسية في مصر كانت واحدة عند هجرته من مصر أول مرة وعند ارتحاله عنها في المرة الثانية، ولكن كان الفرنسيون في المرة الأولى يوادون المصريين رياء ونفاقاً، وكانوا في المرة الثانية يحادون المصريين جهاراً واستكباراً، ولا ريب أن بواعث هجرة عمر مكرم مع القوات العثمانية والمملوكية كانت هي نفس الأسباب التي حملته على الهجرة الأولى، لكن يضاف إليها في ضوء ملابسات الموقف أن عمر مكرم أراد في هجرته الثانية أن ينأى بنفسه عن انتقام الفرنسيين منه. ومن واجب الزعيم أن يقف إلى جانب الشعب في وقت المحن والشدائد و أن يشاركه آلامه و أتراحه … ولا ينفي هذا المأخذ أن حياته جاءت حافلة بصدقه الثوري مليئة بالشجاعة والنزاهة زاخرة بالنضال” (ص84)
والمقارنة مع السادات جديرة بالتأمل في اعتقادي، فهذا الشيخ وقف موقفاً مبدئياً صارماً، وتحمل اضطهاد الفرنسيين، فشابه مكرم في مبدئيته وزاد عليه بأنه لم يتصور على ما يبدو إمكانية العيش في المنفى. ولكن من جهة أخرى سنرى لاحقاً أن السادات الذي كان في غاية المبدئية في وجه الأجانب كان في غاية الانتهازية مع الحاكم المحلي الذي هو محمد علي، بخلاف عمر مكرم الذي مثل الشعب حقاً وفعلاً، وصمد صموداً أسطورياً في وجه إغراءات الفساد و إرهاب الطغيان حتى النهاية.

عمر مكرم بعد انتهاء الحملة الفرنسية:

قتل الجنرال كليبر على يد السوري سليمان الحلبي فاستلم القيادة من بعده الجنرال مينو الذي اضطر أخيراً، بعد أن تابع السياسة المتعسفة التي اتبعها أسلافه، إلى توقيع اتفاقية جلاء في يونيو 1801 تحت ضغط عسكري مزدوج إنجليزي عثماني.
وعاد عمر مكرم إلى القاهرة مع عودة السلطة العثمانية، وأعاده العثمانيون إلى منصب نقيب الأشراف (واستقر بهذا المنصب بعد أن أحبط المصريون محاولة للاستيلاء عليه من قبل نصاب تركي الجنسية). وهنا تبدأ في اعتقادي زعامته الشعبية الفذة كما تجلت في تمثيله للشعب في وجه القوة المتسلطة الداخلية وليس الاحتلال الأجنبي.
بعد انسحاب الفرنسيين دخلت مصر من جديد في فوضى، إذ انعدمت السلطة المركزية الحازمة، ووقع الشعب بين نيران الفرق العثمانية المختلفة والمملوكية المتطاحنة، ومن هذه الفرق نذكر الفرقة الألبانية التي كان أحد ضباطها رجلاً أمياً طموحاً داهية واسع المواهب اسمه محمد علي.
بعد تبديل متكرر للولاة العثمانيين استلم الولاية في شهر مارس 1804 أحمد خورشيد باشا الذي جلب إلى مصر جنوداً قساة من الجنسية الكردية اسمهم الدلاة أو الدلاتية كانوا يعيثون فساداً في البلد، وقد جلبهم محاولاً الاستعانة بهم للتخلص من محمد علي والألبان.
وقد عجز خورشيد عن دفع رواتب الجنود فلجأ إلى فرض الضرائب الباهظة على الشعب، و أسرف الدلاتية في جرائمهم وتعدياتهم الوحشية حين تأخرت رواتبهم، بحيث طفح الكيل بالناس ووقف المشايخ الوقفة المرتجاة منهم بصفتهم ممثلين لمصالح الشعب وقادة له، فحرضوا الرأي العام على إغلاق الحوانيت والمخازن والأسواق، وتجمهرت الناس في حي الأزهر وطلبوا من المشايخ أن يعطوهم الأمر بالزحف على مصر القديمة حيث مراكز الدلاتية، وحين أرسل خورشيد جماعة من العسكر تتفاوض مع المشايخ رمتهم الناس بالحجارة من أسطح المنازل ولم يستطيعوا الوصول إلى الأزهر فرجعوا إلى خورشيد، واستمرت المفاوضات بعد ذلك واستمر التجار في إغلاق الدكاكين محتجين على ما كان يثقل كاهلهم من الضرائب التعسفية، وباختصار اتحدت عامة القاهرة بجميع شرائحها مقررة أن تزيل المظالم بعد أن لم تعد تستطيع أن تحتملها، وفي هذه الأزمة تحول عمر مكرم إلى الزعيم الأول للعامة وصار هو صاحب الكلمة بالتشاور مع المشايخ.
وفي مايو 1805 قدم المشايخ برئاسة مكرم مطالبهم للوالي معتبرين هذه المطالب شروطاً إن لم يحققها لن يعترفوا بشرعيته كوال لمصر، ومن هذه المطالب:
1-عدم مرابطة القوات العسكرية في القاهرة ونقلها إلى الجيزة.
2-منع الجنود من الدخول بأسلحتهم إلى القاهرة.
3-عدم فرض أي ضريبة إلا بموافقة المشايخ.
ودبر خورشيد مؤامرة لقتل عمر مكرم لم تنجح.
ورأى عمر مكرم أن الأوان قد آن لإزاحة الوالي بالقوة من مركزه، وكان محمد علي يظهر لمكرم والزعماء تعاطفه معهم، وكراهيته لخورشيد ومظالمه، فقرر عمر مكرم والمشايخ أن يولوا محمد علي بدلاً من خورشيد ويصف الجبرتي هذه الحادثة: “وركب الجميع وذهبوا إلى محمد علي وقالوا له إنا لا نريد هذا الباشا حاكماً علينا ولا بد من عزله من الولاية. فقال: ومن تريدونه يكون والياً؟ قالوا له: لا نرضى إلا بك فتكون والياً علينا بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير”
كان عمر مكرم هو صاحب الاقتراح بتولية محمد علي، وكانت هذه نقطة تاريخية حاسمة، إذ لأول مرة في تاريخ مصر يولى الوالي بقوة الشعب وليس بقوة السلطة العثمانية أو بقوة المماليك، ونلاحظ أن عمر مكرم ساير التقاليد التي كانت سائدة حتى ذلك الوقت وهي تولية شخصيات عثمانية من خارج مصر، وكان الوالي عملياً يتم فرضه سابقاً على السلطان الذي كان يصدر الفرمان بتعيينه، ولكن الذي كان يفرضه هو زعماء المماليك، ومن هنا كانت تولية محمد علي استمراراً ظاهرياً لتقاليد سابقة وقطيعة فعلية معها. وتولية محمد علي على أساس شروط شعبية كانت واقعة لا سابقة لها، إذ لأول مرة تنصب العامة بأيديها والياً بناء على برنامج سياسي واضح يهدف إلى تغيير الوضع الفاسد في جهاز الحكم في مصر.
ورفض خورشيد القرار متمسكاً بالقول أنه هو الذي ولاه السلطان، ولن يترك منصبه إلا بأمر السلطان، واستعان خورشيد بالقوات العسكرية العثمانية وبجزء من القوات الألبانية التي كانت تحت إمرة ضباط منافسين لمحمد علي، وبالدالاتية، وبدأ في مراسلة أمراء المماليك أيضاً.
ولا شك أن هذه القوة مجتمعة كانت تستطيع أن تهزم قوات محمد علي بسهولة لولا وجود هذه القوة الجبارة الجديدة التي يقودها عمر مكرم ومشايخ الأزهر، ألا وهي قوة عامة القاهرة الذين نصبوا المتاريس وسهروا الليالي يحرسون ويتحركون من جهة إلى جهة، حتى أن القنصل الفرنسي العام دروفيتي قال إن هذه المناظر ذكرته بباريس بأيام الثورة الفرنسية!
ومن الجدير بالذكر أن هذا الصراع لم يكن صراعاً من النوع القومي، وكان العامة وقيادتهم معاً لا ينتابهم أي شك في ضرورة استمرار مصر كولاية عثمانية تخضع للخلافة العثمانية في استنبول، وإنما المسألة هي مسألة خلاف داخلي مع جهاز الحكم الفاسد في مصر، ومن الأمور ذات الدلالة أن العالم التركي الذي كان يتولى منصب القضاء في مصر رفض رفضاً باتاً مناصرة خورشيد، وأقدم على قطع العلاقات معه واقفاً مع إرادة الأكثرية التي رآها بأم عينه. ومن المفيد لمعرفة نوعية الوعي التي كانت تسير قيادة العامة والعامة نفسها أن نذكر رد السيد عمر مكرم على واحد من أنصار خورشيد جاء يتفاوض معه وهو عمر بك الألباني، فقد سأله هذا: كيف تعزلون من ولاه السلطان عليكم وقد قال الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم” فقال له السيد عمر مكرم: “أولوا الأمر هم العلماء وحملة الشريعة والسلطان العادل وهذا رجل ظالم، وجرت العادة من قديم الزمان أن أهل البلاد يعزلون الولاة، وهذا شيء من زمان حتى الخليفة والسلطان إذا سار فيهم بالجور فإنهم يعزلونه ويخلعونه”
وفي اعتقادي إن هذا المستوى من الوعي الذي وصلته العامة وقادتها في ذلك الوقت كان يمثل لبنة أساسية من لبنات الروح النهضوية الإسلامية الجديدة، وانبلاج نور فجر جديد بعد ليل السبات الذي دام بضعة قرون انقضت في جور وفساد وتدهور للحالة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية في مصر، بحيث يذكر المؤرخون ومنهم عبد الرحمن الرافعي أن مصر في العهد العثماني سارت خطوة إلى الوراء قياساً إلى وضعها في عهد الدولة المملوكية المستقلة قبل مجيء العثمانيين.
وكان عمر مكرم في هذه الأيام في نشاط لا يهدأ يزور المواقع ويحمس العامة الذين كان لهم في الحقيقة الدور الحاسم في إسقاط خورشيد، لأن جنود محمد علي الألبان لم يكونوا متحمسين للقتال ضد جنود خورشيد إذ كان جنود الأخير معظمهم من الألبان أيضاً، بل إن جنود محمد علي انسحبوا من مواقعهم حين لم يستطع أن يدفع لهم رواتبهم فقام العامة بأخذ مواقعهم، وليتهم اكتفوا بالانسحاب بل إنهم بدؤوا بمهاجمة المنازل واستباحتها مستغلين خلوها من الحماة الذين كانوا في المعركة، فعادت بعض فرق العامة المكونة من رجال أشداء واشتهر منهم شيخ الخضرية في القاهرة حجاج الخضري ،واشتبكت مع هؤلاء وكانت حصيلة هذه المعارك الخلفية قتل ستين جندياً ألبانياً فذهب محمد علي إلى عمر مكرم يرجوه أن يكف الناس عن جنوده، وتعهد بضرب عنق أي جندي يعتدي على الناس فأرسل مكرم المنادين في شوارع القاهرة: “حسبما رسم السيد عمر أفندي والعلماء لجميع الرعايا بأن يأخذوا حذرهم وأسلحتهم ويحترسوا في أماكنهم و أخطاطهم و إذا تعرض لهم عسكري بأذية قابلوه بمثلها و إلا فلا يتعرضوا له”
وذكر فرنسيون شهدوا الأحداث عن كثب أن من شارك في تلك الهبة من السكان كانوا أربعين ألفاً يطيعون السيد عمر مكرم طاعة عمياء وينفذون أوامره بحذافيرها.
ومن مظاهر العبقرية السياسية لعمر مكرم تعامله بمنتهى المهارة والدبلوماسية مع حركة قام بها السلطان العثماني أثناء هذه المعركة، وهي أنه أرسل مندوباً معه مرسومان متناقضان: واحداً بتثبيت خورشيد والياً و إخراج محمد علي من مصر، و آخر بتثبيت محمد علي والياً وعزل خورشيد! وكلف المندوب بأن يقدر على أرض الواقع من هو الأقوى ويظهر المرسوم المناسب! وهنا قرر عمر مكرم العمل على جلب المندوب إليه و إبقائه في وسط الجموع الحاشدة في القاهرة لئلا يذهب أولاً إلى خورشيد، ونظم للمندوب استقبالاً حافلاً بحيث جعل شعب القاهرة بكامله يخرج لاستقباله والترحيب به، وحوصر خورشيد حصاراً محكماً بحيث لا يستطيع الخروج، بينما قاد “المرحبون” الضيف إلى بيت محمد علي، حيث كان عمر مكرم والمشايخ مجتمعين، فلم يجد المندوب بداً من إخراج المرسوم القاضي بعزل خورشيد وتثبيت محمد علي، وكان هذا ضربة قاضية لشرعية خورشيد.
وبإعلان مرسوم تثبيت محمد علي اقترح شيخ الأزهر عبد الله الشرقاوي والشيخ محمد الأمير، ومشايخ آخرون أن يلقي الشعب السلاح، وتفتح الأسواق، وتستأنف الحياة العادية، وأيد محمد علي هذا الاقتراح ولكن عمر مكرم وقف ضده، لأن خورشيد ما زال معتصماً بالقلعة ورافضاً لتنفيذ المرسوم، وكان ما يزال متصلاً مع قوى عسكرية مهمة ممثلة في المماليك وجيش علي السلحدار في مصر القديمة والجيزة علاوة على قواته في القلعة، وكان من الممكن لو ألقى الشعب سلاحه أن يعود فينقض على السلطة دافعاً السلطان إلى إعادة تنصيبه من جديد، ومن المفيد أن نلاحظ في هذه اللحظة التاريخية أن عامة القاهرة هي التي ناصرت رأي عمر مكرم، إذ أن بعض المشايخ نادوا في المدينة بالأمان واستئناف البيع والشراء وترك حمل الأسلحة في النهار والاقتصار على حملها في الليل، فرفض العامة هذا النداء إلا قلة منهم استجابت لنداء المشايخ ففتحوا المحلات ورموا الأسلحة فما كان من الجنود إلا أن عاودوا اعتداءاتهم! وحين ذهب المعتدى عليهم إلى السيد عمر يشتكون طلب منهم الذهاب إلى الشيخين الشرقاوي والأمير فهما صاحبا الرأي بترك السلاح!.
وأخيراً أرسل السلطان حملة إلى مصر تتألف من ألفين وخمسمائة جندي نزلت في الإسكندرية ومعها مرسوم بتثبيت محمد علي “حيث ارتضاه الكافة والعلماء”، ومرسوم آخر يطلب من خورشيد النزول من القلعة والذهاب إلى الإسكندرية.
وفي هذا الوضع الدقيق بادر عمر مكرم فعرض على خورشيد أن ينزل إلى داره ويحميه هو من غضب العامة حتى يذهب إلى الإسكندرية، وطلب عمر مكرم في الوقت نفسه من الشعب الاستمرار في الحذر “لأن القوم لا أمان لهم”
وأخيراً نزل خورشيد بالفعل في دار عمر مكرم، ثم غادر مصر إلى غير رجعة واستلم محمد علي الولاية التي كانت في بدايتها مبنية على ميثاق من الشروط التي ذكرناها، والتي تحد من سلطته وتفرض عليه العدل وعدم فرض ضرائب إلا باستشارة العلماء. وسنرى بعد قليل كيف تخلص محمد علي من الزعامة الشعبية ليحكم مصر حكماً استبدادياً مطلقاً.
وقد كان لعمر مكرم مع زعماء الأزهر ومن خلفهم وتحت قيادتهم جماهير العامة الدور الجوهري في تثبيت محمد علي في حكم مصر، سواء ضد قوة المماليك التي كانت قادرة على إزاحته لولا هذا الدور الجوهري للشعب المنظم المسلح ذي القيادة الواعية التي كانت لحد ذلك الوقت متحدة الصفوف،أم ضد محاولات العثمانيين في نقل محمد علي من ولاية مصر إلى سالونيك وتعيين وال آخر بدلاً منه في مصر.

“وليت العامة شُكِروا!”: عمر مكرم والشعب يوجهان أول هزيمة في تاريخ مصر لبريطانيا العظمى:

وجهت بريطانيا حملة عسكرية لمصر في مارس عام 1807 بقيادة الميجر جنرال ماكنزي فريزر انطلقت من صقلية، وضمت علاوة على الجنود الإنجليز مرتزقة إيطاليين ومهاجرين فرنسيين معادين للثورة الفرنسية، وكان الهدف الأولي للحملة احتلال الإسكندرية.
ويذكر المؤرخون لهذه الحملة أهدافاً منها الحيلولة دون عودة فرنسا إلى مصر، ومنها إنشاء حكومة مصرية عميلة لها، ومنها الضغط على السلطة العثمانية لجعلها تتخلى عن التحالف مع فرنسا ضدها.
وقد حمل أهل الإسكندرية السلاح في وجه الغزاة، ولكن الإنجليز رشوا الحاكم التركي أمين آغا فسلم البلد ودخلتها الحملة في 20 مارس عام 1807.
وفي المحطة التالية وصل الإنجليز إلى دمنهور فقررت حاميتها الفرار على نفس طريقة حامية الإسكندرية، وناشدهم السكان عدم الفرار فلم يسمعوهم، وهربوا ليلاً بقيادة الحاكم (الذي كان برتبة “كاشف” وهو حاكم الإقليم الذي يقل مساحة عن المديرية) بل أخذ الكاشف جميع أسلحة الحامية ومدافعها وذخائرها مانعاً بهذا السكان من استخدامها فلا هو دافع ولا ساعد السكان على الدفاع!
أرسل سكان دمنهور رسالة استغاثة للزعيم عمر مكرم شرحوا فيها له ما جرى وطلبوا منه الإغاثة، فعقد مكرم اجتماعات مع كبار المشايخ ومع نائب محمد علي، لأن الأخير كان يحارب المماليك في الصعيد، و أرسلوا له رسالة طلبوا منه فيها العودة لهذا الأمر الأهم والأولى.
ولكن محمد علي خاف خوفاً شديداً، وتباطأ في العودة إلى القاهرة ظاناً أن البريطانيين لن يوقفهم شيء حتى يستولوا على القاهرة، وعندها يفر بجنوده إلى الشرق ويستطيع أن يقدم عذراً للباب العالي أنه لم يكن في القاهرة حين دخلها البريطانيون فلم يشتبك معهم.
على أن عمر مكرم كعادته قرر أن يعتمد على أهل القاهرة، فأمر بتعطيل الدراسة في الأزهر كي يتفرغ المشايخ والطلاب المجاورون للجهاد، وطلب من الناس أن تحمل السلاح وتستعد للقتال.
وكان في القاهرة جنود عثمانيون وضباط أكثرهم باعوا ما عندهم واشتروا ذهباً و لوازم ارتحال ناوين الفرار، أما الأقلية فبقيت في القاهرة. واجتمع عمر مكرم والمشايخ مع من تبقى من موظفين وضباط عثمانيين، وطلب عمر منهم ترك عاداتهم في النهب والسلب والوقوف مع الشعب في وجه الاحتلال الذي يهدد الجميع، وقرر الاجتماع حفر خندق وبناء استحكامات شمال المدينة حيث يتوقع مجيء الإنجليز، وذهب مكرم مع المشايخ و الأعيان والقاضي إلى بولاق لبدء العمل في الخندق ومعهم حشود العامة المسلحة، وبذل أغنياء الشعب أموالاً كثيرة في العمل ومن الذين شاركوا في هذا العمل الأروام والشوام والأقباط، وكان عمر مكرم على رأس العمل يذهب إليه صبيحة كل يوم، وأعد لنفسه خيمة كان يظل فيها أحياناً طول النهار كما ذكر أحد الشهود الأجانب الذين كانوا هناك وهو “فيليكس مانجا”.
كل هذه الأعمال تمت ومحمد علي في الصعيد يتلكأ في المجيء إلى القاهرة.
بعد نجاح قائد الحملة في احتلال الإسكندرية بسهولة بالغة أقنعه القنصل البريطاني العام ميست أن يحتل رشيد بهدف تأمين الإمدادات الغذائية من داخل مصر عن طريق النيل، وقد اعتقد البريطانيون قياساً على ما جرى في الإسكندرية أن الاستيلاء على رشيد سيكون نزهة سهلة.ولكن حاكم رشيد علي بك السلانكلي كان رجلاً نزيهاً مخلصاً يختلف كل الاختلاف عن حاكم الإسكندرية الفاسد، فقرر المقاومة بقواته التي تقدر بنحو خمسمائة جندي وبالأهالي. ولعله تذكر ما فعله طارق بن زياد حين أحرق السفن فأمر بإبعاد السفن لكيلا يستخدمها أحد في الهروب من المدينة عن طريق النيل!
ثم وضع هذا الحاكم خطة متقنة لاصطياد الإنجليز:
وصل الغزاة إلى رشيد فلم يواجهوا أي مقاومة، ودخلوا المدينة فوجدوا الشوارع فارغة واعتقدوا أن الأهالي خافوا منهم فاعتصموا في بيوتهم، وكان الأهالي بالفعل في بيوتهم ولكن مسلحين ينتظرون إشارة متفقاً عليها، وحين أطلقت الإشارة أخذ الإنجليز على حين غرة وكثير منهم كان قد استلقى في الظل يستجم من عناء السفر، وكانت النتيجة قتل قائد القوة المهاجمة وهو الجنرال ووكوب، وقتل مائة وسبعين جندياً، وجرح مائتين وخمسين وأسر مائة وعشرين، بينما استشهد من أهل رشيد وحاميتها أربعون. وأرسلت هذه الأخبار إلى القاهرة مع الأسرى مما أثلج صدور عمر مكرم والناس هناك طبعاً، أما القنصل المغرور ميست فعلق على المعركة بأن العالم بأسره سيدهش دهشة بالغة حين يسمع أن مدينة مثل رشيد قد استعصت على جيش أوروبي حديث.
ومن البديهي أن تزداد ثقة الشعب بنفسه بعد هذه المعركة، وأن يقرر الإنجليز الانتقام لهزيمتهم، وللانتقام توجهت حملة إنجليزية إلى رشيد مجهزة بالمدافع الثقيلة واحتلت قرية الحماد جنوب رشيد لمنع وصول الإمداد إليها، واحتلت ربوة أبي مندور المطلة على رشيد بهدف ضربها بالمدافع. وعاد أهل رشيد إلى الاستنجاد بعمر مكرم فدعا أهل القاهرة إلى اجتماع عام وقرأ عليهم رسالة الاستنجاد ودعاهم إلى نصرتهم فتطوع كثير من سكان القاهرة المسلحين، وسافروا رغم اعتراض نائب محمد علي الذي كان يريد أن ينتظروا حتى يعود محمد علي من الصعيد ويقرر أمر سفرهم.
وحين بلغت أخبار هزيمة الإنجليز في رشيد محمد علي ارتفعت روحه المعنوية وقرر العودة إلى القاهرة، وكان أول ما فعله بعد عودته أن تصرف مع الزعماء والشعب بكل فوقية وطلب منهم عدم التدخل في الدفاع عن البلد، وقال لهم “ليس على رعية البلد خروج وإنما عليهم المساعدة بالمال لعلائف العسكر” أي على الرعية دفع الأموال للعساكر فقط.
وهذه “الغيرة” من الشعب و إرادة تجريده ليس من السلاح فقط بل تجريده أيضاً من هذه “العادة الضارة” التي بدأ الشعب يتعلمها وهي عادة أن يبادر إلى اتخاذ قراراته بنفسه ويتصرف ككيان حر ذي إرادة وليس كمجرد قطيع من العبيد الذين ينفذون بلا مناقشة أوامر السلطة تشير إلى بدايات الارتداد على منطق وروح تلك الثورة الكبرى عام 1805 التي أوصلته إلى السلطة ولم يكن يحلم بها لولاها!
ومن البديهي أن يغار محمد علي من عمر مكرم الذي كان هو صاحب النفوذ الحقيقي على الناس يأتمرون بأوامره ويكتبون له رسائل النجدة والشكوى من المظالم.
وطلب محمد علي من عمر مكرم ألف كيس لتمويل حملة يريد إرسالها إلى رشيد لمقاتلة البريطانيين فنفذ عمر مكرم هذا الطلب، وآثر ألا يعمل مشكلة مع محمد علي كان من شأنها أن تقوي التحالف الذي كان قد نشأ بين الإنجليز وأمراء المماليك الأقوياء في الصعيد، مما يهدد بانهيار الجبهة الوطنية بأسرها.
وبعث أهل رشيد مرة أخرى استغاثة إلى عمر مكرم لأن الإنجليز كانوا يضربون البلد بالمدافع، وتحركت من القاهرة فرقة ألبانية تتألف من أربعمائة من المشاة وألف وخمسمائة من الفرسان وعدد كبير من أبناء الشعب المصري من دمنهور والبحيرة ورشيد، وقد شارك في القتال تاجران من أهل مكة أنفقا مبالغ طائلة على المحاربين، ودارت معركة كبرى في الحماد قرب رشيد في 21 إبريل 1807 أبلى فيها الشعب بلاء حسناً وأبدى فيها من ضروب البطولة ما أذهل البريطانيين وجعلهم يطلبون الأمان، فرفض العامة هذا الطلب واستمروا في القتال حتى انتهت المعركة بخسارة الإنجليز لألف قتيل وجريح وأسير، وفر ما تبقى منهم إلى الإسكندرية تاركين مدافعهم وأسلحتهم في أرض المعركة.
هذا الموجود الجديد في الفعل السياسي والعسكري الإسلامي: الشعب كان من البديهي أن ينكر دوره من قبل محمد علي وزبانيته، ويعلق المؤرخ الرئيسي لتلك الحقبة الجبرتي قائلاً: “وليت العمة شكروا على ذلك أو نسب إليهم فعل، بل نسب كل ذلك للباشا وعساكره وجوزيت العامة بضد الجزاء بعد ذلك!”
ومن العجيب حقاً أن الجنود الألبان الذين ظلوا في المؤخرة انتهزوا فرصة الحرب لا للالتحاق بها بل لتبرير المزيد من نهب الناس والاستيلاء على أموالهم بدعوى التأهب لصد البريطانيين! بل إن الجنود العثمانيين انتشروا في منطقة رشيد واستباحوها زاعمين أنها دار حرب لأن البريطانيين نزلوا فيها! فخرج نقيب الأشراف في رشيد والتقى مع رؤساء الجنود وقال لهم “أما كفانا ما وقع لنا من الحروب وهدم الدور وكلف العساكر ومساعدتهم ومحاربتنا معهم ومعكم، وما قاسيناه من التعب والسهر وإنفاق المال ونجازى منكم بعدها بهذه الأفاعيل فدعونا نخرج بأولادنا وعيالنا ولا نأخذ معنا شيئاً ونترك لكم البلدة افعلوا بها ما شئتم”
وبهذا نرى بوضوح ما سنراه في التاريخ العربي اللاحق مراراً وتكراراً، ألا وهو أن الهزيمة لا تأتي شعبنا من خارجه وبفضل قوة خصومه وتقصيره هو أو ضعفه، وإنما تأتيه من داخله وبالذات من السلطات الغاشمة التي ابتلى بها، وأهل رشيد لم يفلح العدو الخارجي الإنجليزي في إخراجهم من ديارهم و إنما أفلح في ذلك الجنود العثمانيون! وقد هاجر كثير من أهل رشيد، ولجأت نساء رشيد وأطفالهم إلى القاهرة.
وصرح فريزر لرؤسائه بأن الحملة لا محالة ما كانت لتستطيع الدفاع عما تبقى لها من مواقع في الإسكندرية لو قرر محمد علي أن يشن عليها الهجوم، ولكن محمد علي قرر بدلاً من الهجوم أن يفاوض الإنجليز للجلاء عن الإسكندرية، وأن يستغل وجود الإنجليز أثناء ذلك في نهب ما يستطيعون من الناس بحيث أن الناس كادت أن تصل إلى درجة المجاعة، فلاذت بعمر مكرم فطلب هذا من محمد علي رفع الأتوات التي طلبها من الناس وإيقاف المظالم فكتب هذا “أماناً” لطوائف الشعب، وكانت مفاوضاته مع الإنجليز قد أدت إلى اتفاقية للجلاء وشن حملة إعلامية قوية، مستعيناً ببعض الأعوان وبجهل السلطنة العثمانية وقلة علاقاتها مع شخصيات الشعب المصري المؤثرة ،أدت إلى اقتناع السلطنة بأن محمد علي هو صاحب الفضل الوحيد بإيقاع الهزيمة بالإنجليز.
وفي اعتقادي أن محمد علي كان سيقنع العثمانيين حتى بدون هذه الدعاية أنه هو وحده من هزم الإنجليز لأن العثمانيين لم يكونوا حتى ذلك التاريخ قد سمعوا في حياتهم بأن الشعب وليس الوالي وجنوده المفصولين كلياً عن الناس حتى في اللغة يستطيع أن يقوم بأي دور مستقل أو أي دور على الإطلاق! فمن البديهي وفقاً لهذه المنظومة الفكرية أن لا يهزم الإنجليز إلا وال وجنود ألبان!
وللقارئ أن يقارن بين إخفاق الحملة الإنجليزية حين ووجه بتماسك داخلي وقيادة نزيهة وبين نجاح الهجوم الإنجليزي عام 1881 على عرابي حين دخل الإنجليز بسهولة بسبب التناحر الداخلي وبيع الخديوي بلده للأجنبي للحفاظ على عرشه الهزيل الصوري.

انقلاب محمد علي على الشعب وسبب نجاحه:

كان عمر مكرم قد غدا الشخصية الأولى في مصر رغم أنه غير مملوكي أو ضابط عثماني كما كانت أسباب امتلاك الفرد للنفوذ حتى ذلك العصر. ولم يكن ذلك أيضاً حتى بسبب نسبه الشريف فقد رأينا كيف أسقط الشعب نقيب الأشراف خليل البكري حين انحرف عن قيمه العليا. لقد كان ذلك لأن الشعب رأى فيه بآن واحد العالم والمجاهد المخلص في سبيل تحقيق العدالة وتطبيق ما يقتضيه الشرع وليس ما تقتضيه أهواء المتنفذين الفاسدة. وكانت نزاهة عمر مكرم ونظافة يده مضرب المثل، والزهد في الدنيا يملّك المرء الدنيا! ولنستمع إلى شهادة واحد من أكبر مؤرخي العصر وهو عبد الرحمن الرافعي رحمه الله (في كتابه “عصر محمد علي”-ص83) فيه: “ومن الحق أن نقول إنه لم يكن من بين زعماء الشعب من كان يحسب له حساب كبير مثل السيد عمر مكرم، فإنه الرجل الذي كان يتمثل فيه دائماً تاريخ الثورة، فلم تلن قناته للمنافع والمغريات، ولم تزعزعه الكوارث والتهديدات، وقد ظل يمثل النزاهة والاستقامة حتى آخر نسمة من حياته، وأيده في مسلكه بعض الشيوخ، ولكن أغلبيتهم قد انصرفت إلى أسباب المنافع، والاستكثار من الأموال والضياع والدور والقصور، وأخذوا يقلدون البكوات المماليك في البذخ والرفاهية، فأذلتهم الدنيا، وضعفت نفوسهم أمام سلطة الحاكم ونفوذه”، وهنا سقط زعماء الشعب إذ أن محمد علي اشتراهم بعد أن لم يجاهدوا أنفسهم، ومع أن كثيراً منهم كانت له مواقف بطولية في مواجهة الفرنسيين.
حين فسد العلماء نزلت هيبتهم بين الناس وما عادت لهم كلمة مسموعة، وهذا بالذات ما عمل له محمد علي قصداً إذ لم يكن يستطيع أن يحكم مصر حكماً مطلقاً وهو ما كان يخطط له مادامت العامة تحت قيادة هؤلاء العلماء الذين رفعوه إلى سدة السلطة على شروط أن يعود إليهم ولا يستبد بالأمر دونهم، ومما زاد الطين بلة تحاسدهم وتفرق كلمتهم وهذا نتيجة منطقية لتكالبهم على الدنيا. يقول الجبرتي: “وافتتنوا بالدنيا وهجروا مذاكرة المسائل ومدارسة العلم إلا بمقدار حفظ الناموس مع ترك العمل بالكلية، وصار بيت أحدهم مثل بيت أحد الأمراء، واتخذوا الخدم والمقدمين والأعوان، وأجروا الحبس والتعزير والضرب، وصار ديدنهم واجتماعهم ذكر الأمور الدنيوية والحصص والالتزام وحساب الميري والفائض (…) زيادة عما هو بينهم من التنافر والتحاسد والتحاقد على الرياسة والتفاقم والتكالب على سفاسف الأمور”.
هذه هي النقطة التي بدأ منها التاريخ الاستبدادي لمحمد علي، وحين عم الفساد أوساط العلماء كان السيد عمر مكرم قد عزل عملياً ولم يبق لمحمد علي إلا أن يبعده جسدياً من الساحة.
في عام 1808 فرض محمد علي ضريبة جائرة على أنواع الغذاء، وزاد الأمر سوءاً أن النيل في ذلك العام كان منخفض المنسوب عن عادته فطلب المشايخ من محمد علي أن يلغي بعض الضرائب الجائرة ويرفع المظالم لعل الله يرفق بالعباد ويغيثهم، هنا استطاع محمد علي ان يرد عليهم ويفحمهم: “أنا لست بظالم وحدي، وأنتم أظلم مني” روى الجبرتي هذا الحوار بالتفصيل وفيه ذكّر محمد علي هؤلاء الزعماء بأنه حين أعفاهم من الضرائب لم يعفوا هم الفلاحين!
واستغل محمد علي الفرصة التي جاءته حين طلب منه السلطان الذهاب إلى الحجاز لمحاربة دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب ففرض على العامة مبلغاً هائل،اً ثم انقلب محمد علي على المشايخ فانتزع من أيديهم نظارة الأوقاف .
وقامت فتنة كبيرة في القاهرة عام 1809 حين اعتقلت شرطة محمد علي طالباً أزهرياً كان قريباً لأحد المشايخ، وكانت العامة قد امتلأت غضباً من قبل من جور محمد علي فهاجوا وساروا إلى الأزهر وهنا خرج عمر مكرم من عزلته وطلب من الزعماء أن يوحدوا كلمتهم لإيقاف طغيان محمد علي عند حده، واتفق معهم ألا يذهب أحد منهم إلى محمد علي إلا بعد أن يستجيب لمذكرة جماعية كتبوها يطالبونه فيها بإلغاء الضرائب وإطلاق سراح الطالب الأزهري.
وكانت هذه بلا شك حركة تمرد خطيرة على محمد علي كان من شأنها أن توقفه عند حده بالفعل ولكن محمد علي استغل ما يعرفه من إمكانيات عند كثير من العلماء للتخاذل وشق الصف والسعي إلى المصالح الذاتية على حساب المصالح العامة، وهذا ما دفعه إلى رشوة بعض هؤلاء بأن أوهمهم بأنه سيقربهم هم على حساب الآخرين، وكان ممن شق الصف الشيخ الشرقاوي شيخ الأزهر والشيخان المهدي والدواخلي، وتظاهر محمد علي باحترام هؤلاء وزعم أنه من بين الزعماء لا يحب عمر مكرم فقط، لأنه يعانده ويعارضه ويريد إثارة الفتنة في البلاد.
وأما الرعية وهذه هي النقطة التي أريد من القارئ أن ينتبه إليها ليعرف كيف كان محمد علي يجازي هؤلاء الذين رفعوه إلى سدة الحكم فقال عنهم “ليس لهم عندي إلا السيف والانتقام”!
وما كان من هؤلاء الزعماء إلا أن شاركوا محمد علي في الهجوم على عمر مكرم، وزعموا أنه ليس أكثر من نقيب للأشراف وليس من مشايخ الأزهر، وانساقوا وراء حقدهم على عمر مكرم وحسدهم له دون أن يقدروا أنهم حين يسلمون مكرم لمحمد علي لقمة سائغة فإنما هم يسلمون أنفسهم ويحطمون ما تبقى لهم من هيبة، ويتركون العامة بالتالي بلا موجه ولا ممثل.
هكذا اجتمعت الأسباب التي تمكن محمد علي من إقامة نظام شمولي في مصر ليس فيه من قوة تستطيع أن تقف في وجهه (إذا كان قد حطم قوة المماليك إلى غير رجعة فإنه ما كان ليستطيع أن ينتصر عليهم إذ هم أقوياء بأنفسهم وبالدعم الإنجليزي أيضاً لهم لولا وقوف العامة وقيادتها معه) ولا شك أن البرنامج الاقتصادي والعسكري الذي كان بذهنه كان يتطلب أن يستطيع سلب مال الشعب حتى آخر درهم واستنزاف قوته في أعمال السخرة حتى آخر نقطة عرق والمغامرة العسكرية في الخارج حتى آخر نقطة دم دون أن يلاقي أي معارضة منظمة.
وقام محمد علي بمحاولة أخيرة لرشوة عمر مكرم واستمالته للدخول في ما دخل فيه بقية الزعماء من فساد وبيع للضمير، فعرض عليه أن يرتب له كل يوم كيساً، وأن يقدم له عطاءاً معجلاً قدره ثلاثمائة كيس، فرفض عمر مكرم رفضاً قاطعاً ولم يتزحزح عن موقفه المطالب بإلغاء الضرائب الجائرة ورفع المظالم.
كانت مصر قد بقي عليها من المبالغ التي كانت تدفع للحكومة المركزية العثمانية أربعة آلاف كيس فكتب محمد علي مذكرة للأستانة اختلق فيها أنواعاً من الإنفاق في المرافق العامة كان أهل مصر يعرفون أنها كاذبة لا أصل لها ليبرر عدم الدفع ،وطلب من العلماء شهادة الزور والتوقيع على المذكرة فوقعوا إلا عمر مكرم الذي كان من الواضح أنه قرر فتح المعركة مع محمد علي ولم يعد يستطيع السكوت بحال. وأعلن السيد عمر جهاراً ان محمد علي سارق مدلس، وقال لرسول محمد علي بحسب الجبرتي: “إن وجد من يحاسبه على ما أخذه من القطر المصري من الفرض والمظالم لما وسعته الدفاتر”
وهنا قرر محمد علي أن يعزل عمر مكرم عن نقابة الأشراف، و أن ينفيه ولكنه لكي يضمن لنفسه الشرعية أمام الباب العالي وربما أمام العامة جعل العلماء بالذات هم الذين يحاكمون زعيمهم عمر مكرم ويحكم عليه. فطلب منهم أن يعقدوا له “مجلس شرع”، وأدرك مكرم المؤامرة فلم يحضر المجلس فأصدر محمد علي قراره بعزل مكرم من نقابة الأشراف وتعيين الشيخ السادات مكانه وكان حاضراً في المجلس، ثم أمر بنفيه إلى دمياط.
وودعت العامة زعيمها بكل حزن وصفه الجبرتي: “وشيعه الكثير من المتعممين وغيرهم وهم يتباكون حوله حزناً على فراقه، وكذلك اغتم الناس على سفره وخروجه من مصر لأنه كان ركناً وملجأً ومقصداً للناس، ولتعصبه على نصرة الحق”
ولنذكر في خاتمة هذا الاستعراض لحياة السيد عمر مكرم ما جرى للزعماء من بعد ذلك، فقد وصلوا إلى الحد الأدنى من الأخلاق حتى أنهم لم يترددوا في تنفيذ أمر محمد علي لهم في التوقيع على مذكرة فاجرة مليئة بالأكاذيب والحقائق المقلوبة لتبرير عزل مكرم من نقابة الأشراف اتهم فيها مكرم بعكس صفاته المجمع عليها وهذه المذكرة الفاجرة لعلها تعتبر من أوائل البيانات الفاجرة التي سطرت في العصر العربي الحديث لتشويه سمعة الخصوم السياسيين. وقد وصل الفجور بالمشايخ أن يكتبوا للأستانة أن عمر مكرم سهل للإنجليز احتلال الإسكندرية، وأنه سعى لتدبير انقلاب لإسقاط محمد علي وتولية واحد غيره “وغير ذلك من عبارات عكس القضية وتحقيق الأغراض النفسية” كما قال الجبرتي.
ولنذكر هنا رغم ذلك أن واحداً من علماء القاهرة الكبار وهو مفتي الحنفية أحمد الطحاوي كان من القلة التي ثبتت على الحق، ولم يؤثر فيه لا ترغيب ولا ترهيب، فرفض التوقيع على المذكرة غير آبه بعواقب هذا الموقف، فعزله محمد علي من إفتاء الحنفية بموافقة الزعماء الذين كرهوه بحسب تعبير الجبرتي “كونه تنحى عن الشرور وامتنع من شهادة الزور” فكان رد فعله الوحيد أنه أعاد الخلع التي كانت قد قدمت له عندما تقلد منصب الإفتاء، وأعاد فروة للشيخ الشرقاوي كان الأخير قد ألبسها له، فسبه الشرقاوي وقال “انظروا إلى هذا الخبيث كأنه يجعلني مثل الكلب الذي يعود في قيئه!”
وسقط المشايخ بعد هذا سقوطاً مريعاً من عين محمد علي، ولم يعد يحترمهم أي احترام ولا يقيم لهم أي اعتبار، وفي الحقيقة جلب سلوك هذه المجموعة من العلماء النهاية لنفوذ العلماء في مصر، فمنذ ذاك التاريخ فقدوا دورهم المستقل الذي ما كانوا فقدوه قط حتى في أحلك أوقات الاستبداد والطغيان.
وانتهت حياة بعض كبار المشايخ نهاية غير مشرفة مثل الشيخ محمد المهدي الذي كان قد انصرف لجمع الأموال بأي وسيلة فخذله محمد علي ولم يوله منصب مشيخة الأزهر، وحين مات قال فيه المؤرخ الذي عاصره وهو الجبرتي “رحم الله عبداً زهد في الحياة الفانية وعمل لما بعدها ونظر إلى هذه الدار بعين الاعتبار”
وأما السادات فإنه ما كاد ينتقل إلى جوار ربه حتى صادر محمد علي ثروته، وقال للمشايخ الذين حاولوا أن يتوسطوا “لا يخفاكم أن المتوفى كان طماعاً وجماعاً للمال والخزينة أولى!” وقد هدد محمد علي أرملة السادات بإغراقها في النيل إن لم تقر بكامل التركة.
وكذلك نكب محمد علي واحداً من المتآمرين على السيد عمر مكرم وهو الشيخ الدواخلي فنفاه.
وباختصار يلخص الجبرتي ما جرى لمصر حين خذل زعماؤها عمر مكرم بعبارة دالة “إن السيد عمر كان ظلاً ظليلاً عليهم وعلى أهل البلدة ويدافع ويرافع عنهم وعن غيرهم، ولم تقم لهم بعد خروجه من مصر راية، ولم يزالوا بعده في انحطاط وانخفاض”
ومن المحزن حقاً أن نعرف إلى أي درجة وصل انحطاط هيبة العلماء، وكانت هذه مصيبة عظيمة لعل الأمة لم تزل إلى الآن تعاني آثارها، إذ مصر مركز من مراكز الإسلام وما يحدث فيها يجد صداه في كل عالم الإسلام.
وبعد عشر سنوات من المنفى، وكان خطره قد زال وتثبتت سلطة محمد علي عنَّ لمحمد علي أن يعيده إلى القاهرة، فما كاد النبأ يصل سكان القاهرة حتى شاع فيهم السرور، وأقبلوا عليه زرافات ووحداناً مسلّمين ومهنئين، فخشي الشيخ المريض من أن يثير احتفال الناس به حفيظة محمد علي وغيرته من جديد فاعتكف ولم يجتمع بأحد.
ولكن في عام 1822 بعد أن عم السخط أهل القاهرة من ضرائب جديدة فرضت عليهم لم يتردد محمد علي في أن يعيد نفي عمر مكرم الذي كان قد طعن في السن إلى طنطا خوفاً لا من عمر العجوز الهرم الذي صار بل من خيال نفوذه الهائل الذي كان والذي استند إلى حب الناس واحترامهم ولم يستند إلى البطش والتسلط شأن نفوذه هو، حيث مات بعد قليل في العام ذاته منفيا.


View Original

Global Voices الأصوات العالمية » سوريا: السعودية: لا لجمع التبرعات لسوريا

$
0
0

استعمل علماء دين سعوديون تويتر كمنصة للتعبير عن إحباطهم لمنعهم من جمع التبرعات لسوربا. واستقطب جمع التبرعات للمعارضة السورية بجناحيها السياسي والعسكري زخما حول العالم عبر عديد الجمعيات الخيرية. وتسارع أيضا نسق جمع التبرعات منذ مجزرة الحولة. قررت السلطات السعودية في الوقت نفسه منع جمع التبرعات لسوريا. كثفت الكويت من ناحية أخرى جهود جمع التبرعات. غرّد دعاة إسلاميون سعوديون حول منع جمع التبرعات لسوريا وعبّر مواطنو الإنترنت عن غضبهم من الخطوة المفاجئة.

شيوخ سعوديون يمنعون جمع التبرعات لسوريا

ملصق جمع التبرعات في العربية السعودية يُظهر الأرقام المحلية للجنة نصرة سوريا

طُلب رسميا من أعضاء لجنة العلماء لنصرة سوريا جميعا من قبل السلطات أن يوقفوا جهودهم لجمع التبرعات لسوريا. غرد الداعية السعودي محمد العريفي:

@MohamadAlarefe: خرجت الآن من إمارة الرياض قضيت ساعتين وقّعت بعدها تعهداً بعدم جمع التبرعات لسوريا.. أرجو ممن عزم المجيء لجامع البواردي للتبرع ألا يكلف نفسه

روى علي بادحدح قصته الخاصة به:

@AliBadahdah: تم استدعائي من قبل مكتب مدير شرطة منطقة مكة المكرمة وأبلغوني بورود برقية من الأمارة بطلب التعهد بعدم استقبال التبرعات وقد تم امتثالا للتوجيه

حسن الحميد قال:

@halhomaid: تم استدعائي للمباحث بشأن تبرعات سوريا

الفيديو التالي من arrrkd يظهر شهادات من مختلف الدعاة الإسلاميين العرب حول حملة جمع التبرعات لسوريا:

ردود فعل مواطني الإنترنت على المنع
غرد عبد الرحمن الراشد:

@ARalabdullatif: الهجوم على الدعاة الذين تقدموا بمبادرة جمع التبرعات للشعب السوري متوقع .حملة للشماتة ولاهداف غير بريئة .ولا يصح الا الصحيح, والزمن كشاف !

غرد الشيخ السعودي عبد العزيز الطريفي دعمه للثوار السوريين قائلا:

@abdulaziztarefe: نصرة المُستضعفين في سوريا واجب أمة قبل أن يكون واجب دولة. قال النبي لمظلوم مغلوب: (استعن عليه بمن حولك من المسلمين.. استعن عليه بالسلطان)

غرد يوسف الهاجري:

@ABO3ADL:لما أصابت الزلازل بلاد الكفار تسابقت الأموال لهم وتراق دماء أطفال المسلمين فتمنع الأموال لإنقاذهم تبا لكم ‎‫#مجزرة_الحولة‬‏ ‎‫#منع_التبرعات‬‏

أضاف محمد الحذيف في نبرة عصيان

@mohmd_alhodaif: #منع_التبرعات‬‏ يمنعون التبرعات،أو يسمحون بها، ستصل ل(أهلها).مايحدث في سوريا تحركه يد الله. إرادته سبحانه تشاء،أن الأمة،وليس روسيا،تصنع الحدث

رد الكاتب المصري فاضل سليمان على قرار المنع غاضبا:

@FadelSoliman: إن لم تهبوا لنجدة أطفال الشام بأنفسكم فعلى الأقل لا تمنعوا تسليح المقاومة وإطعام اللاجئين يا نساء بعمائم ولحى. ‎‫#منع_التبرعات‬

غرد محمد الهاجري:

@moha1976: جاءتني خادمتي سيلانية مسلمة بدينارين ونصف تتبرع بها لسوريا أحسست بعزة الاسلام وتمنيت أن الزعماءوالتجار يملكون غيرتها على دينها ‎‫#اغيثوا_سوريا‬‏

شجع الداعية الإسلامي السعودي سلمان العودة الناس ليتبرعوا:

@salman_alodah: لكل من يرغب بدعم الجيش السوري الحر.. العطشان يكسر الحوض! ‎‫#سوريا‬‏ ‎‫#الشعب_يريد_تسليح_الجيش_الحر‬‏ ‎‫#ماذا_نفعل_لسوريا‬‏ ‎‫#مجزرة_الحولة‬‏ ‎‫#منع_التبرعات‬‏

شرح في ذات الوقت الصحفي حسن حسن السبب الحقيقي وراء المنع:

@hhasan140: #Saudi‬ banned ‪#Syria‬ fundraiser for 2 reasons: campaign organised by clerics; who said no need to wait for states, there're “ways” to help.

منعت السعودية المتبرع لسوريا لسببين: حملة منظمة من قبل شيوخ الدين الذين قالوا لا حاجة لانتظار الدول، هناك “طرق” للمساعدة.

View Original

عشوائيات ..: التدوينة الرابعة: قابيل وهابيل وليليت – هروب ليليت إلى آدم – نهاية ليليت

$
0
0

“سلسلة تدويناات – ليليت بعد هروبها من الجنة (تتمة الأسطورة)”

(4)

قابيل وهابيل وليليت

فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ “.. (1)
حاولت ليليت أن تغوي هابيل لكنه لم يرغب بها، فوصل إلى غارها ورأى أدوليت النائمة، اقترب منها وجلس بجوارها وأخذ ينظر إليها بصمت هائماً بجمالها الذي لم يره في بنات أمه حواء، رأته ليليت وأخذت ترمي عليه الحجارة لتطرده من غارها فأدمته، وأيقظت أدوليت التي أشفقت عليه وحاولت أن ترد عنه حجار أمها، فتوقفت ليليت عن إلقاء الحجارة كي لا تؤذي ابنتها، وأمسكت بحجر مسنون وأرادت أن تطعن به قلب هابيل فأمسكتها أدوليت ورجتها ألا تفعل ذلك، فاستطاع هابيل الهروب من الموت بفضل أدوليت…..
فهمت ليليت بأن ابنتها قد وقعت في غرام هابيل بعد أن لاحظت غيابها عن الغار كثيراً، تلمحها قادمة كلما لمحت هابيل في الجوار، سمع قابيل بأن هابيل يقابل أدوليت وقد نجح في رؤيتها بينما هو لم يفلح وقد سحرته غواية ليليت، كل هذا حدث وإبليس يفكر بأدوليت الأنثى الكاملة التي ينشد الاستمرار من خلالها، فما كان عليه سوى أن يوسوس لقابيل “أن اقتل أخاك” .. فيتخلص منه وهذا ما حصل، قتل قابيل أخاه هابيل ثم قدم إبليس إلى الغار الذي تقطنه ليليت ليخطف أدوليت… حاولت ليليت الهرب بابنتها منه وقد عرفت من آدم بأن إبليس هو العدو الأول لها ولأبناء جنسها من البشر….

هروب ليليت إلى آدم

“هناك يتملَّق الشيطان كي يخدع، يبتسِم كي يصنع شراً، يغوي كي يقتُل” ..(2).

هربت ليليت بابنتها إلى آدم لتخبره بما ينوي عليه إبليس فباتت في غار آدم تلك الليلة خوفاً على أدوليت، تلبّس إبليس بهيئة أفعى سوداء، ودخل إلى حيث كانت ليليت وآدم نائمين وزحف إلى أدوليت النائمة وحدها، والتف حولها خانقاً صوتها، زاحفاً بها إلى خارج الغار، أحست ليليت على الحركة المريبة فرأت الأفعى تجر ابنتها خارجة من الغار حاولت أن تمسكها إلا أن الأفعى لدغتها، لتشعر باللدغة نيران تشق جسدها وصولاً إلى أحشائها، ليبقى مكان اللدغة إصابة كالحرق صارت تنتقل لتنتشر بقعاً من حروق في كل جسدها…..
يقال أن إبليس صار يجامع أدوليت بوضعية السجود انتقاما من آدم، كما يقال بأن أدوليت أنجبت منه “إبليت” (3) والذي انحدر الشر من إبليس إلى البشرية من خلاله …..

نهاية ليليت

“وفي قصة أخرى تقول أن الرب عاقب امرأة بالزنا وهيج عليها عشاقها: ” قال السّيّد الرّب: ها أنذا أهيج عليك عشاقك ينزعون عنك ثيابك… ويتركونك عريانة وعارية، فتنكشف عورة زناك ورذيلتك وزناك “. .. (4)
فقدت ليليت صوابها وانتشرت على جسدها حروق إثر لدغة الأفعى –إبليس-، وصارت ليليت تخطف أطفال حواء وتقتلهم لاعتقادها بأن حواء هي التي أطلقت الأفعى لتخطف ابنتها، وصارت تغوي الرجال من أبناء آدم رغم قبحها ثم تجامعهم حيث جامعت آدم لآخر مرة حين خُطفت أدوليت ظناً منها بأنها قد تنجبها من جديد…….

 

 

 

النهاية

_________________________________________________________

(1)     …….. سورة المائدة الآية (30).

(2)     …….. نصائح للعذارى من القديس كيبريانوس- كتاب البتولية في فكر الآباء- أنظون فهمي جورج

(3)     …….. إبليت نسبة إلى إبليس وليليت، من وحي خيال الكاتب وما يقال عن إبليس وأدوليت أيضا من وحي خيال الكاتب وغير مذكور في أسطورة ليليت.

(4)     …….. (حزقيال23: 22) أحد أسفار العهد القديم وعرف في الإسلام بـ ” ذي الكفل”



View Original

مدونة ناسداك: تأمين العسكريين فرصة ذهبية تهرب منها الشركات

$
0
0
USAA شركة تأمين أمريكية جديدة تفوق عملياتها ٦ مليار دولار سنويا ويصل عدد فروعها إلى ٣٠ ، وذلك رغم عدم اعتمادها على حملات الدعاية أو مندوبي التسويق بدرجة كبيرة، ورغم حداثة عهدها بسوق التأمين. سر نجاح تلك المؤسسة هو استراتيجية توسيع امتيازات العملاء. فبعد أن حددت المؤسسة شريحة العملاء التي تتعامل معها وهي ضباط وأفراد [...]
View Original

المُندسّة السورية: التوأم بغداد والشام

$
0
0

أخوتي أحبتي في أرض الثورة
في ارض العز والكرامة في ارض الرفعة والشهامة
في ارض النصر والشهادة
أقدم لكم هذا العمل البسيط أمام بطولاتكم
اقدمه عله ينال منكم الرضى والقبول
اقدمه وقد ضاق الحال واشتدت الوحشية علينا
وتكالب الناس من حولنا وخذلنا من خذلنا
ولكن ما اعتمادنا ولا توكلنا الا على الله
فالنصر من عنده وحده وهو القاهر والقادر
اسمية هذا العمل التوئم بغداد والشام
لأننا اليوم بتنا نعرف ونفهم ماذا جرى بالعراق والذي هو مشابه لما يجري بارضنا الحبيبة
سورية

التوئم بغداد والشام
رحماك ربي رحماك
رحماك لانبغي ربا سواك
يا خالقنا يا رزاقنا يا حافظنا ممن عاداك
فكرت ونظرت ماذا أقول فيك
تأملت تحيرت بماذا أرثيك
أأقول فيك خطبة عصماء ترضيك؟
فأنا عربي فصيح اللسان أرضيك
أأقول فيك نثرأ بليغا عله يشفيك؟
ماذا أقول….ماذا أقول….يابلدي
ياشام ياعروس المجد كما وصفك الشعراء
ياشام يا خليلة بغداد في الكبرياء
بغداد عانت قبلك أشد البلاء
واليوم تصلى ارضنا فيكي بالعناء
ياشام يا بغداد يا موطن الخلفاء
اعطيت كل واحدة منكم عين للبكاء
بغداد يا عاشقت الأحزان والآلام والدماء
إبكي اليوم على الشام وأسترحمي لها رب السماء
ماذا أقول….ماذا أقول….يابلدي
بغداد أين العباس أين الحجاج أين صدام
أين رجالك الابطال يقوموا لنصرة الشام
فإن عدونا غبي أحمق لا يفقه بالكلام
ألم يصل صوت المسجد الأموي لبغداد فيسمع كل الأنام
ألم ترى المأذنة الملوية في سامراء منظر الظلام
بغداد وقفت على جبل قاسيون وأقرأتك منه السلام
لاتردي سلامي خائبا فأنت موطن الكرام
حضنت الشام في قلبي وبغداد في عيني التي لاتنام
ماذا أقول….ماذا أقول….يابلدي
بغداد أتذكرين المغول والتتار إذ دخلوا أرضكي الأبية
أتذكرين كيف قتلوا الطفل في رحم أمه الضعيفة
أتذكرين كيف جمعوا رجالكي وشبابكي وقتلوهم بهمجية
أتذكرين كيف أحرقوا علومكي ودمروا حضارتك الفريدة
أتذكرين حين جرى دجلة مزرقا بحبر كتبك الغنية
هذه القصص اليوم باتت في سوريا مروية
نرددها بكل شوراعنا ونحكيها قصة شعبية
هنا قتلوا هنا دمروا هنا اغتصبوا هنا كانت اليد الوحشية
ماذا أقول….ماذا أقول….يابلدي
بغداد إن كان فيكي ابن العلقمي
فتعالي اليوم وانظري الكلاب التي تعوي
يصفقون للدجال زورا واعناق له تهوي
سحقا….تبا لكم يا كلاب باتت على جثث الاطفال تغني
أيامن بعتم كرامتكم ودينكم وعرضكم عبودية لذلك الكرسي
سيلعنكم الكبار والصغار والجماد حتى الحيتان في البحر
لست أنا من قال ذلك بل حدث به الصادق عن ربي
ماذا أقول….ماذا أقول….يابلدي
بغداد يا توئم الروح يا مهجة القلب ياأم الاحزان
ألم يصفدوكي بالاغلال غيلة وغدرا ويسلموكي للأمريكان
ألم ينهبوا خيراتكي ويسرقوا ثرواتكي ويسكتوا فيكي كل لسان
ألم يقيموا فيكي أقاليم مجزأة مبعثرة في كل مكان
ألم يجعلوا فيكي طائفية مزروعة مدسوسة من عبدة الاوثان
كل ذلك والله وتالله أذاقونا اياه منذ قديم الزمان
سقونا كلام البعث مرا مقيتا لا يقبله إنسان
أسكتونا بكذب الممانعة والصمود وأن لنا أرضا سليبة في الجولان
أأخبركم بقصة أرضنا في الجولان؟؟؟؟؟
أرجعوا فأقرأوا البلاغ 66 ومافيه من تبيان
ماذا أقول….ماذا أقول….يابلدي
أصيح في بغداد فتتردد في الشام الاصوات
ويجري بردى بمجراه فيصب في نهر الفرات
إنها الشام إنها بغداد لاتفصل بينهما الخطوات
إنها الشام أنها بغداد أغنيتي في كل السهرات
ياااشام يااابغداد لاتحزنوا إنها بضع لحظات
قصوا علينا قصصكم في موجز النشرات
وأتبعوها بأفلام ورقصات وحفنة ترهات
أحسبوا أن ننساكم أم ظنوا أننا مثلهم أموات
ماذا أقول….ماذا أقول….يابلدي
سأقول لكي كلمة واحدة وااااااحدة إننا صامدون صامدون
وأقول لهم كلمة واحدة وااااااااحدة إنهم زائلون زائلون
سنبني حضارتنا ونعيد كرامتنا إننا قااادمون قااااااااادمون
إن أسكتم أصواتنا فالطفل في الرحم لن يهوووووون
سنخلعكم من جذوركم ونزرع مكانكم شجرة الزيتون
لن ينسى التاريخ شهدائنا فإنهم خالدوون
ولن يرحم التاريخ ذكركم فإنكم ساقطون
أبشري يا شام ابشري يابغداد فإننا على العهد ماضوون
هذا كل ما سأقول….هذا كل ما سأقول…..يا بلدي

الأخ : أبو عبد الملك الحلبي


View Original

Levantine Dreamhouse: Syria: Mourning in SIlence

$
0
0


One memorable photograph of  my visit to Syria in 2008, is the stunning panoramic view of Salaheddine's fortress, the castle that always tickled my childhood imagination as we drove up from Lattakia to my grandfather's modest summer house in Slenfeh.  I took the photograph from the ridge across the valley from the fortress at the edge of the town of Haffeh.  I remember it then as an ordinary, modest mountain town. Slenfeh, in turn has become unrecognizable.  With its swanky villas and a presidential retreat -the former villa of the French governor of Lattakia- it has become the summer playground of Syria's elite. Little did I know what awaited the people of Haffeh four years later. While the stench of death and destruction now fills the air in Haffeh, it is safe to say that the air in Slenfeh remains fresh and the villas untouched..


I have not written much lately because I find little left to say that has not been said before.  How many ways can one express outrage and disgust at the escalating barbarity of the regime? how many ways can one express sorrow and sadness at the loss of life and despair at the enormity of the physical destruction and destruction of whole communities? So I mourn, get outraged and despair in silence. Mixed in with the sorrow I am also brimming with pride at the unbelievable courage, tenacity and intelligence of the young Syrian peaceful civic activists whose work is overshadowed by the macabre carnival of violence and destruction put on by the Assad regime.  When the regime makes its final exit, as it surely will, I want these activists to have a major influence over the shape of the new Syria.

Waiting for the upcoming demise of the Assad dynasty is proving to be excruciatingly painful. Not only is the regime's fight to the death self-destructive, their incitement of sectarian hatred spells disaster for their own Alawite community.  The word civil war has been tossed around and rejected by regime and opposition.  The reality is that if it is not already, a couple more Houla-like massacres and we are there.  The depravity of violence is starting to remind me of Beirut in 1975.  The breakdown of law and order rests squarely on the shoulders of the regime.  From the very beginning of the uprising their use of the Shabiha to create havoc among the population offered them deniability all the while conveniently blaming foreign armed terrorists.  But as the government loses control to territory, regime violence could be replaced by other types of violence. While I trust army deserters to maintain some discipline among their ranks,  there will certainly be armed criminal as well as armed freelancers with grudges and no scruples who will behave as despicably as the Shabiha.  When this starts to happen on a large scale, then we got ourselves a civil war.

Whether Syria descends into civil war depends on how long the conflict continues before the Assad regime is  toppled.  The Assad regime bares full responsibility for this eventuality for they are the only ones who could, if they chose to, organize an orderly transition of power.  Delaying this eventuality by sustaining the regime are their enablers, Russia, China and those leftists, Arab and otherwise, who believe that regime's claim to the mantle of "resistance" somehow excuses their slaughter of their own people.


View Original

Intidar Blog: Тоталитаризъм му е майката!

$
0
0
  “Ако смятате, че имам някакво влияние, за да мога да наложа определена политика на съдебната система, българските граждани щяха да бъдат много по-удовлетворени от съдебната система.”"Ако сме искали да имаме такова влияние, щяхме да го направим, каза още той в студиото на Би Ти Ви.” (цитирано от Vesti.bg) След като се похвали, че ресорът му …

Continue reading »


View Original

Ardroid | أردرويد: Sharp تطرح Feel UX: واجهتها الجديدة كلياً لأندرويد

$
0
0
sharp-feel-ux

 

في الحين الذي لا تمتلك فيه شارب سوقاً يذكر خارج اليابان بالنسبة لهواتفها الذكية، إلا أنها تمتلك شهرة لا بأس بها داخل اليابان، ويبدو بأنها هواتفها السابقة بنظام أندرويد قد شهدت نجاحاً جيداً دعاها إلى التفكير بتطوير واجهة خاصة بها وجديدة كلياً وذلك عبر التعاون مع شركة تصميم تدعى Frog لتطوير واجهة Feel UX التي طرحت فيها بعض الأفكار الجديدة.

ووصفت الشركة واجهتها الجديدة بأنها تقدم تجربة جديدة للهواتف الذكية، سهلة الاستخدام، قابلة للتخصيص بشكل كبير، ورائعة من الناحية البصرية.

وتستغني واجهة Feel UX عن واجهات أندرويد التقليدية وتلغيها بشكل كامل، وتضع عوضاً عنها ثلاث شاشات رئيسية فقط على شكل تبويبات، يتخصص كل تبويب بنوع معين من المحتوى: التطبيقات، الويدجتس، والاختصارات.

وتقدم الواجهة الجديدة شاشة قفل قابلة للتخصيص مع مجموعة جديدة من الويدجتس وطرق متعددة لترتيب الاختصارات والتطبيقات وجمعها في مجلدات. الفيديو التالي يعبر بشكل أفضل عن إمكانيات الواجهة الجديدة:

Click here to view the embedded video.

بالتأكيد طرحت الواجهة بعض الأفكار الجميلة، لكن هل تتفوق برأيك على واجهات مثل HTC Sense و Samsung TouchWiz أو غيرها من الواجهات المخصصة؟ والأهم هل تتفوق على واجهات الآيس كريم ساندوتش الأصلية من حيث الجمال أو الفاعلية؟ دعنا نسمع رأيك.

[Android and Me]


View Original

المُندسّة السورية: ثـــورة مصــر و ثـــورة الشــام

$
0
0


بســـم الله الرحمن الرحيـــم

هلأ انا مخلوقة .. بكل عرس إلي قرص … معلش تحملوني .. بس ما بقدر أسكت .. و بدي قول رأيي … انا بنت ثورة الكرامة .. و بالتالي تعلمت إني قول الحق بدون مجاملات ..
هلأ أول شي بدي بارك للشعب المصري … اخوتنا و توأم شامنا التاريخي … بس بدي باركلن على الخلاص من شفيق .. مو على فوز مرسي …
مو نقدا لمرسي لذاتو .. الزلمة ما بعرف عنو شي .. بجوز يكون احسن مني …
بس انا حاسة اني صار متل ما كنت متوقعة …
بمصر … المجلس العسكري و من وراه الغرب …. عمل بعبعة اعلامية ترهيبية للشعب المصري … اولها .. محاكمة مبارك … لما حكمو البعض براءة .. و ما عدموه … و ما عدمو ولاده … و بعدا المحكمة بمصر تبع الانتخابات أسقطت شرعية البرلمان .. و انحل البرلمان … و بلشو الناس يشوفو كوابيس اني النظام المصري رح يرجع …
انا برايي اني كل هاد مصطنع … لدفع الناس للحالة التالية … لما ينجح مرسي … يحسو اني هنن انجزوووووو كل الي كانو بيحلمو فيه … و يحسو اني خلصو من الكابوس العظيم … و اني خلص. .. كل مطالبن تحققت و اني الحمدلله خلصنا من شبح النظام … و هكذا ..
و هيك الشعب بيهدا .. و بحس بحالة رضا على وصوله لحد معين .. و بتكون الأمور عبتندار من ورا الكواليس بنفس الطريقة دون تغيير اي شيء …
نحنا بثورة الكرامة … عمنتعرض لمجاز و تأمر دولي كامل داعم للنظام … لأني ما عمننزل عن سقف مطالبنا .. و لأني الشعب السوري بغالبو متوعي و مسيس و ميبس راس عند مطالبو الوطنية … بدو يبيد النظام عن بكرة ابيه .. و يمحي اثر رموزه من الوجود .. و بدو سوريا دولة حرة سيدة مستقلة تبني نفسها حتى تصير جاهزة شعبا و اقتصادا و قوة لتحرير جولانها بالمرحلة التالية .. و رموز ثورتنا بصرحو بالعداء و التوعد للعدو بكل اشكاله .. على عكس شفيق مصر .. و عمرو موسى مصر .. و اخوان مصر .. و غيرن .. و هاد الي محترملي كامب ديفيد .. و هاد محترم ضخ الغاز .. و هاد ربي يسررر ..
و كل هاد ما ممكن نقبلو بحال لو كنا نحنا اهل مصر .. و بدعي اخوتنا من المصريين اني ما يقبلوه …
بقلن مبروك مبدئيا … بس بقلن اذا وقفتو هون .. فانتو ما انجزتو شي .. و رح تروحو ثورتكن بداهية .. و الثورة المصرية الحقيقية مهمة لوحدة الأمة على طريق النصر الشامل … هي الثورات مو ثورات معيشية … هي ثورات متل الي عملها عماد الدين زنكي .. و نور الدين زنكي … و صلاح الدين الأيوبي .. و قادتهن بالأخير لتويحد مصـــر و الشــام … و اخرا تحرير بيت المقدس … حطو ببالكن هالشي … هي مفاصل لتاريخ أمتنا و الله أكبــــــر


View Original
Viewing all 18262 articles
Browse latest View live